حلم العالم الواحد

كل ما ليس له قسم خاص

المشرف: المشرفون

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
sshibamy
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 225
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

حلم العالم الواحد

مشاركة بواسطة sshibamy »

حلم العالم الواحد
مراجعة تاريخية
منذ بداية التاريخ المسجّل، سعى الجنس البشري لصنع مجتمع مسالم ويعيش السلام.. وهذه الرغبة لم تظهر في الناس المحبين للسلام والرافضين للحرب فحسب، بل أيضاً في الناس الذين خاضوا الحروب ليحققوا السلام..
حتى الاسكندر الكبير، جنكيز خان، نابليون وغيرهم من القادة العسكريين قد حلموا بتأسيس إمبراطورية عالمية تعيش بسلام.. جمهورية أفلاطون (370 ق.م)، أوغسطين: مدينة الله (413 م)، يوتوبيا "توماس مور" أو المدينة الفاضلة (1516م)، كامبانيلا: مدينة الشمس (1623)، سفينة هوبي (1651)، حديث "كانت" حول السلام الدائم (1795).. وغيرها الكثير من نظريات ومشاريع المجتمعات المسالمة والمثالية عبر التاريخ.
عندما انتهت الحرب العالمية الأولى (1914_1918) حاملةً الكثير من البؤس والمعاناة، تم تأسيس عصبة الأمم لتفادي الدمار والحروب المستقبلية.. وعندما انهارت عصبة الأمم وحدثت الحرب العالمية الثانية (1939_1945) جالبة دماراً أعظماً في كل العالم، تم تأسيس الأمم المتحدة للحفاظ على السلام والأمن العالمي.
بالإضافة إلى هذه الجهود السياسية، كان هناك العديد من الجهود الدولية لتحقيق السلام من خلال تعاون ديني وإنساني واقتصادي وثقافي..
بالتأكيد العالم يسعى لتحقيق مجتمع عالمي منظم.. وساعدت الأنظمة التعاونية للمساعدات المتبادلة على توحيد أمم وعروق مختلفة، تقاليد وثقافات وأيديولوجيات..
ويسود الآن تعاون عالمي في معظم مجالات الحياة، بما فيها الاتصالات، النقل، استكشاف الفضاء، استعمال الطاقة، الاستشارات الاقتصادية، التطوير الاقتصادي ومشاكل الصحة والرعاية الطبية.
لكن بالرغم من التوجُّه إلى صنع المجتمع العالمي، لا يزال هناك عدة مشاكل هامة علينا أن نحلها لتحقيق عالم واحد مسالم.. الصراعات السياسية بين الدول الليبرالية التحررية والدول الشيوعية، الصراعات الاقتصادية بين الدول المتقدمة والدول النامية، الصراعات الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت، المسيحيين والمسلمين، بين الشرائع القديمة والمعتقدات الجديدة... الصراعات الثقافية بين العلوم النظرية والفهم والإحساس الفني... الصراعات التقليدية بين العادات الشرقية والغربية..
وغيرها الكثير من الخلافات والصراعات التي تسبب المشاكل وانفصام العالم وتقسيمه في يومنا هذا..
* منذ عام 1945 بدأت محاولات جديّة للتغلب على هذه التقسيمات، خاصة منها التي تهم المصالح الوطنية والقومية، بتشكيل حكومة فيدرالية عالمية. ومن بين المساهمين بتشكيلها: توماس مان، أوبتون سنكلير، نورمان كوزنس، ألبرت أينشتاين، روبرت هتشنز، هنري أوزبورن، وإيدغار كافيرت من بين المفكرين الغربيين..
مهاتما غاندي، جواهر لال نهرو، تويوهيكو كاجاوا، جورج أوشاوا وغيرهم من المفكرين الشرقيين....
خلال فترة ما بعد الحرب، تم اقتراح عدة خطط لتأسيس حكومة فيدرالية عالمية، وتمت مناقشتها في برلمانات ومجالس عدة دول... وشجعت كثير من الهيئات التشريعية والسلطات القضائية والمدراء التنفيذيون على تبني هذا الهدف كموضوع أساسي في سياستهم العالمية.
* بين عامي 1945 وَ 1955 ظهرت عدة حركات لتأسيس حكومة فيدرالية عالمية وتكونت هذه الحركات من تيارين رئيسيين:
1. إصلاح دستور ووثيقة الأمم المتحدة لأجل تطوير حكومة فيدرالية عالمية بتحديد نفوذ الحكومات الوطنية.
2. تشكيل هيئة تشريعية مع ممثلين مختارين من قبل مواطني كل بلد.

