منشورات سرية

كل ما يخص الاديان واساطيرها
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
faraj
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 403
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

منشورات سرية

مشاركة بواسطة faraj »

منشورات سرية

أعزائي انقل لكم هذا الموضوع الذي اعتبر بعض ما ورد فية يحتاج فعلا الي وقفة ونقاش
منشورات سرية
كتبها الاديب والمفكر والفيلسوف الليبي الصادق النيهوم

لغة الموتى

مشكلة اللغة أن كلماتها لا تنقسم الى صحيح و خطأ فقط, كما يقول النحاة , بل تنقسم أيضا الى كلمة حية , و كلمة ميتة , و هو انقسام حقيقي , و شامل , و فعّال جدا , لكن علم النحو , لا يستطيع أن يكشفه , لأنه لا يظهر في بناء اللغة , بل يكمن وراء سلوك الناس .

علامة الكلمة الميتة , أنها مطوعة - تاريخيا - لخدمة أغراض السحرة . فقد بدأت مسيرة اللغة المكتوبة , بتعاظم الحاجة الى تبرير نظرية الحكم الفردي , في اقطاعيات الشرق القديم. و تطوع الكهنة لأداء هذه المهمة المستحيلة , قبل أن يعرفوا أنها مستحيلة حقا . فخلال وقت قصير , كان من الواضح , أن مبدأ الحكم الفردي , فكرة غير طبيعية , لا يمكن تبريرها الاّ بمنهج الأسطورة , و كان الكهنة - الذين صار اسمهم (علماء) -مشغولين بتوفير هذه الأسطورة تحريريا , على ألواح من الطين المجفف.

أول لوح , صدر في سومر , عند مطلع الألف الثالثة قبل الميلاد , و حمل تقريرا سياسيا مؤدّاه أن ( الأله شمش الذي يعيش في العالم الآخر , قد نزل ليلا الى هذا العالم , و وهب مفاتيح الأقاليم الأربعة للملك جلجامش ). و من قاموس هذه القصة الليلية , ولدت لغة الأسطورة رسميا .

فكلمة (العالم الآخر) التي نحتها الكهنة من لغة الناس , لم تكن كلمة , بل كانت (( عالما آخر مجهولا بأكمله)) , له ثلاث صفات جديدة , مجهزة عمدا على مقاس السحرة :

الصفة الأولى ؛ أنه عالم غائب عن عيون الناس , لا يعرف أسراره أحد, سوى الكاهن الذي يتكهن بأسرار الغيب . و هي مغالطة شفوية بحتة , لكنها ضمنت للكهنة , أن يحتكروا تفسير الشرائع حتى الآن .


الصفة الثانية ؛ أنه عالم حيّ, لكن بوابته الوحيدة, تقع وراء الموت , مما يعني عمليا , أن مستقبل الناس الأحياء , يبدأ - فقط - بعد أن يموتوا .

الصفة الثالثة ؛ أنه عالم خارج عن سنن الطبيعة , تنطق فيه الأصنام , و ترتاده التنانين المجنحة , لكنه هو العالم الحقيقي , لأنه أزلي و خالد . و هي صياغة تريد أن تقول - فقط - أن عالم الناس الأحياء , ليس عالما حقيقيا .

خلال قرن واحد من عمر سومر , كان الكهنة قد ضمنوا لأنفسهم المقام الثاني في أول دولة أقطاعية عرفها التاريخ , و كان أهل سومر , قد خرجوا من الحياة الدنيا دون أن يدروا , وذهبوا للحياة , في عالم آخر , و جديد , و غائب , و خرافي , و غير معقول الى ما لا نهاية .

