اسس الفلسفة 1 (منقول )

كل ما يخص علم الحكمة والفلسفة ومدارسها
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
سمير العاشقي
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 787
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

اسس الفلسفة 1 (منقول )

مشاركة بواسطة سمير العاشقي »

بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة العلامة مرتضى المطهري


"العلم" هو الأمر الوحيد المقدس من وجهة نظر كل أفراد الإنسان، من كل قومية ومن تابعي جميع الطرق والمذاهب وكل هؤلاء يعترفون بعظمته وقدسيته، وحتى أجهل الناس فإنه لا يستصغر العلم ولا يحقره.

واحترام العلم وحبه ليس منبعثاً فقط من كونه أفضل وسائل الحياة، وليس فقط من أنه يمنح الإنسان القدرة والقوة في نضاله خلال حياته من أجل بسط سلطانه على الطبيعة، ولو كان الأمر كذلك لنظر الإنسان إلى العلم نفس النظرة التي ينظر بها إلى كل وسيلة عملية أخرى.

ويقترن تاريخ العلم بالآلام والمصائب والمتاعب وألوان الحرمان التي تحملها العلماء في سبيل تحصيل العلم ففاضت حياتهم المادية بالمرارة ولو كان الإنسان باحثاً عن العلم بهدف تغطية حاجاته المادية فلماذا إذن قد تحمل كل هذا ونسي ذاته وانصرف عن ملذات العيش وطيبات الحياة في سبيل تحصيل العلم؟

إن علاقة العلم بالروح لأرفع من هذه الارتباطات الوضيعة والحقيرة التي تبدو لأول وهلة وكلما كانت المعرفة أقرب إلى اليقين وأدنى إلى تبديد الشك والجهل وأقرب إلى الكلية والشمول بحيث تكشف ستاراً أكبر فإن أهميتها تزداد والطلب لها يشتد.

وهناك مجموعة من المواضيع - من بين كل المجهولات التي يأمل الإنسان في إيجاد الحلول لها - يعيرها الإنسان الدرجة القصوى من الأهمية، وهي تلك المسائل المرتبطة بالنظام الكلي للعالم والحركة العامة للحوادث والتي تؤخذ على أنها رمز الوجود وسر الكون.

والإنسان - سواء نجح أم خاب- لا يستطيع أن يكف نفسه عن المحاولات الفكرية والنشاطات العقلية التي تدور حول بدء العالم وغاية الوجود ومبدئه وحول الحدوث والقدم، والوحدة والكثرة، والمتناهي واللامتناهي والعلة والمعلول، والواجب والممكن، وغيرها من الأمور التي هي من هذا القبيل. وهذه الحاجة الفطرية هي التي أوجدت الفلسفة.

فالفلسفة تجعل الوجود بأجمعه ميداناً ليجول فيه الفكر البشري، وهي تحمل العقل الإنساني على جناحها وتحلق به إلى عوالم هي منتهى آماله وغاية طموحه.

وتاريخ الفلسفة مع تاريخ الفكر البشري توأمان ولهذا فنحن لا نستطيع أن نعتبر قرناً معيناً ولا منطقة خاصة على أساس أنهما مبدأ ومنشأ ظهور الفلسفة على وجه الأرض. فالإنسان- بحكم رغبته الفطرية- لم يفوت أية فرصة أتيحت له في أي وقت وأي مكان للتفكير وإبداء الرأي حول النظام الكلي للعالم. وقد أنبأنا التاريخ منذ تدوينه بأنه قد ظهر في مناطق متعددة من العالم مثل مصر وإيران والهند والصين واليونان فلاسفة ومفكرون من الدرجة الأولى استطاعوا أن يؤسسوا مذاهب فلسفية ذات أهمية فائقة، وقد بقيت بعض هذه الآثار الفلسفية من تلك الفترات التاريخية التي لا نبعد عنها كثيراً، فلم تتطاول يد الأيام لمحوها وتضييع الفرصة علينا للإطلاع عليها.
ومن الآثار الفلسفية التي انحدرت إلينا وهي أقدم وأفضل من غيرها تلك الآثار الناتجة من النهضة العلمية والفلسفية اليونانية التي بدأت قبل ألفين وستمائة عام تقريباً ولا تعتبر هذه الفترة طويلة جداً في مقياس التاريخ بحيث تقضي على هذه الآثار وتمحوها.

