لا عقيدة اسمي من الحقيقة

كل ما يخص الاديان واساطيرها
أضف رد جديد
farajmatari

لا عقيدة اسمي من الحقيقة

مشاركة بواسطة farajmatari »

لا عقيدة اسمي من الحقيقة
الجوانب المعتمة من الفكر الديني
هل نستطيع أن نجزم أن تفسيرات الديانات المتبعة على الكرة الأرضية، هي جميعها صحيحة؟ وإذا كانت هذه التفسيرات للديانات المختلفة كلها صحيحة، لماذا توجد أذاً هذه التعددية للديانات، ولماذا توجد كل هذه المذاهب والشيع في الديانة الواحدة.
اننا في بحثنا هذا سنحاول ان نسلط الضوء على بعض الجوانب المعتمة من الفكر الديني منطلقين من القاعدة المبدأية التالية ( ليس هناك ما يستحق ان نؤمن به ايمان عميقا وراسخا سوى الحقيقة , وانه من الجهالة والضلالة ان نحول الاعتقاد الى ايمان عندما يكون المعتقد مجرد افتراض وليس حقيقة )
وكما اننا سنحاول نقد بعض المعتقدات الدينية الأرضية بهدف توضيح حقيقة هذه المعتقدات التي يعتنقها الناس جريا على خطى آبائهم وأجدادهم الذين اعتنقوها من قبل بالتوارث جيلا بعد جيل من غير تمحيص لمدى مصداقيتها وواقعيتها , اذ أن المؤمنين بهذه المعتقدات اعتادوا وعلى مدى عشرات القرون على تقديس هذا الموروث الذي لا يمس من قريب او من بعيد وآمنوا به قدرا لا مناص منه , فاستسلموا لاساطيره الخرافية وناموا على وعوده السرابية , والقرون تمضي والعالم يتغير ويتقدم نحو آفاق واسعة من المعرفة واكتشاف المجاهيل , وهم على حالهم حيث أدمنوا على اجترار أساطيره والسباحة في أثيره , والهدف الاخر من اهداف نقد هذه المعتقدات هي مححاولة الحد من ظاهرة الغلو والتعصب لدى معتنقي الفكر الديني بل نقول مدمني المعتقدات الدينية , هذا التعصب الذي أدى الى ظهور حركات دينية سياسية متطرفة ذات طابع عنيف ومسلح وبروز ظاهرة الارهاب الديني
كما نعلم جميعا بان الأنبياء والحكماء جاؤوا للتوحيد والسلام والمحبة بين الناس جميعاً... لكن الناس انقسموا وتصارعوا وصار المسلمون يفكرون أن المسلمين فقط هم الذين لهم الجنة، أما غير المسلمين فهم مساكين وذاهبين إلى النار، والحالة نفسها عند المسيحيين واليهود والبوذيين والهندوسيين: الإنسان غير الهندوسي ليس عنده أي فرصة أو أمل... والمسيحيون يفكرون أن الذين لا يذهبون إلى الكنيسة فلن يعبروا عبرها إلى بر الأمان وسيعانون من نار الجحيم المؤبدة إلى الأبد.... هذا دون ذكر عشرات الطوائف في كل دين....
لماذا وجدت كل هذه الكميات الكبيرة من الكتب والمخطوطات والمنحوتات والنقوش، وكل هذه الشرائع والفلسفات والأفكار والمفاهيم والحِكَم والتقاليد والديانات والتعاليم والدراسات والنظريات العلمية.
ويبقى ايضا السؤال: هل نحن نحتاج إلى المزيد؟
متروك اجابة السؤال للقراء
اننا عندما نقول ان الدين من عند الله نكون قد اصدرنا حكما وقرارا مسبقا على المستمع والزمناه ان ليس للجدال مكان , فينتج لديه شعورا بقوة عظيمة تشده لذلك المعتقد ( فلا يعود هذا الدين خاضعا لسلطة العقل بل لتسلط مجموعة من المتبعين او من العاقلين ) , (( ان الديانات التاريخية تعزي بمفهوم اتباعها الى مصدر الهي من هنا كان الناس يعتنقونها غير مجادلين فيها وعندما ينضج المعتقد الديني في منطقة الاشعور وغير الارادي يمنحها قوة عظيمة ولذلك كان لها شان كبير في التاريخ ولا تزال ذوات سلطان علينا وما تاثير البرهان القوي فيها الا كتاثيره في الجوع والعطش ))-ايل العالي -جورجي كنعان ص 21
لذلك يجب على الانسان العقلاني ان يبين لهؤلاء الناس ابعاد معتقدهم الديني بطريقة بأدوات علمية صحيحة , ويصحح بالعلوم ما اصابهم من جهل وينفض عنهم سيطرة الفكرة الدينية والخرافات وينقلهم الى دين العقل والتفكر والتدبر .فاذا كانت نتيجة التفكير العقلاني العلمي تصل الى الحقيقة الدينية والى جوهر الدين , عند ذلك يستطيع المفكر والمتدبر ان يخرج من دائرة التعصب الديني والعلمي على حد سواء , فلا يعود المتدينون يتمسكون بخرافات واباطيل ولا يعود المتعلمين على طريقة الغرب متمسكين بفكرة ( الدين افيون الشعوب ) , لان الدين لا يكون افيونا الا عندما يجعل المستمع يقبل مقولات وفرضيات دون تمحيص او دراية , بينما يصبح محركا قويا لانسانية الانسان عندما ننتقل به الى مرحلة التدبر والتعقل والتفكر العميق لكل الظواهر والبواطن والافكار والمقولات ، فيصبح ( محرك الشعوب الاول نحو التطور ), خاصة اذا استطاعت هذه الافكار العلمية والعقلية ان تبرهن الحقيقة الدينية وان تؤكد ثوابت الدين , فتنفي الدخيل الى غير رجعة وتمسح من ذاكرة الناس كل الخيالات والاوهام , وتبقي فقط على ما هو حقيقة وبيان ، لذلك حض القرآن على التفكرو التدبر.
إن الإشكال الحقيقي لا يكمن في الله ولا في الأديان ولا في الكتب الدينية ولا في الأنبياء ولا في العقل ولا في الحداثة ولا في الفكر الناضج الجاد الهادف، ولا في العلمانية ولا في الديمقراطية ولا في الشيوعية، إنما المشكلة الحقيقة تكمن فينا نحن البشر
ان الامر برمته يتعلق بطريقة التفكير التي نتعامل بها مع وقائع الامور…فلو عرجنا مثلا على مستوي الفكر الإلهي ( اذا صحت التسمية ) …المتمثل بالدساتير السماوية في الكتب المقدسة الثلاثة…التوراة والانجيل والقران فان الموضوع برايي الشخصي …محسوم وبما لايقبل الشك …بان الانسان قادر بفطرته البسيطة التعرف على الحقيقة…؟؟ باستخدام النبي الدائم فيه وهو العقل.
