رحمات من ربي، بعض من تجارب حياتي
مرسل: الثلاثاء 19-3-2013 12:50 pm
السلام عليكم
هذه إحدى تجاربي حاولت أن انقلها لكم، اقتربت من بعض تفاصيلها كثيرا واختزلت بعضها تارة أخرى وسلطت الضوء على بعضها حينا وابتعدت عنها أخرى بما يخدم هذه التجربة، أرجو أن يتسع وقتكم لي مع شكري الجزيل
حينها أبت فتوة الشباب أن استقبل برد الشتاء بما يليق فضربني سعالا خلته بسيطا ورفضت الخضوع لنداء الراحة، لكنه سرعان ماتسلل إلى جوفي وأقعدني.. عفوا لم يقعدني بل طرحني في الفراش وصرعتني الآلام في كل جسدي الذي غدا واهنا، مما اضطر زوجي أن يستدعي لي الطبيب والذي قال لي بلهجة جديه "حالتك أقرب إلى الخطورة لكنك تستطيعين الشفاء، لديك التهاب حاد وسوف يستغرقك هذا المرض عدة أسابيع لتتعافي إن شاء الله تعالى، ووصف لي الكثير من الادويه ومسكنات الآلام، فهجرت غرفة نومي واتخذت من أريكة الصالة مكانا لي، وقتها كان صغاري يستعدون لدخول امتحانات الفصل الأول ولم أكن عونا لهم في المذاكرة كما اعتدنا،لكنني كنت مطمئنه من تفوقهم في الدراسة.
وينتهي الأسبوع الأول ويعقبه أسبوع آخر مؤلما، بطيئا، ورتيبا لم أكن أحس بطعم الأيام وإنا ملقاة على الاريكه، أصحو لاتعاطى الدواء مع الكثير من الألم وأعود للنوم، كنت أحس بحنين جارف لأهلي، أحبتي ووطني،وكم كنت أتخيلهم حولي وكف أمي الشافية على جبيني وأخواتي يلاطفنني وأخوتي يلقون الدعابات التي تخفف من مرضي كما كانوا يفعلون دائما و.. وأصحو فأجد نفسي وحيدة مع مرضي وآلامي والسعال الحاد كالعاصفة يقتلع أحشائي، فيزداد حزني ولكني لم أكن لأقوى حتى على البكاء،ولم يكن في استطاعتي حينها سوى أن أغمض عيني وأستمد القوة من ربي، ومر أسبوع آخر وأسبوع آخر وحالتي تتحسن وتعود لتسوء من جديد، وكنت حال وحدتي أدعو بنفس واهنه،وأقول الهي من لي غيرك، وجاء أسبوع امتحانات الفصل الأول، كان زوجي قد بدأ مشروعا جديدا ولذا كان يناولني الدواء " سيعودون بعد اقل من ساعتين فحاولي أن تنامي" يقول لي ذلك حين يهم بالخروج وحين يعودون إلى البيت كانت صغيرتي تجلب كتبها وتجلس بقربي و تحاول أن تدرس بصمت لكي لا تزعجني وكلما صحوت أراها تمد يدها بقطع الفاكهة وغيرها وتلقمني إياها، تتكلم معي بهدوء، ولم يكن ولدي يثير الضجيج في البيت كما أعتاد، يجلسان بصمت يراقبان ويرقبان تحسن صحتي. في أحدى الأيام شكوت لابنتي غربتي ووحدتي في مرضي وشوقي لأهلي فدنت مني ووضعت راسي على حجرها الصغير وقالت لي أنت تنامين الآن في حجر أمك، منذ ذلك اليوم يناديها قلبي أمي الصغيرة.