هذا العالم الآخر , لم يكتشفه الكهنة في السماء , بل ابتدعوه - شفويا - في لغة الناس على الأرض . انهم لم يخلقوا عالما غائبا , بل خلقوا لغة غائبة , مسخرة للحديث عن عالم أسطوري , لا يعرفه أحد من الأحياء على الأقل . و في ظل هذه الخدعة الشفوية , كان بوسع الكاهن , أن يقلب لغة الناس رأسا على عقب :

انه يذبح طفلا حيا , على قدمي صنم ميت . لكن الناس لا يسمونه ( رجلا مجنونا ) بل يسمونه ( حكيما عالما بأسرار الغيب ) , فهو لا يذبح الطفل حقا , بل يرسله الى الحياة الخالدة في عالم آخر . و ذبح الطفل ليس جريمة دنيئة , بل شعائر دينية في قاموس العالم الآخر. ان كل مايفعله الكاهن المميت , يمكن تبريره للناس الأحياء , بلغتهم الحية , ما دامت اللغة نفسها , لا تخاطب عالم الأحياء أصلا .

لهذا السبب ...

و ردا على هذه الخدعة الشفوية بالذات , ولدت لغة الدين . و قد تميز ميلادها , بظهور كتاب مقدس ( لم يكتبه الكهنة) , له لغة مقدسة ( غير لغة الكهنة ) , لا ينكر ألوهية الصنم فحسب , بل ينكر عالمه الغائب من أساسه . و في نصّ هذا الكتاب المقدس , تكلم الأله الحيّ و سكت الصنم الميت , و بات العالم قابلا للتفسير بلسان الأحياء فقط .

فكلمة ( عالم الغيب ) في لغة الأنسان الحيّ تعني - حرفيا - عالم المستقبل , لأن المستقبل, هو العالم الوحيد الغائب الذي يعرفه الناس الأحياء , و يتوقنون بوجوده , دون أن يروه , و يعلمون أنه آت , و يتحملون مسؤوليته شرعا . و قد التزم الدين بهذا التفسير الحي , و رفض كل تفسير سواه , و جعله شريعة الهية , و سماه ( مقدسا ) لكي يميزه عن تفسير السحرة , و نجح بذلك في استعادة اللغة الغائبة في السماء , الى واقع الناس على الأرض .ان العالم الذي قلبه الكهنة , يستعيد توازنه فجأة , في ثلاثة مواقع رئيسية :

في الموقع الأول ؛ لم يعد علم الغيب , غائبا عن عيون الناس , بل صار اسمه المستقبل , و صار بوسع الناس أن يعرفوا مستقبلهم سلفا , بقليل من المنطق و علم الحساب .

في الموقع الثاني ؛ لم يعد عالم الغيب خارجا عن سنن الطبيعة , بل صار طبيعيا , و صار قابلا للتفسير العلمي , حتى اذا نطقت فيه الأصنام , و أرتادته التنانين المجنحة . فمستقبل الأنسان عالم مدهش - مثل عالم السحرة الغائب - لكنه لا يحتاج الى لغة الأساطير .

هذا التفسير الديني لكلمة ( عالم الغيب ) , رفضه الكهنة في جميع العصور , بحجة أنه تفسير ألحادي , قائم على أنكار البعث بعد الموت . و هي تهمة مقلوبة مثل كل شيء في لغة السحرة , لأن الدين لا يؤكد فكرة البعث فحسب , بل يفسرها باللغة الوحيدة التي يفهمها الأحياء :

فالناس لا يرون الميت حيا في السماء , بل يرونه حيا في أعماله على الأرض . انهم لا يحتاجون الى دليل على صحة البعث؛ لأن واقعهم نفسه هو الدليل . و قد التزم الدين بما تراه عيون الناس , فأعلن أن البعث رهن بلأعمال وحدها , و أن (( من يعمل مثقال خير يره و من يعمل مثقال ذرة شر يره )) هنا في واقع الناس على الأرض , و في مستقبلهم معا . و هو تفسير لا يقول أن الأنسان يفنى بعد الموت , بل يقول أنه لا يستطيع أن يفنى - حتى اذا أراد - أنه يعيش مع أعماله في لوح محفوظ .

ان الدين لا ينكر حق الحي في الحياة الخالدة , لكنه لا يتحدث عن الموتى , و لا يكلم الناس الحاضرين , عن عالم غير حاضر , بل يخاطب الأحياء , بلغة الأحياء , و يقول انهم مسؤولون شرعا عن الحاضر و المستقبل , لأنهم مسؤولون حقا , و عمليا , و بالفعل , و بالمنطق , و بالعدل , وبالحساب .