وعندما يصبح الفكر الديني عند الناس مقرونا بالتفكر والتدبر يصبح ببساطة فكرا سليما لدين سليم , يقول القران الكريم ((افلا يتدبرون القران ام على قلوب اقفالها )) ويقول (( افلا تعقلون )) ويقول (( انما يخشى الله من عباده العلماء )) وهو الحض على التفكر واستعمال العقل في الامور كلها.
وعلى عكس ذلك نرى ارتالا من الاتباع يشددون على الاستكانة والاستسلام لما يقال وعدم النقاش في الامور الدينية , فينشرون مقولات تبدو في ظاهرها من الدين ولكنها في باطنها ( افيون مخدر ) واذا اعترض احد على ما يقولون به يكون خارجا على الملة .
وإننا هنا لا ننكر إن جميع الأديان الشائعة في العالم حاليا قد أدت خلال العصور السابقة خدمات عظيمة للبشرية , وكان لها أهمية كبيرة في مراحل تطور الفكر البشري , فقد كان لوجودها ضرورة وكان لقيمها الأخلاقية دورا كبيرا في حماية المجتمع.
كما واننا لا ننكر ان جميع الاديان تنطوي على امور جيدة ونافعة الا ان منفعتها اختلطت بالكثير من الاوهام والخرافات من منتوجات عهود الجهل
ومن هذا المنطلق لاحظنا بان المشكلة تكمن في انه ومع مرور الزمن وجدت وتشكلت الكثير من منظمات ومؤسسات دينية قوية ونافذة تكلّمت باسم الله وباسم هذه الحقيقة، وتم ابتداع مؤسسات أخري أكدت أن ليس ثمة تقرب من الله إلا عبر وساطتها. وحلت الطقوس والمراسم الفاخرة مكان المجهود البسيط لانتهاج حياة نقية واكتساب فهم جيد لهذا الكون العظيم الذي وُجدنا فيه.
فهل هؤلاء الفقهاء المتديونون, مازالوا يرون المشكلة منبثقة من عدم تطبيق الدين في الحياة؟.. وان الناس خرجوا عن ملة الله (أو بتعبير سيد قطب خرجوا على إرادة الرب )....أم ان المشكلة مع الدين راهنا في عين تطبيقه؟ بعد ان غدا عدوا للحياة. وان هؤلاء الفقهاء المتدينين انفسهم من خرجوا عن ملة الناس. كان بها الأنبياء..
دائما وابدا وحينما يوجّه الإنسان إرادته لمعرفة ذلك الجزء الخفي من الحقيقة يصطدم بأشباح صغيرة تهدّد كيانه من الداخل وبقوّة يصعب تحديد مصدرها وتمييز هويتها خصوصاً في ظل السيل الهائل من المعلومات التي تنشر يومياً عبر الإعلام في ما يسمّى عصر المعلوماتية، فيصبح أسيراً لسلطات دينية وهمية ، وهنا تكمن المعادلة الصعبة: إما تتحرّر نفسه أو تعاني من الصمود.
يقول الباحث والمفكر السعودي عبداللله القصيمي
هل المشكلة في إنسان الدين؟.. أم ان المشكلة في دين الإنسان؟ انه ينتهي دائما إلى دين الكاهن.
….دين النبي دائما ينتهي إلى دين الكاهن... والوحي الفقير دائما ينتهي الى الحجر والمعبد والمسجد الارستقراطي.
الدين مع الانبياء مجموع قيم الانسانية.. ولكنه غدا مجموعة احكام المعبد.. وكلما اعاده نبي الى الوجود.. مرق الى المعبد, وادخل الاستغلال والاستعباد والقتل والبغض والعنصرية معه.. ولكن لانبي بعد النبي الخاتم, فلا علاج الا الا بدين الدين؛ الانسانية… قد ناخذها عن صعلوك, عن منبوذ.. عن غير متدين , احيانا للا سف يكون اولى.
وها هم من جديد رؤساء وكبراء عالم اليوم على كراسي العظمة يمثّلون دور عيسي وموسي, ويحي وابراهيم,ونوح وزرادتش وبوذا وبهاء ودور المصطفي محمد ووووووو,,,,,,,,,, 0(* جميعا) في مختلف تعدّد دياناتهم، ما زالوا يتكلّمون بألسنتهم عن السلام والخلاص بنبرة "البطل المخلّص" ريثما يشهدون على دمار الأرض والإنسان وكأنهم يملكون سحر ما سيمارسونه في لحظة القيامة وفي آخر المطاف للاختفاء والهروب من المصير الذي صنعوه لأنفسهم عندما تشتد عليهم الحروب والمحن أو كأنهم سيُكافأون على تحطيم الرقم القياسي في لعبة الانتظار حتى يأتي الخلاص من السماء.
إن عناية الإنسان القديم بالتاريخ المقدس وتجاهله للتاريخ الدنيوي قد دفع به إلى تجاهل دوره تماماً في حركة التاريخ. فهو يعزو إلى الآلهة كل المنجزات الحضارية والابتكارات التكنولوجية التي قادت عملية الارتقاء والتقدم. فالإله، لا الإنسان، كان أول فلاح، وأول راعٍ، وأول من حلب البقر وصنع الزبدة والجبن، وأول من طحن وخَبَز الخبز، وأول من صنع المحراث. نقرأ في نص سومري يحكي عن أصل الحبوب وأصل تأهيل الماشية، فيُرجِعها إلى الإله لهار الذي كان أول من ربى الماشية، وإلى أخته أشنان التي كانت أول من زرع الحبوب:
إضافة إلى جهل الإنسان القديم بأصول ابتكاراته التكنولوجية، كان جاهلاً بأصل مؤسَّساته وقوانينه وتشريعاته؛ فهذه جميعاً قد جاءت من السماء وابتدرتها الآلهة من أجله. وأكثر من ذلك، فإنه لم يكن يعرف الكثير عن أصل وتطور ونمو المدن التي شيَّدها أسلافه الأولون، وكان يعتقد أن مدنه التي يسكنها قد بنتها الآلهة في سالف الأزمان وسكنت فيها قبل أن يسكن البشر، وبنت لأنفسها هناك بيوتاً وقصوراً ومعابد
ولكن في عصرنا الحالي اصبحت هذه المعتقدات غير منسجمة مع طبيعة حياتنا ومع كمية المعرفة التي في متناول ايدينا , ونحن لسنا مجبرين على الايمان بالخرافات والاوهام والخزعبلات الموروثة
قرأت لأحد الملحدين المقولة التالية:
اذا كانت السماء حريصة حقا على ايصال هذه التعاليم الى البشر كافة لهدايتهم فلماذا لم تبعث انبياء في أماكن أخرى من كوكبنا ؟ وهل عجزت السماء عن اختيار عدد من الاشخاص كأنبياء في أماكن متفرقة من الارض لتكلفهم جميعا القيام بهذه المهمة العظيمة لكي يتحقق الهدف المنشود وهو هداية سكان هذا الكوكب كافة كما تدّعي ؟ هل ان البشر في الصين او في اوروبا او في استراليا او في أفريقيا أو في أمريكا لا يستحقون ان تنزل عليهم آيات من السماء بلغتهم ؟