في اليوم الاخير من امتحانهم ناولني زوجي الدواء وقال حاولي إن تنامي فسيعودون بعد اقل من ساعتين وما إن أغلق الباب وذهب، ناديت بصوت ضعيف الهي إنا احتاج أمي وأهلي خذني هناك يارحيم فرأيتني أسير في شارعنا وادخل إلى بيتنا،استقبلتني حديقتنا الجميلة دخلت إلى الصالة وطالعتني صورة والدي رحمه الله تزين الحائط وتنعش قلبي ، ساعة الحائط الكبيرة تلك قديمه هي قدم أيامي،هذه أمي تزين طاولة الطعام بالحلويات العراقية الجميلة ورائحة الهال وماء الورد تعطر البيت، مازال وجهها مشرقا مثل صباحات وطني،وكما اعتدت مشيت على السجاد الذي كانت أمي تملأ به أرجاء البيت، أخوتي يجلسون في غرفة المعيشة تعلو أصواتهم أحيانا وتخفت، يتضاحكون أحيانا ويتناقشون أخرى، أخواتي يحملن إطباق الطعام فتتزاحم طاولة الطعام بالإطباق الشهية وبألفة الأحبة، خرجت اجري في الشارع بفرح، مشيت في شوارع بغدادي الجميلة كان الربيع ومهرجان الزهور يعلن عن نفسه فوق ياقات الفتيات والرجال ورأيت القداح ينام مطمئنا على سياج البيوت ثم شممت رائحته ، في تلك اللحظة وصل أولادي إلى البيت، فصحوت ورائحة القداح تملاني فقلت بصوت ضعيف إنا أشم رائحة القداح، إنني أشمها حقا، فعلا وجهيهما الاستغراب وقالت لي ابنتي أنت هنا ياامي ولا رائحة للقداح في البيت أرجوك أن تهدأي، لكنني رددت هذه الجملة عدة مرات، قمت من فراشي ومشيت خطوتين تهلل وجهيهما فرحا وقالا أمي أنت تسيرين لوحدك، فركعت لله شاكرة رحمته بي،وبعدها خفت عني حدة المرض وبدأت أتعافى، واقسم إنني حقا كنت أجول في البيت وأتجول في شارعنا وأنني حقا شممت رائحة القداح، ولذا أدركت أن رحمات ربي كانت اكبر من إدراكي فجهلي هو الذي أمرضني لكن رحمة الله سبحانه وتعالى هي التي أخرجت من صغيرتي أجمل ما فيها حتى أصبحت أما لي في شدتي ورحمته في أن فتح لي بابا للحياة حين نقلني إلى بيتي ووطني وحينها تحقق لي الطريق إلى الشفاء.
أليست هذه كلها رحمات من ربي الكريم، أليس الأمل برحمة الله سبحانه وتعالى اكبر وأعظم من كل أمل، قد يفسر البعض ماحصل لي بأنه وهم أو خداع للنفس أو غير ذلك لكنني أقول حتى لو كان هذا صحيحا فانه لم يحصل إلا بمشيئة الله وإرادته التي أرادت لي الحياة فكانت رحماته قطرات من المطر أنعشت نفسي وأعادتني إلى الحياة من جديد.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
والسلام عليكم
هذه إحدى تجاربي حاولت أن انقلها لكم، اقتربت من بعض تفاصيلها كثيرا واختزلت بعضها تارة أخرى وسلطت الضوء على بعضها حينا وابتعدت عنها أخرى بما يخدم هذه التجربة، أرجو أن يتسع وقتكم لي مع شكري الجزيل
حينها أبت فتوة الشباب أن استقبل برد الشتاء بما يليق فضربني سعالا خلته بسيطا ورفضت الخضوع لنداء الراحة، لكنه سرعان ماتسلل إلى جوفي وأقعدني.. عفوا لم يقعدني بل طرحني في الفراش وصرعتني الآلام في كل جسدي الذي غدا واهنا، مما اضطر زوجي أن يستدعي لي الطبيب والذي قال لي بلهجة جديه "حالتك أقرب إلى الخطورة لكنك تستطيعين الشفاء، لديك التهاب حاد وسوف يستغرقك هذا المرض عدة أسابيع لتتعافي إن شاء الله تعالى، ووصف لي الكثير من الادويه ومسكنات الآلام، فهجرت غرفة نومي واتخذت من أريكة الصالة مكانا لي، وقتها كان صغاري يستعدون لدخول امتحانات الفصل الأول ولم أكن عونا لهم في المذاكرة كما اعتدنا،لكنني كنت مطمئنه من تفوقهم في الدراسة.