في كالديا - جارة سومر - افتتح النبي ابراهيم مسيرة الدين , بدعوة معلنة الى تحطيم الأصنام , و تحريم القربان البشري . و بدأت بذلك معركة هائلة بين شريعتين , تتقاتلان بالسيوف في لغة واحدة .

شريعة تعني فيها كلمة (( الرب )) صنما ميتا , و شريعة تعني فيه الكلمة نفسها الها حيا . احداهما تقول ان عالم الغيب غائب عن عيون الناس , لا تراه سوى عين الكاهن . و الأخرى تقول ان عالم الغيب , اسمه المستقبل , و ان الناس يرون مستقبلهم جيدا , لأنه يولد في حاضرهم , و يكون من صنع أيديهم . ان الفرق الهائل بين هاتين الشريعتين , لا يظهر في بناء اللغة , بل يظهر في بناء المواطن .

فشريعة السحرة , تتكلم بلسان الصنم الغائب , و تخاطب مواطنا مغيبا عن حاضره, علامة غيابه , انه ينكر ما تراه عيناه , و ينكر ما يقوله عقله , حتى يسجد خاشعا في حضرة صنم .

و شريعة الدين , تتكلم بلسان الأله الحيّ , و تخاطب مواطنا حاضرا في عالم الآحياء , علامة حضوره , انه مسؤول شخصيا عن واقعه و مستقبله , لأنه لا يعول على ما يقوله الساحر .

بين هذين المواطنين ثمة فجوة واسعة , بقدر الفجوة بين رجل حيّ و جثة رجل . وهي فجوة منظورة , و ظاهرة للعيان في وضح النهار , تعيش مثل الناس الأحياء أنفسهم , و تتنفس في مجتمعهم , و قوانينهم , و نظم حكمهم , كما تحل الروح في الجسد . و في ضوء هذا المقياس العلني , يكون التمييز سهلا - و علنيا - بين ما يدعى باسم الصحوة الدينية و بين صحوة الدين نفسه .

أن الدعوة التي ترتفع حاليا , تحت شعار (( الصحوة الأسلامية )) , دعوة لا تتكلم لغة الأسلام , لأنها لا تنادي بمسؤولية الأحياء عن حاضرهم و مستقبلهم , بل تنادي بمسؤولية الأئمة و المشايخ و رجال الدين . و هي علامة معروفة في لغة الصنم يستحيل تمريرها بوسائل الفصاحة , لأنها تنطق علنا في سلوك الناس .

ففي ظل هذه الصحوة الأسلامية , يولد الآن مجتمع أسلامي مغيّب , علامة غيابه أنه ينكر ما تراه عيناه , و ينكر ما يقوله عقله , و يفعل ذلك علنا , و رسميا , و باسم الأسلام نفسه , لأنه يملك اسلاما شفويا قادرا على تبرير الخطيئة بالكلام .

في هذا المجتمع الغائب , يحكم الصنم - و عائلته - باسم الشرع , و يقاد المسلمون بالعصي و الكلاب المدربة , كما تقاد الخرفان . لكن الشريعة الشفوية , لا تسمي القطيع قطيعا , بل تسميه (( رعية )) في استعراض واضح لما تستطيع اللغة أن تفعله على يد رجل بليغ .

في هذا المجتمع الغائب , تقضي المرأة المسلمة عقوبة السجن المؤبد , في زنزانة متنقلة , اسمها (( الحجاب)) . و تداهمها أمراض السجناء علنا , من العمى المبكر , الى التخلف العقلي , لكن الشريعة الشفوية , لا تسميها (( امرأة سجينة )) بل تسميها (( سيدة مصون )) , بحذف التاء من رأس النون , زيادة في طلب الفصاحة .

في هذا المجتمع الغائب , يولد الطفل البريء , تحت اسم ( عفريت) . و يتولى معلمه حبسه في القمقم , بضربه و ركله , و قرصه , و لعنه , لكن الشريعة الشفوية , لا تسمي التعذيب تعذيبا , بل تسميه (( تهذيبا)) لأن الجناس و الطباق أفضل من الصدق .