ويواصل كلامة فيقول:
والان بعد مضي أربعة عشر قرنا على ارسال خاتم النبيين من شبه الجزيرة العربية للقيام بهذه المهمة العظيمة فان نسبة المنتسبين لهذه العقيدة لم يتجاوز 22% من سكان العالم فهل ان السماء قد أخطأت في الحساب وفي التقديرات أم انها أخطأت في الاختيار والتكليف إن السعادة الحقيقة للبشرية ليست في تقديس ومعرفة الدين وليست في تفسير وتأويل النصوص وليست في تقديس ومعرفة العقل وليست في تقديس ومعرفة الحرية أو العلمانية أو الديمقراطية أو الشيوعية, إنما السعادة الحقيقة تكمن في تقديس ومعرفة كرامة الإنسان تقديس ومعرفة كينونته وأفضليته على سائر الأشياء
والحقيقة ان الموضوع بالنسبة لي ولغيري شائك جدا في كيفية إدارة حوار ثنائي مع الملحدين للرد علي ما يطرحونة من تساؤلات غريبة علينا ولكن اعتقد بانه لابد لنا كمؤمنين من الإقرار
أولاً: اننا لا نستطيع أن نثبت بالبراهين العقلية الجازمة التي لا تقبل الشك لوضوحها وصفائها وجود هذا الكائن المطلق (الله) وتلك الحقيقة القصوى. فكثافة الجسد الذي نحن فيه وكثافة المادة التي تكتنفنا تحولان دون ظهور هذا الكائن ظهوراً جلياً. لذلك يستحيل علينا إقناع الملحدين بالبراهين العقلية أنّ إلحادهم خاطئ.