خلال نفس الفترة، تم اقتراح أكثر من خمسين مسودة لدساتير عالمية من قبل أفراد، منظمات، مجموعات بحث وغيرها من المؤسسات.
لجنة جامعة شيكاغو المختصة لوضع دستور عالمي نشرت "مسودتها المبدئية للدستور العالمي" والحكومة الفيدرالية العالمية المعروضة ستكون منظمة بدساتير وقوانين سياسية مشابهة لقوانين الولايات المتحدة.
والكونغرس العالمي المقترح سيضم بيتين: بيت يمثل الحكومات الوطنية في العالم، والثاني يتكون من ممثلين منتخبين من الناس.. مثلاً: يتم اختيار ممثل واحد لكل مليون أو خمس ملايين شخص..

حدود وعيوب الحكومة الفيدرالية العالمية:
إن تأسيس عالم واحد موحد هو حلم البشرية العظيم منذ عهود، سواء كان بشكل مجتمع عالمي، حكومة ذاتية الحكم أو كومنولث عالمي، أو فيدرالية عالمية.
مهما يكن، حتى لو تم تشكيل حكومة عالمية كهذه، استناداً على بنية سياسية واجتماعية توحّد الدول الحالية وتقسيماتها المتنازعة، لن يمكنها أبداً ضمان السعادة العظمى للبشرية.. المجتمع العالمي مع حكومة مركزية سيقدر على إيقاف الحروب والتدمير العالمي خاصة إذا كانت الحكومة المركزية قوية كفاية للتحكم بكل أسلحة الدمار الشامل بما فيها القوة النووية...
لكن حتى مع تشكيل حكومة عالمية، ستبقى هناك عدة مشكلات دون حل، بما يتعلق بسلامة البشرية وصحتها وحياتها..

