من روائع القصص

كل ما ليس له قسم خاص

المشرف: المشرفون

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
faraj
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 403
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

من روائع القصص

مشاركة بواسطة faraj »

من روائع القصص

في إحدى قصص الزمان في الشرق كان رجلا يدعى أنجوليمال قطع على نفسه عهدا بقطع حياة و رأس ألف إنسان ثم أخذ أصبعا من كل جثة ليتوج بهم اكليلا بجانب مسكنه.. و المعنى الذي يحمله أسمه هو الرجل صاحب الأكليل المتوج بألف أصبع..
كان رجلا يوصف بالشراسة و لا يتجرأ أحدا بالإقتراب منه .. و التلة التي يسكن بجانبها تفرغت تماما من عابري الطريق و أصبحت خالية من التواجد الإنساني بشكل مطلق.. عندما توصل إلى قطع تسعمائة و تسعون رأسا.. كان على الدوام ينتظر فردا واحدا ليكمل عدته ووعده الذي أخذه على عاتق أمره.. كان الطريق الذي يسكن بجانبه طريق مختصرة و لكنها خلت من الناس خوفا منه و تفاديا لملاقاته فأتخذوا من الطرق الآخرى سبيلا بالرغم من صعوبة التنقل من خلالها.. حدث ذات يوم أن تواجد في تلك المنطقة أحد حكماء الزمان و قرر أن يعبر مسلك الطريق المختصر في ذلك الوقت كان برفقته أثنان من تلامذته يرافقانه حيثما ذهب.. لوهلة أسرهم الخوف مما أقبل الحكيم على القيام به .. فقالوا له مترددين أيها المعلم الا تعلم ما أنت مقبلا عليه,, ألم تسمع من قبل بذلك الرجل المجنون.. من الأفضل أن تسلك الطريق الوعرة بدلا من الطريق المختصر.. فرد عليهم قائلا هذا مسلكي و طريقي و لن أتراجع و قد يكون عملا و علما لما لا تعلمون .. فتابع سيره قدما أما أولائك التلاميذ اللذين كانوا يحومون بشكل دائم حول الحكيم قد بدأو بالتراجع .. بدعوة ما إذا أمسك الرجل المجنون بمعلمهم فسيتمكنون من التهرب.. خرج ذلك الرجل من مسكنه متمعنا النظر في ذلك الحكيم و هو يتقدم ناحيته حتى ذلك الرجل الذي لم يلن قلبه لقتل تسعمائة و تسعون إنسان قد أحس بشيء في ذاخله بدأ ينبض و كأن قلبه فتح للحياة بابا..
كانت الشمس مشرقة ذاك اليوم و الحكيم له عينان طفولية بريئة تعكس نور الشمس بجمال إلهي يتوهج و يأسر من يراه .. عندما كان يقترب في خطواته من التلة نحو ذلك الرجل المجنون طلب منه التراجع و عدم متابعة السير نحوه لأنه لم يتبقى إلا شخصا واحدا ليقطع رأسه و يكمل عدته .. فطلب منه راجيا بأن يستوقف خطواته و يعود أدراجه لأنه أحس بشيء غريب قد أخذ يتخلخل في ذاخله بمجرد النظر إليه.. و عدم رغبته بقطع رأسه حتى أنه مستعدا على قتل أمه لو أتت إليه هناك فعاوده راجيا بالعودة من حيث أتى ألا يقتله.. أشهر سيفه الذي كان يحمله فقال له أنظر هذا سيفي بإنتظار الضحية المقبلة و لكن أرجوك لن تكون أنت عد إلى الوراء.. و لكنه لم يرد عليه ضل ساكنا تابع السير سالكا طريقه نحو التلة رويدا رويدا تقربه خطواته من ذلك الرجل المجنون... وسط دهشة أسرت ذلك المجنون صاح قائلا يبذو عليك الجنون أكثر مني .. لماذا تسترسل في السير نحوي؟؟
فرد عليه الحكيم قائلا أي سير لقد أستوقفت الذهاب لأي مكان كان منذ زمان و لم يعد يسيرني الا الله يرمي بي حيثما يشاء .. لست بذاهب لأي مكان أنت الذي تتجول بلا توقف.. تخبل ذلك المجنون أكثرفرد عليه قائلا أنا هنا أمامك في مكاني لم أخطو خطوة لأي مكان و أنت الذي تسير نحوي كيف يكون هذا !! جاوبه الحكيم قائلا فقط حاول أن تتفهمني فكرك الذي يتحرك و يسيطر عليك و يحكمك و يأخذك لتطير في كل مكان و زمان فكرك ما يجعل منك مقهور الحال كثير التجوال.. أما فكري ففكر من ذكر ساكن بلا حراك.. هيا أشهر سيفك و جهزه لقطع رأسي أراهنك بأنك لن تجد رأسا أفضل من رأسي.. لم يتمالك المجنون أنفاسه لم يستطع أن يتفهم أي رجل من الرجال يكون لقد أحس بصفعة من الصدمة صدمت واقعه لأول مرة في حياته أحس فيها بالعار حيال نفسه..حتى أنه لم يقدر على أن يحط عينيه في عيني الحكيم فعيناه كانتا تشعان توهجا أثيريا من الرحمة و المحبة و البركة و الإنتشاء أشياء و قيم إنسانية لم يكن لعهد ذلك المجنون أن يتعايشها أو يعرفها يوما في حياته..