ولكن من جهة أخرى لا بدّ للملحدين من الإقرار بأنهم هم أيضاً لا يستطيعون أن يبرهنوا بالبراهين العقلية الجازمة التي لا تقبل الشكّ ان هذا الكائن المطلق الله الذي نؤمن بوجوده هو وهمٌ محض وصنع خيال.

اذا ومن وجهة نظري فمن الناحية المبدئية اذاً الايمان ممكن والالحاد ممكن، وكلاهما لا يرتكز على براهين عقلية. انهما موقفان يختارهما الانسان انطلاقاً من نظرة أساسية شاملة إلى الكون والحياة فالايمان يرتكز على نظرة إيجابية، نظرة ثقة بالكون والحياة، بينما يرتكز الإلحاد على نظرة سلبية، نظرة شكّ وتشاؤم بالكون والحياة.

وعودتا الي موضوعنا الرئيسي فهناك إعتقاد راسخ من قبل الكثيرين في المؤسسات الدينية أن إيصال الحقيقة الى الناس أمر معقد وغاية يصعب إدراكها. هذا الإعتقاد القديم - الجديد الذي لم ينتج عنه إلا المزيد من الإرباك والهشاشة في عقول الناس
يقول ويل ديورانت: (إن أكثر الناس شكا في الدين هم رجال الدين لأنهم عرفوا الدين على حقيقته !!..)
ومن هنا اعتقد ان جميع الأديان تلبِّي أذواق البشر وتُضاعِف – جهلاً – الاختلافاتِ فيما بينهم.
وكما هو معلوم، فإن الموروث الديني في أبجدية جميع الاديان السماوية ومنها الفكر الديني الإسلامي هو موروث تراكُمي، ثقافي وعقائدي وعِرفي، يتراسل تاريخيًّا ويتناسل وراثيًّا، ولا يُنظَر إليه على أنه موروث "متحفي" فقط، يحتفظ بمخزوناته النصِّية ومنقولاته التراثية القديمة الغابرة، سواء كانت جيدة أم رديئة. لذلك فإن التراكُمات المعرفية الدينية التي تستجد على الموروث ذاته، أو تتداخل معه، أو تتقاطع معه في مفاصل مرحلية، أو تتماهى معه ثقافيًّا ونصيًّا وعِرفيًّا، وحتى شكليًّا، تُعتبَر هي الأخرى، في العرف الديني، "موروثًا دينيًّا" يتخذ، بدوره، صفةَ القداسة والحاكِمية والوصاية، لأنه يتأسَّس على الموروث الديني السابق، ويتشكَّل منه، وينطلق من أصولياته اليقينية والغيبية المطلقة. وبذلك يصبح الموروث الديني التراكُمي معنيًّا دائمًا بالبحث عن شرعيته ومشروعيته في الحاكِمية المعاصرة من خلال علاقته الترابطية النصية التامة بالمدلولات التاريخية المقدسة للموروث الذي تتشكَّل منه النصوصُ الدينية التاريخية والتراثية.
وعليه، فقد تجذَّرت في الذهنية والعقلية الإسلامية قناعةٌ تامة، لا تقبل الشك أو النقد أو التغيير، وهي أن النصَّ الديني، أيًّا كان هذا النص، ليس وليد لحظته الظرفية، الزمنية والمكانية والتاريخية، وأنه ليس متأثرًا، بالتالي، بمجموعة من العوامل التاريخية المولِّدة له. ولذلك دائمًا ما يعتقد المسلم أن النصَّ الديني، الذي يعكس "موروثه الديني" في النهاية، يجب أن يبقى خارج سياق التاريخ، ليست له علاقة بتبدلات الظروف وتغيرات الأزمنة ومناخات التطور الاجتماعي والعلمي. انطلاقًا من ذلك، فإن تراكُم المعرفيات والأعراف الدينية المتعاقبة التي تتخذ، كما ذكرت، صفة الموروث الديني ذاته ومفهومه وقدسيته، يجب أن تبقى مرتبطة، بنيويًّا وعضويًّا ومفهوميًّا وتاريخيًّا، بموروثاتها النصية والنقلية السابقة وتكون امتدادًا لها، ويجب، بالتالي، أن تتخذ صفة اليقينية واللاَّزمنية والحاكِمية المطلقة.
ومع ترسُّخ ظاهرة الاعتقاد الوهمي بـ"صفاء" الموروث الديني، انعدمت تقريبًا، في مراحل التاريخ الإسلامي كلِّها، مدارسُ التفكير النقدي، وغابت العقلية النقدية التحليلية التي تهتم لتفكيك الموروث، وليس القبول المطلق به، وتهتم للتغيير بدلاً من محاولات الترقيع والمهادنة وغضِّ الطرف. وحتى حينما كانت تندلع شرارةُ العقلية النقدية والفلسفية للموروث الديني في بعض فترات التاريخ الإسلامي، سرعان ما كانت تُقمَع – ومازالت إلى اليوم – وتُطارَد وتتم محاصرتُها والنيلُ منها: فقد وقف الموروث الديني دائمًا عقبةً في طريق الفلسفة والمنطق والأدب والفن والنقد والتحليل، وحارب تلك الاتجاهات الفكرية والفلسفية والنقدية كلَّها، نظرًا لخطورتها على الموروث الديني الذي تهدِّد بزلزلته.