وقد بدأت هذه النهضة الفكرية في أطراف آسيا الصغرى واليونان ثم كانت الإسكندرية امتداداً لهذه النهضة، وبعد ذلك سارت الإسكندرية وأثينا نحو الاضمحلال والتمزق وأمر جستنيان إمبراطور روما الشرقية في سنة (529) ميلادية بتعطيل الجامعات وإغلاق مدارس أثينا والإسكندرية، وقد توارى العلماء من شدة الخوف، وانفرط نظام التعليم والتدريس. وفي هذه الأثناء بزغ نور الإسلام في جهة أخرى من العالم، وبهذا بدأت نهضة أخرى وتهيأت الظروف لمدنية جديدة وعميقة.

وتوقدت جذوة طلب العلم في النفوس بسبب تشويق وتجليل قدوة المسلمين وأوليائهم الكبار لمكانة العلم ولدارسيه، فانبعثت من هذا تيار المدنية الإسلامية الواسعة والعظيمة، وترجمت الكتب من اللغات المتباينة ولا سيما الكتب اليونانية، وأصبحت المدن الكبيرة في البلاد الإسلامية العريضة مهداً للعلم ومركزاً للحركة. وشد الرحال إلى البلاد الإسلامية أناس من أوربا الحالية وهم متعطشون إلى العلم، وقد أدى هذا- بعد مرور عدة قرون- إلى تحولات ضخمة في أوربا في مجالات العلم والمعرفة.

وهناك شيء مسلّم من وجهة النظر التاريخية وهو أن لأهل الشرق حقاً في أعناق اليونانيين القدماء فيما كسبوه من علم لأن العلماء اليونانيين قد ترددوا كثيراً على الشرق واقتبسوا من رصيد

علمائه ثم عادوا إلى أوطانهم وأتحفوا أبناءها بما حملوه إليهم من تلك البلاد.

ونحن لا نريد في هذه المقدمة أن نعرف بفلسفة الشرق القديمة ولا بمقدار الفائدة التي ظفر بها اليونانيون القدماء من تلك الفلسفة ولسنا أيضاً بصدد التعريف بالفلسفة الإسلامية التي سبقتنا بعشرة قرون ولا بمقدار الفائدة التي اكتسبتها أوربا من تلك الفلسفة.

ولا نحاول هنا معرفة مقدار الميراث الذي انحدر إلى المسلمين من اليونانيين وما هي التحولات التي حدثت لهذا الميراث في المرحلة الإسلامية، وما هي الكيفية التي كتب بها المسلمون تراث اليونان، وما هو المقدار الذي أضافه المسلمون في هذا المضمار، فهذه المواضيع لا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بموضوع هذا الكتاب. وعلاوة على هذا فإنها تحتاج إلى تحقيق وتقديم وثائق تاريخية ليكون الحكم أقرب ما يكون إلى النتائج العلمية ويكلفنا هذا وقتاً طويلاً ومجالاً واسعاً مما يؤهله إلى تدوين كتاب مستقل بشأنه.

أما الذي يرتبط بشكل أكبر- إلى حد ما- بهذا الكتاب ولم يجر البحث فيه إلا قليلاً فهو القيام بتعريف إجمالي للفلسفة الإسلامية التي نشأت منذ ثلاثة قرون ونصف تقريباً وحتى الوقت الراهن. فهذه الفلسفة لم تنتقل إلى العالم بصورة دقيقة، ولم يلتفت إليها شبابنا ممن تتلمذ في المدارس والجامعات الحديثة، لأن كل المعلومات التي تصلهم إنما هي عن طريق الأوربيين.

وقد أسست هذه الفلسفة المعروفة بـ " الحكمة المتعالية" على يد صدر المتألهين الشيرازي المشهور بـ "ملا صدرا" في القرن الحادي عشر الهجري، ومنذ هذا التاريخ فما بعد اتخذت الدراسات الفلسفية
8O 8O 8O
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••

أضف رد جديد

العودة إلى ”الحكمة والفلسفة“