المادية الديالكتية

كل ما يخص علم الحكمة والفلسفة ومدارسها
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
سمير العاشقي
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 787
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

المادية الديالكتية

مشاركة بواسطة سمير العاشقي »

المادية الديالكتيكية فهي تتبنى ما يدعيه النسبيون في موضوع الحقيقة، ولكنها ترفض- في نفس الوقت- موقف الشك.

وسوف نبحث في هذه المقالة هذا الموضوع وسنثبت هناك أن المادية الديالكتيكية مع أنها تفرّ من مذهب الشك ولكنها في الواقع قد ابتعدت بأسلوبها عن مذهب اليقين وسقطت في حبائل الشك.

وإذا اعترفنا بتدخل الأعصاب أو الذهن- وبالتالي بتدخل الجهاز الإدراكي للإنسان- في جميع المعلومات المحسوسة والمعقولة فلابد أن نعترف أيضاً بما يدعيه المشككون من أنه "لا يمكن الاطمئنان بأن ما نفهمه من الكون مطابق للواقع ونفس الأمر"، ولا بد حينئذ من مواجهة المسائل الطبيعية والرياضية والفلسفية بالتردد والشك.

وذكرنا في المقالة الثانية- وسوف يأتي تفصيل ذلك في المقالة الخامسة- أن الذهن يملك قدرة الظفر- في الجملة- بماهية الأشياء بشكل مطلق ودون تغيير، وتوجد مجموعة من المواضيع التي يستطيع العقل أن يصدر فيها حكمه بكل تأكيد وجزم ويقين واطمئنان.

ونرى من الواجب هنا أن ننبه على بعض الملاحظات:

أولاً: أن كل العلماء الذين ينفون الإطلاق بالنسبة إلى الإدراكات التي لها مصداق خارجي ويقولون بتأثير وتدخل الأعصاب والمخ وبالتالي بتدخل الجهاز الإدراكي في كيفية ظهور وانكشاف جميع الأشياء فإنهم- شاءوا أم أبوا- يدخلون ضمن المشككين وإن كانوا هم أنفسهم ينفرون من مذهب الشك، فالفيلسوف الألماني كانت لا يرضى أن يدرج ضمن المشككين والسوفسطائيين ويعدّ نفسه "ناقد العقل وفهم الإنسان" ولكنه بعد إيراد النقد الطويل يذكر أدلة جديدة (في خصوص الطبيعيات) تعتبر أدلة مؤيدة لمذهب الشك، وليس الأسلوب الذي اتبعه والمسمى بـ "كريتي سيسم" (مذهب


النقد) إلا شكلاً جديداً من الأشكال المتنوعة لمذهب الشك "سيتي سيسم"، وكذلك المادية الديالكتيكية فإنها-باعترافها بنسبية الحقيقة في جميع المسائل- تعدّ شكلاً آخر من أشكال مذهب الشك من حيث قيمة المعلومات.

ثانياً: اصطلح بعض العلماء على الحقيقة الناتجة من التجارب باسم "الحقيقة النسبية" لأن لها جانباً احتمالياً وهي لا توجب اليقين وهذا في مقابل الحقيقة الرياضية التي توجب القطع واليقين التي اصطلحوا عليها باسم "الحقيقة المطلقة".

وقد سبق لنا القول أن الحقيقة النسبية بهذا المعنى- أي بمعنى وجود الحقيقة الاحتمالية في بعض العلوم- هي مورد قبولنا وموافقتنا.

ثالثاً: أن النظرية النسبية التي مر ذكرها تتعلق بنسبية الحقائق الذهنية وهي مما يناقش في الفلسفة. ولكن هناك بعض العلماء الفيزيائيين والرياضيين يعتبرون الوقائع والظواهر الفيزيائية نسبية، ومن الواضح أن هذه النسبية الفيزيائية لا علاقة لها بالنسبية الفلسفية السابقة.

ومن المناسب هنا أن نذكر حديثاً مختصراً يدور حول مسير العقائد والآراء منذ المرحلة اليونانية القديمة وحتى العصر الراهن فيما يتعلق بهذا الموضوع وسوف لن نتعرض لعقائد الفلاسفة الهنود ولا الصينيين الذين عاصروا المرحلة اليونانية القديمة لأن لهم أفكاراً تشبه أفكارهم.

ظهور مذهب السفسطة في اليونان:

كانت اليونان- حوالي القرن الخامس قبل الميلاد- تتمتع بمدينة


رفيعة، وقد ظهر في هذه البلاد فلاسفة وعلماء عظام ونشأت مدارس فلسفية مختلفة، وتصارعت العقائد والآراء المتباينة في المسائل الفلسفية، وصيغت نظريات متنوعة في تفسير الكون. واشتملت الحيرة على بعض العلماء فراحوا يعدّون كل الإدراكات والآراء البشرية - وحتى البديهيات الأولية-شيئاً باطلاً وخيالاً محضاً وينكرون كل قيمة لأي فكر وإدراك ويعتبرون المعلومات كلها عبثاً، ومن هنا نشأ مذهب السفسطة.

ووقف في وجه هؤلاء السقراطيون ولا سيما أرسطو، ففضحوا مغالطاتهم وأثبتوا قيمة المعلومات وأنها ليست عبثاً، وإن الإنسان يملك قوة يستطيع أن يدرك بفضلها الأشياء كما هي موجودة في الواقع، وإن الإنسان إذا وجّه فكرة في السبيل الصحيحة فإنه يستطيع أن يصل إلى إدراك الواقع كما هو.

ودوّن أرسطو المنطق لهذا الغرض وهو أن يكون ميزاناً ومقياساً للتفكير السليم، واعتبر البرهان في المنطق مؤدياً إلى نتيجة "يقينية"، أي أنه إدراك مطابق للواقع، واعتبر المحسوسات والمعقولات معاً ذات قيمة في تحصيل اليقين بوساطة البرهان، أي أنه يصرح بالقيمة اليقينية للإدراك الحسي والإدراك العقلي معاً، وبهذا يكون قد وضع الحجر الأساسي للفلسفة اليقينية "الدجماتية".

8O 8O 8O
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••

صورة العضو الرمزية
الريم
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 375
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة الريم »

موضوع بحاجة إلى تركيز شديد حتى يُفهم
دمت أخي سميرسالماً غانماً وموفقاً لكل خير على جميل عطاياك

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
صورة العضو الرمزية
سمير العاشقي
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 787
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة سمير العاشقي »

بسم الله الرحمن الرحيم
كلامك صحيح لان الفلسفة تحتاج الى قراءات تمهيدية لتكوين اساس يمكن من خلاله فهمها والتعرف على مصطلحاتها
ومع اهميتها العالية لتكوين صور صادقة الحياة بكافة ميادينها الا انها احيانا تكن عسيرة الفهم سيما على الاشخاص الجدد عليها
وبودي ان اخبرك بعد خبرتي الطويلة في مجال القراءات كافة وخاصة الفلسفية اكتشفت ان العلوم الانسانية بالاغلب يمكن اتوصل الجوهرها بدون الاطلاع عليها اذا امتلك الانسان فطرة نقية وخالية من العقد الاجتماعية والنفسية بطبيعة الحال سوف لايتساوى مع المتخصص ولكنه سيتمكن من فهم جوهرها
اشكرك من الصميم على اهتمامك بارك الله تعالى بك

أضف رد جديد

العودة إلى ”الحكمة والفلسفة“