وينتهي الأسبوع الأول ويعقبه أسبوع آخر مؤلما، بطيئا، ورتيبا لم أكن أحس بطعم الأيام وإنا ملقاة على الاريكه، أصحو لاتعاطى الدواء مع الكثير من الألم وأعود للنوم، كنت أحس بحنين جارف لأهلي، أحبتي ووطني،وكم كنت أتخيلهم حولي وكف أمي الشافية على جبيني وأخواتي يلاطفنني وأخوتي يلقون الدعابات التي تخفف من مرضي كما كانوا يفعلون دائما و.. وأصحو فأجد نفسي وحيدة مع مرضي وآلامي والسعال الحاد كالعاصفة يقتلع أحشائي، فيزداد حزني ولكني لم أكن لأقوى حتى على البكاء،ولم يكن في استطاعتي حينها سوى أن أغمض عيني وأستمد القوة من ربي، ومر أسبوع آخر وأسبوع آخر وحالتي تتحسن وتعود لتسوء من جديد، وكنت حال وحدتي أدعو بنفس واهنه،وأقول الهي من لي غيرك، وجاء أسبوع امتحانات الفصل الأول، كان زوجي قد بدأ مشروعا جديدا ولذا كان يناولني الدواء " سيعودون بعد اقل من ساعتين فحاولي أن تنامي" يقول لي ذلك حين يهم بالخروج وحين يعودون إلى البيت كانت صغيرتي تجلب كتبها وتجلس بقربي و تحاول أن تدرس بصمت لكي لا تزعجني وكلما صحوت أراها تمد يدها بقطع الفاكهة وغيرها وتلقمني إياها، تتكلم معي بهدوء، ولم يكن ولدي يثير الضجيج في البيت كما أعتاد، يجلسان بصمت يراقبان ويرقبان تحسن صحتي. في أحدى الأيام شكوت لابنتي غربتي ووحدتي في مرضي وشوقي لأهلي فدنت مني ووضعت راسي على حجرها الصغير وقالت لي أنت تنامين الآن في حجر أمك، منذ ذلك اليوم يناديها قلبي أمي الصغيرة.
في اليوم الاخير من امتحانهم ناولني زوجي الدواء وقال حاولي إن تنامي فسيعودون بعد اقل من ساعتين وما إن أغلق الباب وذهب، ناديت بصوت ضعيف الهي إنا احتاج أمي وأهلي خذني هناك يارحيم فرأيتني أسير في شارعنا وادخل إلى بيتنا،استقبلتني حديقتنا الجميلة دخلت إلى الصالة وطالعتني صورة والدي رحمه الله تزين الحائط وتنعش قلبي ، ساعة الحائط الكبيرة تلك قديمه هي قدم أيامي،هذه أمي تزين طاولة الطعام بالحلويات العراقية الجميلة ورائحة الهال وماء الورد تعطر البيت، مازال وجهها مشرقا مثل صباحات وطني،وكما اعتدت مشيت على السجاد الذي كانت أمي تملأ به أرجاء البيت، أخوتي يجلسون في غرفة المعيشة تعلو أصواتهم أحيانا وتخفت، يتضاحكون أحيانا ويتناقشون أخرى، أخواتي يحملن إطباق الطعام فتتزاحم طاولة الطعام بالإطباق الشهية وبألفة الأحبة، خرجت اجري في الشارع بفرح، مشيت في شوارع بغدادي الجميلة كان الربيع ومهرجان الزهور يعلن عن نفسه فوق ياقات الفتيات والرجال ورأيت القداح ينام مطمئنا على سياج البيوت ثم شممت رائحته ، في تلك اللحظة وصل أولادي إلى البيت، فصحوت ورائحة القداح تملاني فقلت بصوت ضعيف إنا أشم رائحة القداح، إنني أشمها حقا، فعلا وجهيهما الاستغراب وقالت لي ابنتي أنت هنا ياامي ولا رائحة للقداح في البيت أرجوك أن تهدأي، لكنني رددت هذه الجملة عدة مرات، قمت من فراشي ومشيت خطوتين تهلل وجهيهما فرحا وقالا أمي أنت تسيرين لوحدك، فركعت لله شاكرة رحمته بي،وبعدها خفت عني حدة المرض وبدأت أتعافى، واقسم إنني حقا كنت أجول في البيت وأتجول في شارعنا وأنني حقا شممت رائحة القداح، ولذا أدركت أن رحمات ربي كانت اكبر من إدراكي فجهلي هو الذي أمرضني لكن رحمة الله سبحانه وتعالى هي التي أخرجت من صغيرتي أجمل ما فيها حتى أصبحت أما لي في شدتي ورحمته في أن فتح لي بابا للحياة حين نقلني إلى بيتي ووطني وحينها تحقق لي الطريق إلى الشفاء.
أليست هذه كلها رحمات من ربي الكريم، أليس الأمل برحمة الله سبحانه وتعالى اكبر وأعظم من كل أمل، قد يفسر البعض ماحصل لي بأنه وهم أو خداع للنفس أو غير ذلك لكنني أقول حتى لو كان هذا صحيحا فانه لم يحصل إلا بمشيئة الله وإرادته التي أرادت لي الحياة فكانت رحماته قطرات من المطر أنعشت نفسي وأعادتني إلى الحياة من جديد.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
والسلام عليكم