* إيقاف الحروب لن ينقص أبداً سبب الحروب.. هذا سيكون معالجة مفيدة للعوارض من أجل تقليل الصراع العالمي مؤقتاً، لكن ما لم يتم علاج سبب الحرب الجذري فسوف تنفجر الخلافات عاجلاً أم آجلاً وبشدة أكبر.
* السلام ليس مجرد غياب الحرب.. بل هو حالة خالية من كل أسباب الحرب.
وحالة مثل هذه ممكنة عندما تعامل الأطراف والمصالح العالمية بعضها كأجزاء متكاملة من عالم واحد، وعندما لا يفكر أي أحد بالعنف كحل ممكن للمشكلات البشرية.
هذه العقلية والوعي لا يمكن تحقيقها من خلال الثقافة الحديثة أو التدريب الاجتماعي، بل من خلال التحسين الحيوي والنفسي للبشرية...
بكلام أبسط: عندما يصل كل شخص إلى حالة جسدية وفكرية خالية من الكوابيس والأوهام، سينتج السلام بشكل طبيعي في المجتمع... أية تغييرات في بنية المجتمع بما فيها تأسيس حكومة عالمية، لن تساعد على تحقيق السلام الحقيقي ما لم يكن هناك جهود موازية لترقية البشرية حيوياً ونفسياً.
في هذا الوقت، مع غياب القاعدة الحيوية المتينة، حتى لو تم تأسيس حكومة عالمية وتم توحيد الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية، ستستمر كثير من المشاكل الجسدية والفكرية.. وستستمر البشرية الحديثة بالتدهور بسبب انتشار أمراض القلب والسرطان، الاضطرابات العقلية والعقم، الإيدز وغيرها من الأمراض المناعية والانحلالية وفي النهاية ستتحلل البنية الداخلية لهذا المجتمع العالمي والعولمة بسبب تدهور الصحة والوعي البشري... وستتبنى الحكومة العالمية نفس السياسات قصيرة النظر المطابقة لسياسة الحكومات الحالية، التي تؤدي لتلويث البيئة، تسميم الغذاء، أزمة الطاقة، إضافة لتفكك العائلة وفقدان ثقة البشر ببعضهم..... سيؤدي كل هذا إلى بؤس البشرية وتحللها بسرعة متزايدة على مقياس عالمي.
تعميم مقاييس واحدة وقوالب ثابتة للتفكير والتعبير والسلوك هو سلبية أخرى لتأسيس مجتمع عالمي واحد، مثلاً إذا تبنت الحكومة العالمية نظاماً تعليمياً عالمياً، فسينشأ كل أطفال العالم حسب نفس المفاهيم والمبادئ والأنظمة، مما يعيق الذكاء والإبداع الفردي... إذا تم صنع بنى قانونية منتظمة، سيحكم العلاقات البشرية المفاهيم والقوانين بدلاً من الحب والتعاطف والتفهم.
* إذا تم فرض المقاييس الغذائية الحديثة والأنظمة الغذائية القياسية الثابتة، دون الاهتمام باختلافات المناخ والفصول والحاجات الفردية، فإن صلة البشرية بأجدادها وتقاليدها وملايين السنين من التطور سوف تنقطع.
* الطبيعة تزدهر بازدياد التنوع... وما لم نحترم الغنى والتنوع المذهل في الصفات البشرية وقيمها، سيتدهور النظام العالمي الجديد بسرعة..
البذور المهجنة تعطي محاصيل كبيرة ومذهلة على المدى القصير، لكن مع الوقت تصبح أضعف من السلالات المحلية الطبيعية الأصلية... وبنفس الطريقة، المجتمع البشري القياسي الصناعي لن يكون قادراً على التكيف مع الظروف البيئية المتغيرة وسيفنى بسرعة.
دون فهمنا لنظام الطبيعة وقوانين الكون اللانهائي، بما فيها السلوك الغذائي السليم المعدل والموضوع حسب المكان والمناخ وحاجة الفرد، فإن أي تغيير في بنية المجتمع والعالم يمكن في النهاية أن يسبب الضرر أكثر من الفائدة... وكلما صارت الأنظمة العالمية أقوى تزداد معها شدة الخطر.

* إن حلم العالم الواحد المليء بالسلام، أو حكومة عالمية واحدة، خالد ولا يموت أبداً... لكن يمكن تحقيقه فقط من خلال تطور البشرية الحيوي والنفسي والروحي:
أولاً: يجب استعادة صحة كل فرد وكل عائلة وبهذا نقلل المشاكل الجسدية والفكرية التي تشلّ المجتمع الحديث والتي هي السبب الرئيسي للصراع والحروب..
ثانياً: علينا أن نحرر وعينا من كل الكوابيس والأوهام من خلال طريقة حياة أكثر طبيعية، تتضمن طريقة متوازنة في الطعام.
ثالثاً: علينا أن نزرع ونطور الفهم والحب الكوني العالمي بين الناس، ونتجاوز كل الفروقات بين الأوطان والعروق، الثقافة والتقاليد، المعتقدات والأديان... ونقبل كل شخص آخر كأخ أو أخت لنا في عائلة عالمية واحدة.
من خلال هذه الخطوات الثلاثة سيتم تحقيق عالم موحد مرتكز على أساس قوي حيوي ونفسي وروحي، وسيتحقق طبيعياً مع نمو وتطور المجتمع.
Michio Kushi, The Book of Macrobiotics, Chapter 8
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••

أضف رد جديد

العودة إلى ”مواضيع عامة ومتنوعة“