انطلاقًا مما سبق كلِّه، يصبح التساؤل منطقيًّا أو حقًّا طبيعيًّا، لي ولغيري، عما يجبر الفرد المسلم عمومًا على التسليم مطلقًا، من دون إعمال تفكير أو بحث أو تحليل أو نقد أو تفكيك، للموروث الديني، سواء ما اعتاد على تلقِّيه شفهيًّا، أو ما آمن به تلقائيًّا، أو ما توارَثه ثقافيًّا وتقليديًّا عن أسلافه، أو ما تعلَّمه تلقينيًّا في المناهج التعليمية والمؤسَّسات الدينية، أو ما يتأثر به مجتمعيًّا وبيئيًّا، أو ما يُؤمَر به فقهيًّا وشرعيًّا من مشايخه ومرجعياته، أو ما يمارسه طقوسيًّا بأشكاله الجماعية، أو حتى ما يترسَّخ منه عميقًا في عقله الباطن.
في نهاية المطاف ينبغي أن نميز بين فهم مظلم للدين يؤدي الى تغذية روح الكراهية والتسلط والعنف ويسبب الاغتراب والضياع ويساهم في اندلاع النزاعات والخلافات بين الأفراد ويشل كل أشكال التواصل والاندماج وفهم مستنير له يؤدي الى تغذية روح المحبة والتعاون والإيثار وتنمية القدرات العقلية والروحية لدى الناس والذي يحقق المشاركة والالتحام والتواصل بين الشرائح الاجتماعية ويتعالى على اللغة والعرق والثقافة.
إن أصحاب المذاهب والعقائد جميعًا يقولون إنهم يعرفون الحقيقة ويتشبثون بمواقفهم. لكن هذه المعرفة الوهمية تقف حجر عثرة في سبيل فهم حقيقة الأشياء وحقيقة حقيقة "ما هو موجود". أما الإقرار العميق بالجهل فهو، في حدِّ ذاته، الخطوة الأولى على طريق الحكمة... والأخيرة! فالإنسان الذي يقرُّ بجهله يعيه، وبذا يفتح الطريق أمامه للبحث عن الحقيقة بحثًا أصيلاً.
ومن دون الدخول في تعداد تفاصيل الحالة المحزنة للأديان في العالم اليوم، يكفينا القول بأنّها فقط في الجسماني السطحي؛ إنها خالية من الروح. نجد الطقوس والمعتقدات فقط؛ أما الروح فقد غادرت. لهذا السبب لا يجد أتباع الدين الاكتمال. فالعبادة أصبحت فقط عادة وهنا تكمن الخطورة.
ان الامر برمته يتعلق بطريقة التفكير التي نتعامل بها مع وقائع الامور…فلو عرجنا مثلا على الفكر الالهي ( اذا صحت التسمية ) …المتمثل بالدساتير السماوية في الصحف الثلاث…التوراة والانجيل والقران فان الموضوع برايي الشخصي …محسوم وبما لايقبل الشك …بان الانسان قادر بفطرته البسيطة التعرف على الحقيقة…؟؟
فابراهيم الخليل لم يكن الا شابا لم يكن قد بلغ مبالغ الانبياء بعد عندما هجر بابل ومدينته في الجنوب ( اور) متجها الى فلسطين ( اورشليم)…بمعنى ان حوار ابراهيم الخليل مع الطبيعة الذي تناول انطولوجيا ( علم الوجود) للذات والعالم كان حوارا فطريا بسيطا …في القصة المعروفة …اذ رآى القمر بازغا…والشمس…لكنه اقلع في النهاية الى التسليم بتاييد خلق هذا العالم ضد مجهول…اسماه بــــ ( فاطر السماوات والارض )..فهو قد ترفع عن المواريث الاجتماعية…وتوجه مباشرة الى الطبيعة…ومنها كانت معرفته بالله …لان الطبيعة…هي الاثر الوحيد الذي يدل على الله….بل إن النظرة التحليلية لواقع فلسفة إبراهيم الخليل…تشير إلى إن نظرته الأساس كانت فطرية..وكل الأطر الماورائية التي جاءت بعدها إنما ارتكزت عليها …وبدونها لم تكن أصلا…واقصد بالماورائية : الوحي والقوة السماوية…فهي لم تنبثق بدون هذا الأساس الذي يكون مقدمة لأي وحي أو نبوة ..!
فكل عقائد الارض تدعي الوصل بالله…وان ما تطرحه هو سبيل الرشاد…، لكن وكما هي معروفة الطبيعة البشرية…انما تستغل هذه العقائد لتحقيق مارب ضيقة باسم الله الواحد الاحد …ولا يمكن لهذه الماساة ان تنتهي ابدا …ماساة استغلال الدين …الى يوم القيامة…فهل الحل النهائي لابد ان يكون …ظهور عقيدة جديدة… لا تحتاج الى تفسير…!!
متروك اجابة السؤال للقراء

يقول ابن النور جبران خليل جبران
لا أود أن أكون مشرعا يدعي النبوة…لكنني أتمنى أن أكون المجدد الذي يريد العودة بالنبوة إلى نقطة انطلاقتها الأولى…التأمل الفلسفي والتفكير الفطري في الكون والحياة والمجتمع..!!
و الحقيقة التي يجب أن نعيها جميعا أن الدين في القرن الواحد و العشرين هو اختيار شخصي وعلاقة خاصة بين الفرد و ربه .. أما ما يجمع بيننا جميعا فيجب أن يكون احترامنا للقانون الوضعي والذي نستطيع تغييره بالاتفاق والذي يستمد بنوده من كل الأفكار السامية والتي هي موجودة في كل الأديان من عدل و حرية و مساواة .
واعتقد انه اصبح واضحا وجليا لنا جميعا بان المؤسَّسات الدينية النقلية الحالية لم يعد في وسعها أن تجيب عن الأسئلة التي تراود أذهان غالبية أبناء هذا الجيل وتتعمق مع قلقهم الوجودي
لقد تحول الدين في العصر الحالي الي علاقة خاصة بين الانسان وربه ليس للمجتمع وباقي البشر ان يتدخلوا فيها ويفرضون علي اي انسان او مجموعة من البشر كيف تكون هذه العلاقة , فحرية الاختيار واحترام حقوق الانسان هي اهم منجزات الانسان في القرن العشرين .. أن الله يحاسب البشر في الآخرة علي اساس فردي وليس جماعي .. فلماذا يريد ان يفرض علينا بشر فاني وجهة نظرهم في نوعية هذه العلاقة بين الانسان وخالقه
نهج عقيدة الله هو ايصال كل انسان الى وعي ذاته ، ومعرفة حقيقتها بهدف الوصول الي معرفة الله.