في هذا المجتمع الغائب , يعادي رجال الدين الوقورون جسد الأنسان , و يسمون وجه المرأة (( عورة )) , و هي اهانة لا يستحقها وجه الذئب نفسه , لكن الشريعة الشفوية لا تفرق بين الجوه .

في هذا المجتمع الغائب , يزدهر السحر في ثياب الحكمة , و يتولى الوعّاظ الأميون ارشاد الناس في شؤون الدنيا و الأخرة معا , من دون معرفة أو تأهيل . لكن الشريعة الشفوية , لا تسمي الواعظ الأمي ساحرا , بل تسميه (( رجل الله العارف بالأسرار الخفية )), في فتوى لا بد منها لتغطية رأس الجهل بطاقية الأخفاء .

في هذا المجتمع الغائب ,تسود قيم اخلاقية اسمها (( حميدة )), و كل الناس يحمدون ربهم , تحت ادارة تقر حكم الفرد , و تقر منطق القوة , و تعترف بشرعية القتل , و تكذب علنا في جميع وسائل اعلامها الرسمية , و في مناخ أجتماعي من هذا النوع , تكون القيم الحميدة فعلا - و المفيدة فعلا - هي الكذب و الغش و الخداع والنفاق و القسوة والأغواء , و القدرة على التعايش مع الظلم الى ما لا نهاية , لكن الشريعة الشفوية , لا ترى حجم الفرق بين مواطن يشرب من النهر , و مواطن يركض وراء السراب

ان هذه (( الصحوة الأسلامية )) التي تريد أن يستيقظ الأسلام , و ينام المسلمون , دعوة ينقصها صوت الأله الحيَ, و ليس بوسعها أن تعوض هذا النقص , بالفصاحة أو بالشطارة , و ادعاء الغيرة على الدين , و ليس بوسعها أن تجنّب المسلمين الخلود في النار , الاّ اذا اكتشفت الفجوة القائمة بين لغة الأسلام و بين لغة الكهنة , و عادت من عالمها الغائب في أقوال الأئمة و المشايخ , و ضمنت مسؤولية المواطن الحيّ عن الحاضر و المستقبل , في نظام اداري قادر على توفير الضمان .

من دون هذه الشروط , ينقطع الجسر القائم بين المسلمين و بين الأسلام , و يدير كلاهما ظهره للآخر في السرّ و العلن , على غرار ما يحدث الآن , باسم (( الصحوة الأسلامية )) فالدين لا يخاطب المواطن الحيّ , الاّ اذا خاطب واقعه المعاش , و تكلم بلسانه , و أعاد اليه صوته في شؤون الأدارة و الحكم . و هو شرط لا يوفي به اسلام يقوم على سلطة الموتى , بل اسلام يقوم على سلطة الأحياء .


مع خالص المودة و الأحترام .
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
صورة العضو الرمزية
بلديه
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 992
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة بلديه »

[align=center]سلمت يداك
وربنا يعطيك الصحه والعافيه[/align][/color]

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
السور الاعظم
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 5140
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: الجوزاء
الجنس: انثى

مشاركة بواسطة السور الاعظم »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دعنا نقول انه قد شاع المتحدثون باسم الدين وهم انفسهم لايفقهون منه الا القشور --الاسلام دين متجدد وينسجم مع الحداثة التي يشهدها المجتمع الانساني لكن العيب فينا نحن انفسنا فالصفات الانسانية المفروض الانسان يتحلى بها على الاقل من باب احترام الذات --فكما يقول الامام علي عليه السلام (دع الكذب تكرما ان لم تدعه تأثما))--فليس من الضروري ان يكون الانسان متدين ليترك الكذب على الاقل لا يكذب لان الكذب بكل بساطة صفة سيئة --وهذا ايضا ما يمكن ان نقوله عن النفاق والرياء والطمع والكبر والظلم وهي من اكثر الصفات التي بغيابها تدمر القيم الانسانية وبالتالي المجتمعات البشرية

شكرا لك

صورة العضو الرمزية
faraj
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 403
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة faraj »

مشكورين علي مروركم وإضافاتكم الرائعة

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
أضف رد جديد

العودة إلى ”الفرق والمذاهب والاديان“