ﺍﻹﺴﻁﺭﻻﺏ ﻫﻭ ﺍﺴﻡ ﺃﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﻋﺩﺓ ﺁﻻﺕ ﻓﻠﻜﻴﺔ ﺍﺴﺘﻌﻤﻠﺕ ﻟﻘﻴﺎﺱ
ﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﺍﻟﺸﻤﺱ ﺃﻭ ﺃﻱ ﻨﺠﻡ ﺁﺨﺭ، ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺘﺤﺩﺩ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﻘﻀﺕ ﻤﻥ
ﺍﻟﻠﻴل ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻭﺘﺭﻯ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺨﺭﻴﻁﺔ ﺍﻟﺒﺭﻭﺝ ﻭﻤﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻨﺠﻭﻡ. ﻭﻟﻘﺩ ﺤﻠﺕ ﺒﻪ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﺼﻠﺔ ﺒﻌﻠﻡ ﺍﻟﻔﻠﻙ ﺍﻟﻜﺭﻭﻱ. ﻭﻴﺼﻠﺢ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﻤﺎ
ﺘﻘﺩﻡ ﻷﺩﺍﺀ ﺃﻋﻤﺎل ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﻤﺴﺎﺤﺔ، ﻜﺤﺴﺎﺏ ﺒﻌﺩ ﻤﻜﺎﻥ ﺘﻌﺫﺭ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻴﻪ
ﻭﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﺒﻨﺎﺀ، ﻭﻋﻤﻕ ﺒﺌﺭ. ﻜﻤﺎ ﺍﺴﺘﺨﺩﻡ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎل ﺍﻟﻤﻼﺤﺔ ﺍﻟﺒﺤﺭﻴﺔ. ﻭﻤﻥ
ﺍﻟﺒﺩﻴﻬﻲ ﺃﻻ ﻴﻨﺘﻅﺭ ﺍﻟﻀﺒﻁ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﺃﺩﺍﺓ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﻡ ﻜﺎﻹﺴﻁﺭﻻﺏ ﺤﻴﺙ
ﻴﺅﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﺩﻗﺔ ﻗﻴﺎﺴﺎﺘﻪ ﺤﺭﻜﺔ ﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻹﻋﺘﺩﺍﻟﻴﻥ ﻭﺘﻨﺎﻗﺹ ﻤﻴل ﺍﻟﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﻜﺴﻭﻓﻴﺔ،
ﻻﺴﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﻨﻘﻀﺕ ﻋﻠﻰ ﺼﻨﻌﻪ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻁﻭﻴﻠﺔ. ﻭﻜﻠﻤﺔ ﺍﻹﺴﻁﺭﻻﺏ ﻤﻌﺭﺒﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻨﻴﺔ ﺘﺘﺄﻟﻑ ﻤﻥ ﻤﻘﻁﻌﻴﻥ
«Astron» ﻭﺘﻌﻨﻲ ﻨﺠﻡ، ﻭ«Lambahein» ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺭﺁﺓ، ﺃﻱ ﻤﺭﺁﺓ ﺍﻟﻨﺠﻭﻡ. ﻭﻤﻥ ﺫﻟﻙ قيل لعلم النجوم
.«Astronomy»
لمحه تاريخيه