و لكن ذلك التوهج كان قويا جدا لامسه و ذاعب إحساسه برقة شفافة لدرجة انه من ذاخل اعماقه استحى مما نوى.. أعاد مرارا و تكرارا رجائه من الحكيم بالعودة و ان لا يرغمه على قطع رأسه و القيام بشيء لا ينوي القيام به.. تابع الحكيم سيره قدما حتى اوصلته قدماه ليقف وجها لوجه أمام المجنون..
نظر اليه المجنون نظرة جنون و قال له يبذو عليك العناد أكثر مني و الآن لا يسعني ان أفعل لك شيئا سوى قطع رأسك.. قال له الحكيم تروي قليلا أليس من المعتاد أن يحقق الإنسان أخر أمنية له قبل أن يقتل و لدي أمنية صغيرة حققها لي ثم اقطع رأسي.. تمام رد المجنون فلتكن امنيتك ما تكن سأحققها لك مهما كبرت أو صغرت..
فعلق الحكيم قائلا لن تكون بالأمر الصعب إطلاقا فقط كل ما عليك القيام به قطع فرعا من الشجرة التي تقف بجانبها... تعجب المجنون لأمنية الحكيم فقطع بسيفه فرعا من الشجرة.. هنا كان الإختبار و الخيار.. عندها قال الحكيم الأن أعده في مكانه اجعله حيا كيفما كان ينمو جزء من الشجرة.. هذا جنون رد المجنون قائلا كيف لي بأن أعيده مكانه يستحيل ذلك.. فقال له الحكيم إذ لم تكن قادرا بإعادة ذلك الفرع الصغير لمكانه الأصيل.. فهل ترى هناك عظمة لما قمت به اليس أي طفل يمكنه فعل ذلك و أنت من يتصف بالعظمة و الهيبة لماذا صعقت قواك و ما قمت به شيئا بسيطا.. يمكنك قطع راسي لا بأس بذلك لكن هل يمكنك أن تعيده في مكانه و تهبني الحياة ثانية.. هل تظن بأن لك الحق المطلق في سلب حياة البشر و إراقة دمائهم كيفما تشاء.. استوقف الزمان و المكان وجودهما و حل الصمت بينهما.. في تلك اللحظة وقع السيف من يد الرجل.. لم يتمالك نفسه رمى كل الأصابع التي جمعها و في صمت عميق انحنى لذلك الحكيم قائلا لم يخطر ببالي هذا الأمر إطلاقا من قبل .. ان القتل و الدمار شيئا يقدر عليه أي أبله.. و انما المبدع و القوام حقا من استطاع ان يصنع للحياة حياة رجاء مني لك أن اكون احد تلاميذك ايها الحكيم..
عاد ذلك الحكيم برفقة الرجل للقرية و عندما بلغ الأمر لمسامع السلطان استولى عليه الفضول و أراد بأن يتيقن من حقيقة الخبر.. رغب في رؤية ذلك الرجل الشرس الذي اشتهر في ارجاء كل مكان و الذي بمجرد تلفظ اسمه يسبب ارتعادا للسلطان.. عند زيارة السلطان للحكيم قال له سمعت بما حدث أيكون الأمر حقا فرد عليه قائلا نعم ها هو ذا بجانبي.. سحق الخوف كيان السلطان و اشهر سيفه مخافة منه و لعدم ثقته في هكذا إنسان.. ابتسم الحكيم و طلب منه إعادة السيف مكانه قائلا ذلك الإنسان الذي رغبت برؤيته قد مات منذ زمن و الذي بجانبك الآن أنسان فريد ولدته الرحمة من جديد .. لا تخف منه فلن يسعه أن يؤذي أحدا على الإطلاق..
في ذلك اليوم خرج أنجوليمال في القرية متسولا لكن الجميع استفز وجوده بينهم فاقفلوا جميعهم باب ديارهم و تواروا عنه و اصطف حشدا يرجمونه بالحجر ,, أصابته الحجارة فاستنزفت أطراف جسده بالجراح و الدماء حتى سالت مع الدم قواه .. سقط سقوط السجود على الأرض في إعياء تام .. علم الحكيم بذلك الخبر و أتى قبل لحظات قصيرة من موت أنجوليمال.. لحظات إحتضار و لكنها حضرة أبدية لا تساوي زمنا بزمن هذه الدنيا بل كانت إنشراح
للروح لتستريح من معتقل الجسد.. تلك اللحظة التي يدوب فيها وهم الواقع الزمني في عمق محيط الواقع الأبدي.. في ذلك الآوان قال له الحكيم إن تصرفك الآن إتجاه عدوانية الناس بتسامح و غفران لهو مكافيء أن تموت كإنسان حقيقي تمت ولادته من جديد و بإمتنان رحل من جسده و داب في
.. هناك في عالم الأبدية تكمن الحياة الحقيقية أما ما يترأ لنا من حياة مؤقتة في واقعنا الحالي ليست إلا وهما .. الحياة حياة بالروح ووهما بالجسد.. و لذى نحن بحاجة لتدبر الأمر بوعي عندما تلسعنا الحياة و تصفعنا كي نصحو من غفلتنا.. صحوة من عالم المنام إلى أبدية السلام..
العاقل من تنبه وتيقظ ونظر بعين عقله، وصفاء فكره لما أعطاه الله من أسرار كنوز جواهر الآيات، في نعمة الإيمان والأديان المتعددة التي تجمع الخلق على مائدة معرفة الحقيقة الواحدة، حقيقة الكلمة السواء المليئة بالمحبة والصفاء والنقاء. إنها الكلمة التي كانت منذ البدء وستعود بإرادة العزة الإلهية، وتضع حداً فاصلاً وتحدث إفراقاً حاسماً، وتملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد امتلائها جوراً وظلماً.
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
أضف رد جديد

العودة إلى ”مواضيع عامة ومتنوعة“