وهو منهج لتطور روحي أصيل أوصى به دوماً معلموا وأنبياء البشرية العظماء عبر العصور. إنه طريق رائع وبسيط لأنه يتطلب منا إن نتجرد و ننسى أهواء النفوس ونزواتها الخاصة كلياً والبدء حالاً، الآن ومن هنا، لنحيي في داخلنا حباً متفانياً عظيماً لله دون السعي إلى شيء في المقابل
وهذا هو الدين.. و هو أكبر بكثير من أن يكون أسم أو حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زيا رسميا
ولن يصل الي دين الله الا من يستطيع رمي جميع قراراته الفكرية، والمفاهيم المنطقية وكل الافتراضات والهواجس الفكرية والدينية يجب إفراغ الإناء أولا.... حتي نصل ونتصل
يوجد في الكونِ حقيقةَ واحدة وهي الله وأيُّ دين أيُّ سلوكٍ ، أيٌّ فِكرٍ ، أيُّ اطلاعٍ ، أيُّ تعلمٍ يُقرّبَكَ من هذه الحقيقة فهو مشروع ، وأيُّ شيء يُبعدكَ عن هذه الحقيقة فهو مُحرّم ، ليسَ في الكونِ إلا الله الحقيقة الأولى والأخيرة
اعتقد انني انتهيت هنا او ربما يجب عليا ان أتوقف لان الموضوع طويل ومتشعب وشائك وأصبح صعب بالنسبة لي
ومن يرغب في مواصلة البحث في المجال العقائدي وخاصتا في هذا الموضوع ويرغب بتلمس الحقيقة اكثر والقرب منها انصحه أن يكون موضوعيا، بحيث يتناسى الباحث انتماءه المذهبي والديني ويصعد إلى أعلى درجات التجرد، ومن ثم يقوم بالمقارنة القائمة على توثيق الحقائق، ليستطيع أن يصل إلى فكر موضوعي لا تحكمه عاطفة متحيزة أو نزعة متعصبة أو رؤية موروثة أو تصورات سابقة.
إن العقلية التي يمكنها الوصول إلى معرفة الحق هي العقلية السليمة التي تستطيع بسهولة أن تقوم بعملية النظر والتأمل وفق المنهج الفكري السليم، وتستطيع أن تحكم خلال تقييمها للأمور والقضايا حكما قوامه الصدق والعدل.
ونصيحتي الاخيرة لكل باحث عن البصيرة والحكمة والنور\
يا عزيزي
كن كما أنت لاكما يريدون أن تكون
أن تربح نفسك وتخسر العالم خير من أن تربح العالم وتخسر نفسك
والقلب الذي يطلب الحب لا يمكن إلا إن يربح نفسه
وأخيرآ لا بد من التنبيه الى ان مراجع ومصادر هذا المقال كانت طويلة وكثيرة ومتشعبة مما يصعب علينا ذكرها جميعآ.....ونقدم أعتذارنا لكل من أقتبسنا منه ولم نذكر أسمة أو اسم كتابة أو مقالة.

والسلام والحب لجميعنا
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••

صورة العضو الرمزية
نور عيد
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 468
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد
اتصال:

مشاركة بواسطة نور عيد »



السلام عليكم ورحمة الله

مقال رائع جدا جدا

جعلني اغوص باكثر من فكرة


اولا احب ان اشيف على صفحتك المتواضعة وردا على موضوعك الشيق

ان الفطرة االانسانية هي سبب في معرفة الله
الإنسان جزء متفاعل مع العالم كله، يرتبط معه في كل شيء
وهذا نوع من المعرفة الفطرية تأكدت بمعرفة أخرى عندما بدأ الله خلق الإنسان، حيث أشهده على نفسه وعرفه خلقه. وهنالك عرفنا ربنا معرفة تامة، وعلق بأنفسنا ما يشبه الظل من تلك المعرفة، ذلك الظل الذي يدفعنا أبدا إلى البحث عن الله، فتارة نهتدي إليه وتارة نضل عنه فنتخذ اندادا من دون الله ونزعم بأنها هو الذي عرفناه سابقا. ولولا هذه المعرفة الأولية التي تدغدغ ضمير كل بشر لما بحث الناس عن إله، ولما ابتغوا إليه الوسيلة بشتى الأسباب.

(فطرة الله التي فطر الناس عليها)
وهي فطرة التوحيد

ان السبب في توجه الناس إلى الله وترك ما كانوا يعبدون من الشركاء، وذلك
حين تمسهم الضراء والبأساء، انما السبب في ذلك وجود معرفة فطرية لديهم بالله، إذ تنقشع عن أنفسهم آنئذ حجب الغفلة والمصلحة ويتوجهون إلى الله.


واتمنى قبول مداخلتي

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
farajmatari

مشاركة بواسطة farajmatari »

السلام عليكم ورحمة الله
تحية طيبة تحمل بين ثنياتها كل الإعجاب
لمروركم ومداخلتكم الرائعة يا اختي الفاضلة

أضف رد جديد
  • المواضيع المُتشابهه
    ردود
    مشاهدات
    آخر مشاركة

العودة إلى ”الفرق والمذاهب والاديان“