ﺃﻭل ﺫﻜﺭ ﺼﺭﻴﺢ ﻭﺭﺩ ﻟﻺﺴﻁﺭﻻﺏ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ. ﻭﻴﻘﺎل ﺇﻥ ﺃﻭل ﻤﻥ ﺍﺴﺘﺨﺩﻡ ﺁﻟﺔ ﻟﺭﺼﺩ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ
ﻫﻭ «ﺃﺭﻴﺴﺘﺎﺭﺨﻭﺱ ﺍﻟﺴﺎﻤﻭﺴﻲ» ﺤﻭﺍﻟﻲ 230 ﻕ.ﻡ. ﻭﻴﺄﺘﻲ ﺒﻌﺩﻩ «ﻫﻴﺒﺎﺭﺨﻭﺱ» ﺒﻌﺩ 127 ﻕ.ﻡ، ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺘﻨﺴﺏ
ﺇﻟﻴﻪ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻹﺴﻘﺎﻁ ﺍﻟﻤﺠﺴﻡ ﺍﻟﺴﺘﺭﻴﻭﻏﺭﺍﻓﻲ. ﺇﻻ ﺃﻥ «ﺒﻁﻠﻴﻤﻭﺱ ﺍﻟﻘﻠﻭﺫﻱ» ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺎﺵ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻴﺔ ﺴﻨﺔ 127
ﻡ ﻫﻭ ﺃﻭل ﻤﻥ ﻗﺩﻡ ﻭﺼﻔﺎﹰ ﺩﻗﻴﻘﺎﹰ ﻟﻺﺴﻁﺭﻻﺏ ﺍﻟﻜﺭﻭﻱ ﻭﺍﻟﻤﺴﻁﺢ ﻭﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻬﻤﺎ. ﻭﻫﻭ ﺼﺎﺤﺏ ﻜﺘﺎﺏ
«ﺍﻟﻤﺠﺴﻁﻲ» ﺍﻟﺫﻱ ﺒﻘﻲ ﻤﺭﺠﻌﺎﹰ ﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﻔﻠﻙ ﺯﻤﻨﺎﹰ ﻁﻭﻴﻼﹰ.
ﻭﻤﻥ ﺃﺸﻬﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻋﻨﻭﺍ ﺒﺎﻹﺴﻁﺭﻻﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ «ﺜﺒﻭﻥ ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﻱ» - ﺜﺎﻭﻥ ﺍﻹﺴﻜﻨﺩﺭﺍﻨﻲ - ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺎﺵ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ، ﻭﻟﻪ ﻜﺘﺎﺏ «ﺍﻟﻌﻤل ﺒﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﻠﻕ» ﻭﻜﺘﺎﺏ «ﺍﻟﻌﻤل ﺒﺎﻹﺴﻁﺭﻻﺏ». ﻭﻗﺩ ﺍﻨﺘﺸﺭﺕ ﺼﻨﻌﺔ
ﺍﻹﺴﻁﺭﻻﺏ ﻓﻲ ﺤﺭﺍﻥ ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺍﻨﺘﻘﻠﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺭﺏ، ﺤﻴﺙ ﻅﻬﺭ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺒﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﻔﻠﻙ ﻭﺁﻻﺘﻪ ﻤﻊ ﻅﻬﻭﺭ
ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻻﺭﺘﺒﺎﻁ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺒﺄﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ، ﻤﻥ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻟﻤﻭﺍﻗﻴﺕ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻘﺒﻠﺔ ﻭﺘﻌﻴﻥ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻭﻨﻬﺎﻴﺔ ﺸﻬﺭ
ﺭﻤﻀﺎﻥ ﻭﻤﻭﺍﻗﻴﺕ ﺍﻟﺤﺞ.
ﺃﻤﺎ ﺃﻭل ﻤﻥ ﻋﻤل ﺇﺴﻁﺭﻻﺒﺎﹰ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻓﻬﻭ ﺃﺒﻭ ﺇﺴﺤﺎﻕ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺍﻟﻔﺯﺍﺭﻱ (ﺕ 180 ﻫـ) ﻭﻫﻭ ﻤﻥ
ﻥ
ﻓﻠﻜﻴﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺃﺒﻭ ﺠﻌﻔﺭ ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺭ ﻭﻗﺩ ﺃﻟﻑ ﻜﺘﺎﺏ «ﺍﻟﻌﻤل ﺒﺎﻹﺴﻁﺭﻻﺏ»
ﻭﻓﻲ ﺃﻭﺍﺨﺭ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻠﻬﺠﺭﺓ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻤﻨﺠﻡ «ﻤﺎ ﺸﺎﺀ ﺍﷲ ﺒﻥ ﺁﺜﺭﻱ» ﻜﺘﺎﺏ «ﺼﻨﻌﺔ ﺍﻹﺴﻁﺭﻻﺏ ﻭﺍﻟﻌﻤل ﺒﻪ»
ﻜﻤﺎ ﺼﻨﻑ ﻓﻴﻪ ﻤﺤﻤﺩ ﺒﻥ ﻤﻭﺴﻰ ﺍﻟﺨﻭﺍﺭﺯﻤﻲ (ﺕ 232ﻫـ) ﻭﻭﺼﻔﻪ ﺃﻨﻪ ﺁﻟﺔ ﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻨﺠﻭﻡ. ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﻴﻘﻭل ﺍﺒﻥ
ﺍﻟﻨﺩﻴﻡ: «ﻭﺃﻭل ﻤﻥ ﻋﻤﻠﻬﺎ – ﺃﻱ ﺍﻹﺴﻁﺭﻻﺒﺎﺕ – ﺒﻁﻠﻴﻤﻭﺱ ﻭﻗﻴل ﺃﻨﻬﺎ ﻋﻤﻠﺕ ﻗﺒﻠﻪ. ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺍﻵﻻﺕ ﺘﻌﻤل ﺒﻤﺩﻴﻨﺔ
ﺤﺭﺍﻥ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﺘﺴﻊ ﻟﻠﺼﻨﺎﻉ ﺍﻟﻌﻤل ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺴﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﺄﻤﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﻭﻗﺘﻨﺎ ﻫﺫﺍ. ﻭﻟﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺄﻤﻭﻥ
ﺍﻟﺭﺼﺩ ﺘﻘﺩﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﻑ ﺍﻟﻤﺭﻭﺫﻱ ﻭﻗﺩ ﻋﻤل ﻟﻪ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﻠﻕ، ﻭﻗﺩ ﻋﻤل ﺍﻟﻤﺭﻭﺫﻱ ﺍﻹﺴﻁﺭﻻﺏ».
ﺜﻡ ﺍﻨﺘﺸﺭﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﻓﻲ ﺩﻴﺎﺭ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭﺍﺘﺴﻌﺕ ﻭﻋﺭﻓﺕ ﺃﺸﻜﺎﻻﹰ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺴﻴﺭﺩ ﺫﻜﺭﻫﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺃﻨﻭﺍﻉ
ﺍﻹﺴﻁﺭﻻﺏ
ﻴﻘﺴﻡ ﺍﻹﺴﻁﺭﻻﺏ ﺇﻟﻰ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺭﺌﻴﺴﻴﺔ ﺤﺴﺏ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﺇﺴﻘﺎﻁ ﺍﻟﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ:
1 - ﺍﻹﺴﻘﺎﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻱ(stereo projection): ﻫﻭ ﺇﺴﻘﺎﻁ ﻟﻠﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﻁﺢ ﻤﺴﺘﻭﹴ (ﺍﻟﺴﺘﺭﻴﻭﻏﺭﺍﻓﻲ).
2 - ﺍﻹﺴﻘﺎﻁ ﺍﻟﺨﻁﻲ (linear projection): ﻭﻫﻭ ﺇﺴﻘﺎﻁ ﺍﻟﻤﺴﻘﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺨﻁ ﻤﺴﺘﻘﻴﻡ.
3 - ﺍﻹﺴﻘﺎﻁ ﺍﻟﻜﺭﻭﻱ (spherical projection): ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﺒﺫﺍﺘﻬﺎ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﻤﺴﻘﻁ.
ﻭﺃﻜﺜﺭ ﺍﻷﻨﻭﺍﻉ ﺸﻬﺭﺓ ﻫﻭ ﺍﻹﺴﻁﺭﻻﺏ ﺍﻟﻤﺴﻁﺢ ﻭﻴﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻹﺴﻘﺎﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻱ ﻭﻴﺘﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺼﻔﺎﺌﺢ
ﻭﺸﺒﻜﺔ ﺘﻭﻀﺢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻭﺍﻀﻊ ﺍﻟﻨﺠﻭﻡ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺤﺭﻜﺘﻬﺎ ﺤﻭل ﺍﻟﻘﻁﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻱ.