عِلم التنجيم والكارما التبتيَّة-المنغوليَّة - الجزء الثالث

كل ما لا يخص علم التنجيم الاستوائي من هندي وصيني ومايا وامم اخرى
قوانين المنتدى
• تنبيه : هذا قسم خاص لمواضيع التنجيم الهندي والصيني والمايا وكذا الامم الاخرى وليس للتنجيم الاستوائي الذي نستخدمه نحن عادة في منتدياتنا.
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
ابو شمس المحسن
مدير الشبكة
مدير الشبكة
مشاركات: 9094
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: السرطان
الجنس: ذكر
Iraq
اتصال:

عِلم التنجيم والكارما التبتيَّة-المنغوليَّة - الجزء الثالث

مشاركة بواسطة ابو شمس المحسن »

عِلم التنجيم والكارما التبتيَّة-المنغوليَّة - الجزء الثالث

ألكسندر بيرزين
ميونخ، ألمانيا
الأبراج التنبُّئِية
إحدى الموادِّ التي يجب بحثها هي الأبراج التنبئية، التي تتنبَّأ بما قد يحدُث في الغالب خلال فترات مختلفة من حياة الشخص، مثل برج الولادة والتقويم الفلكي. ويشمل الأمر تسعة أجرام سماوية: الشمس والقمر وعطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل، وما ندعوه في الغرب "العُقدتينِ القَمريِّتينِ: الشمالية والجنوبية". ودعونا نرجع إلى مثال عجلة الملاهي العملاقة التي على شكل إطار، مع تمثيل الشمس والقمر كُرتيْنِ تدوران حول الدرب الداخلي للإطار. يصف هذا مدارَيِ الشمس والقمر، والمداران ليسا متوازييْنِ تمامًا، بل إنهما يتقاطعان في الجانبيْنِ المُتقابليْنِ من الإطار، ونقطتا الالتقاء هما العقدتانِ الشمالية والجنوبية للقمر. وعندما تقع الشمس على إحدى النقطتيْنِ، ويقع القمر على النقطة الأخرى تمامًا، يحدُث الخسوف القمري. ويحدُث الكسوف الشمسي عندما تلتقي الشمس والقمر في أيٍّ من نقطتي الالتقاء. تتناول معظم أنظمة الفلك والتنجيم القديمة العقدتيْنِ القمريتيْنِ على أنها أجرامٌ سماوية، وتدعوها البوذية راهو (الراس) وكالاغني، في حين تُسمِّيها الأنظمة الهندوسية راهو (الراس) وكيتو؛ إذ يُعَدَّان الجُرميْنِ السماوييْنِ: الثامن والتاسع.

يَحسُب عِلم التنجيم التنبُّئي التبتي-المنغولي الفترة الحياتية المُتوقَّعة للشخص. وبعدها يَقْسِم فترة الحياة إلى فترات، يَحكُم كلاًّ منها أحدُ الأجرام السماوية التسعة في ترتيبٍ ثابت، وكل جرم سماوي يحكم لفترة معينة – نسبة معينة من فترة الحياة – حسَب حِصَّة ثابتة، وتختلف نسبة كل فترة عن الأخرى. وأنتم تحسُبون الجرم الذي يحكم الفترة الأولى من حياة الشخص، ومن خلال حساب نسبة فترة الحياة التي يحكمها ذاك الجرم تَستمدُّون طول الفترة الأولى. ويمكنكم تقسيم كلِّ فترة إلى فترات فَرعية من الحياة من خلال الحصص نفسها، والمتابعة في التقسيم إلى فروع ثانوية، ومن خلال مقارنة مُدد الفترات في خريطة الولادة للأجرام السماوية التي تحكم فترة معينة والتي تحكم فترة فرعية، وتقسيم الفترة الفرعية، تَستمِدُّون تفسير توقُّع حدوث شيءٍ ما لشخصٍ ما خلال ذلك الوقت.

تشبه الأنظمة الهندوسية الهندية لعِلم التنجيم التنبُّئِي النظامَ التبتي-المنغولي، ولكنها تختلف بشكلٍ كبير في عِدَّة أوجه. فالأنظمة الهندوسية لا تحسُب فترة الحياة. وتحكم الأجرام السماوية التسعة بالترتيب الثابت والحصص نفسها، كما هي الحال في النظام التبتي-المنغولي، ولكن على كل حال، فإن الفترات التي تحكمها الأجرام التسعة يصل عددها إلى ١٢٠ سنة. وهكذا، إذا كانت النسبة التي يحكمها أحد الأجرام السماوية هي ١٠ ٪ فسيحكم اثنتي عشرة سنة في حياة كل شخص. والفرق الوحيد بين خرائط الناس يكون مع بداية السنوات الاثنتيْ عشرة في حياة الشخص. ومعظم الناس يُتوفَّوْن قبل بلوغ سن الـ١٢٠ سنة، وبالتالي فإن تلك المرحلة قد لا تحدُث قبل موتهم. وفي النظام التبتي-المنغولي تحدث كل الفترات التسع في فترة حياة كل شخص، وإذا كانت النسبة التي يحكمها أحد الأجرام السماوية هي ١٠ ٪، وفترة الحياة لا تتجاوز الـ٦٠ عامًا، تكون فترة الجرم السماوي ست سنوات فقط.

الحسابات السوداء وعِلم التنجيم الصيني
إن الحسابات السوداء في عِلم التنجيم التبتي-المنغولي، التي نشأت من الأنظمة الصينية، تُضيف عِدَّة مُتغيِّرات أخرى إلى عِلم التنجيم التنبُّئي. ويأتي أحد الجوانب من حلقات الحيوانات الاثني عشر: الفأر والخنزير والقرد، وما إلى ذلك. ومن العناصر الخمسة: التراب والماء والنار والخشب والحديد. وعند دمجها تُشكِّل سِتِّين تركيبة، مثل الحصان الحديدي أو النمر الخشبي في المتغير التبتي. يَستبْدِل التقليد المنغولي أسماء العناصر بأسماء الألوان المرتبطة بها، مثل الحصان الأسود أو النمر الأزرق، وتحتوي خرائط الولادة على تركيبات للسَّنة والشهر واليوم، وفترة الساعتيْنِ لوقتِ الولادة. ويمكنكم حساب تركيبة الحيوان-العنصر التي تحكم كُلَّ سنة في الحياة، من خلال مقارنتها بتركيبات الولادة، ويمكنكم أن تَستمِدُّوا معلومات تنبُّئية إضافية لتلك السنة.

تشمل الحسابات السوداء كذلك نظامًا من ثماني تريقرامات وتسعة أرقام لمربعات سحرية. والتريقرام عبارة عن دمج ثلاثة خطوط صلبة أو مكسورة، كما يظهر في الكتاب الكلاسيكي الصيني أي تشينغ (كتاب التغيرات). ونشأت أرقام المربعات السحرية هذه من مربع مُقسَّم إلى تسع خانات، كما هي الحال في لعبة "إكس أو"، وفي كل صندوق هناك رقم، من ١ : ٩، ومُرتَّب بطريقة تضيف ثلاثة أرقام بشكلٍ أفقي وعمودي ومائل، وتساوي دائمًا خمسة عشر. من التريقرام وعدد المربعات السحرية لسنة الولادة، يمكنكم حساب التريقرامات المتقدمة والعدد الخاصِّ بكل سَنة من الحياة، مما يعطي معلومات تنبُّئِية إضافية. وكلُّ المعلومات التي تنشأ من الحسابات البيضاء والسوداء تُربَط وتُفسَّر لإنتاج برجٍ تبتي-منغولي تنبُّئِي كامل. ولمزيدٍ من الدقة يمكنكم إضافة المعلومات البيضاء والسوداء من روزنامة أيام وساعات السَّعْد والشُّؤم. وعليكم أن تَزِنُوا كلَّ العوامل التي تؤثِّر على فترة معينة؛ لأنه من منظور متغيرٍ واحد يمكن ألا يكون مواتيًا. في النهاية فتفسيرات الخرائط في عِلم التنجيم التبتي-المنغولي فَنٌّ مُعقَّد.

التنبؤ بفترة الحياة
إن المهارة في التفسير مُهمة أكثر صعوبة؛ لأن الكثير من المشاكل تنبع من النظام. وأحيانًا، وعندما تَحسُبون فترة حياة شخصٍ ما تكتشفون أن هذا الشخص – حَسَب المعادلات الرياضية – كان يجب أن يموت منذ سنوات. في حين يكشف حساب آخر أنه إذا فعل أحدهم كثيرًا من الأفعال الإيجابية يمكنها حينئذٍ أن يُمدِّدَ فترة حياته بنسبة معينة. حتى إن الكثير من الأشخاص كان يجب أن يكونوا مَيِّتين أساسًا. بالإضافة إلى ذلك، فكم شيئًا إيجابيًّا يجب على المرء أن يفعله لِيُمدِّد فترة حياته؟ وهل هناك إمكانيتان فقط: فترات الحياة العادية والمُمدَّدة، أم إذا فعل المرء نسبة بسيطة من الأفعال الإيجابية أو إذا كانت دوافعه غير طاهرة، هل يمكنه تمديد فترة حياته بعض الشيء فقط؟

حتى إن الحالة تُصبح أكثر تعقيدًا عندما تنظرون إلى نصوص مختلف مُعلِّمي التنجيم التبتيين والمنغوليين في أوقات مختلفة من تاريخ تطوُّره؛ إذ يختلف المعلِّمون حول حسابات فترة حياة شخصٍ ما؛ حيث يأخذ بعضهم فترة الحياة الأطول والمثالية ويجعلها ١٢٠ سنة، في حين يجعلها بعضهم ١٠٠ سنة، والبعض الآخر يجعلها ٨٠ سنة. ويعتمد ذلك على المعلِّم الذي تختارونه. فإن الحسابات المتعلقة بمدى طول الفترة التي سيعيشها الشخص وما سيحدث له خلال حياته تختلف. ولا ندري أيُّها صحيح؟ هل من الأفضل اتِّباع مثال عِلم التنجيم الهندوسي الهندي، وعدم حساب فترة الحياة أبدًا؟ حتى لو فعلنا ذلك فهناك العديد من التقاليد التنجيمية التبتية-المنغولية؛ فالتقويمات التي سحبها كل تقليد تختلف بشكلٍ بسيط. وهكذا تكون هناك تشكيلة أوسع من التنبُّؤات الموجودة التي تتعلَّق بمَجْرى حياة الشخص.

استيعاب الحقيقة
ليس عِلم التنجيم التبتي-المنغولي فريدًا من حيث اختلاف عدة تقاليد بشأنه، كل تقليدٍ يُنتِج خرائط تنبُّئية تختلف عن بعضها بشكلٍ خفيف. وتشترك الأنظمة الغربية والهندوسية الهندية والصينية في هذه الخاصية. وعندما يُدرك الناس هذا الوضع لا يشعرون بالارتياح في أغلب الأحيان. وكونهم لا يشعرون بالأمن فإنهم يُصوِّرون لأنفسهم أنهم يعيشون أفرادًا ثابتين، ويمكن العثور عليهم وراثيًّا، وما سيحدث في حياتهم يُصوِّرونه على أنه موجودٌ وراثيًّا، وأن الأحداث التي سيواجهونها ثابتة. واعتمادًا على هذه البلبلة يرغبون يائسين أن يسيطروا – من خلال فَرْدَانيتهم الموجودة بشكلٍ مُستقلٍّ – على ما سيحدث، أو على الأقل أن يعرفوا ما سيحدث؛ كي يكونوا قادرين على الاستعداد. وعند مواجهة الاحتمالات العديدة لما قد يحدث يشعرون أن حياتهم الفردية الموجودة بشكل ثابت خارج سيطرتهم.

إن الإحباط الذي يعانون منه يشبه تجاوبهم عندما يُعلِّم أحد المعلِّمين التبتيين أو المنغوليين الكلاسيكيات البوذية، ويشرح ذلك أنه من وجهة نظر نظام هذه العقيدة في هذه الكُتَيِّبَات الرهبانية، فهذا يعني أمرًا. ولكن، حسَب كلٍّ من الكُتَيِّبَات الأخرى فهو يعني أمرًا آخر؛ ومن وجهات نظر الأنظمة العقائدية الأخرى يحتمل كلُّ كتيِّبٍ تفسيرًا آخر، وكل تقليد من التقاليد البوذية التبتية-المنغولية الأخرى يَشْرَحه بشكلٍ مختلِف. وبمواجهة هذا العدد الكبير من البدائل يجيب بعض الغربيين: "ولكن، ما الذي يعنيه الأمر حقًّا؟". ولعل الفِكر التَّوْراتي قد أثَّر بصورةٍ غير مباشرة عليهم – إله واحد وحقيقة واحدة – حتى إنهم يُصوِّرون لأنفسهم وجود حقيقة فردية وراثية لما يعنيه التعليم بالضبط، وهم يتناولون معلومات عِلم التنجيم بالطريقة نفسها التي ينظرون بها إلى الإجابات القطعية عمَّا سيحدث.

إذا تصورنا أن الواقع موجود بهذا النمط المستحيل فسيصيبنا شعورٌ بخيبة الأمل والإحباط تجاه المعلومات التي نكتسبها من عِلم التنجيم التبتي-المنغولي. ولاكتساب أي شيءٍ منه علينا النظر إلى المعلومات من وجهة نظر مختلفة تمامًا، أي من وجهة نظر التعاليم البوذية حول الكارما والبُطلان. وتُعرِّف المعلومات التنجيمية السمسرا أنها الولادة الجديدة ومَجْرَى كل حياة، وتحدث خارج إطار السيطرة في ظِلِّ تأثير الكارما. ولتحرير أنفسنا من هذه الحلقة المُفرَغة علينا أن نفهم البُطلان، أي: حقيقة أن كُل شيء، بما في ذلك شخصياتنا والأحداث التي تجري في حياتنا، تخلو من الطُّرُق المستحيلة للوجود. لذلك علينا أن نفهم الكارما والبُطلان.

إمكانات الكارما مقابل الجبرية
فَسَّرَ كايدروبجي الأمرَ، وهو مُعلِّمٍ تبتي كبير، بشكلٍ جميل؛ إذ كتبَ في تفسيره للكلاتشاكرا تانترا أنه إذا كشف عِلم التنجيم كل المعلومات المتعلقة بشخصٍ ما لَكان الإنسانُ والكلب اللذانِ وُلدا في المكان نفسه وفي الوقت نفسه يتمتَّعان بالشخصية نفسها، وفترة الحياة نفسها، والأمور نفسها التي تحدث لهما خلال حياتهما. ومن الواضح أن تلك ليست هي القضية. فالسبب هو عدم تقديم عِلم التنجيم كلَّ المعلومات حول الشخص. ويؤثِّر الكثير من العوامل الأخرى على مَجرى حياة الفرد، وتنبع التأثيرات من شبكات الأسباب والنتائج الضخمة، فتُسبِّب الكارما وقوانين السبب والنتيجة السلوكية خِبراتٍ في كلِّ مرةٍ نُولَدُ فيها. وتعطي خريطة تنجيمية، دون التَّطرُّق إلى مدى دقتها أو ثقافتها، فهي مجرد صورة صغيرة لجانبٍ واحد من نمطٍ واحد للكارما التي لدينا. وقد تكون هناك ترجيح كبير أن بعض الأحداث ستجري وفقًا لتلك الخريطة، لكنكم لا تستطيعون تجاهل أقل الترجيحات احتمالاً؛ بأن أمورًا أخرى قد تحدث، بالإضافة للأحداث الأولى أو بدلاً منها. ومن خلال نَسْفِ الطريقة المستحيلة للوجود نتغلَّب على عاداتنا المحفورة في أعماقنا التي تجعلنا نتصوَّر وجودنا الفردي ثابتًا، ونعرف ما سيحدث حَقًّا، وبذلك يكون تحت السيطرة دائمًا.

فَكِّروا بالمعلومات التي نستخلصها من التقاليد الطبية المختلفة. ويصف الطِّبُّ الغربي الجسمَ بأنه شبكة مُعقَّدة من أنظمة مختلفة: الدورة الدموية والأعصاب والجهاز الهضمي، وما إلى ذلك. في حين يصف الطب التبتي-المنغولي أنظمة من التشاكرات ومحطات الطاقة. أمَّا الطب الصيني فيُحدِّد خطوط الطول ونقاط الوخز بالإبر. وإذا اعترضتم وسألتم: "ولكن، أيُّهما صحيح؟ أيُّ نظام يصف ما يحدث فعلاً في الجسم؟" فسيكون علينا أن نجيب: كُلُّها صحيحة. ويقدم كلُّ نظام معلومة صحيحة حول الجسم تتيح علاجًا طبيًّا ناجحًا.

والأمر نفسه صحيح بالنسبة لعِلم التنجيم، فتُنتج الأنظمة الغربية التي تعتمد الخريطة الفلكية المدارية مجموعة واحدة من المعلومات، في حين يُعطي النظامان: الهندوسي الهندي والتبتي-المنغولي، اللذان يعتمدان الخريطة الفلكية للنجوم الثابتة، نتائج مختلفة. ويعطي عِلم التنجيم الصيني التقليدي معلومات إضافية، في حين تُقدِّم الحسابات السوداء ذات المنشأ الصيني، التي يستخدمها التبتيون والمنغوليون مسائل مختلفة. وفي إطار التقاليد التنجيمية التبتية-المنغولية إذا استخدمتم أنظمة تحسُب فترات حياة قصوى من ١٢٠ أو ١٠٠ أو ٨٠ سنة، فستحصلون على ثلاث صور مختلفة لما قد يحدث خلال مجرى الحياة. وطريقة التعامل مع كل هذه المعلومات التي تبدو متضاربة هي إدراك أن كل نظامٍ يصف تكوينًا كارميًّا محتمَلاً واحدًا، مع احتمال معين بأنه قد يحدُث حَقًّا.

ولكلٍّ منا إمكانات لعددٍ ضخمٍ من التكوينات الكامرية، وبالتالي عدد ضخم من الحيوات المُمكنة التي يمكن أن نعيشها. وليس التوجُّه من حيث محاولة معرفة ما سيحدث قطعًا في الغد، كما نقول مثلاً: هل أشتري المزيد من الأسهم في البورصة غدًا؟ هل سيكون يوم حظي؟ إن التوجُّه المناسب يكون من حيث عمليات توظيف احتماليَّة الحدوث. فإذا كشفت خريطتنا أنَّنا قد مُتْنَا – افتراضًا – من عشر سنوات فإنَّ ذلك يمنحنا فكرةً ما بأننا جمعنا الكارما الخاصة بنا لنحيا حياةً قصيرة، وذلك احتمال واحد لموروثنا الكارمي. لكن ما ينضج في فترة حياةٍ معينة يعتمد على الظروف والحالات. فَكِّروا بالعدد الضخم من الناس الذين يموتون في كارثة طبيعية مثل هِزَّة أرضية، أو قنبلة نووية. فبالطبع لا يُشير بُرج كل شخص إلى أنه سيموت في ذلك اليوم. والظروف والحالات الخارجية غير المُشار إليها في الخرائط تُؤثِّر على ما يحدث.

لذلك تُشبه الخريطة التنجيمية تقرير حالة الطقس؛ فهي تُعطِي صورةً عما سيحدُث في الغالب، ولكنها صورة قد لا تتحقَّق في الواقع. ومن المُحتمل أنها ستمطر اليوم، لذا نحمل مِظلَّةً احتياطًا. وإذا تبين أنها لن تمطر فلن يكون هناك أي ضرر. وعلى نحوٍ شبيه، إذا أشارت أبراجنا إلى أننا سنلتقي بحُبِّنا الحقيقي هذا اليوم فسننجح في العمل، أو ما شابه ذلك، وإذا كُنَّا مُدركين لهذا الأمر بأنه احتمالٌ قوي فسنبقى جاهزين لتلقِّي الفُرَص التي قد تظهر هذا اليوم، وإذا لم يحدث شيء نُذكِّر أنفسنا بأنه لا يوجد شيء حَتميٌّ أبدًا في الأبراج.

تنقية الكارما
إذا رغبنا في تنقية أنفسنا من كل الخرائط التنجيمية المُحتمَلة، التي هي في النهاية هدفُ الدراسة البوذية لعِلم التنجيم، فإن علينا أن نحاول تعلُّمَ دروس الدارما من خرائطنا؛ فقد نتعلَّم مثلاً أنَّ علينا في كل الحالات أن نكون مُنفتحين ومُتقبِّلين للفُرَص الجيدة، وأن نكون حذِرين في وجه المخاطر والنَّكَسَات، وإذا كانت خرائطنا تشير إلى أننا يجبُ أن نموت عندما كُنَّا في سن العاشرة، ولكننا – كما هو واضح – لم نمت حينها، فمن شأن ذلك أن يجعلنا نُفكِّر في الأسباب الكارمية للحياة القصيرة. فالموت في سِنٍّ صغيرة ينتج من قتل الآخرين أو إلحاق الضرر بهم. حتى لو لم تنضج هذه النتائج الكارمية في فترة حياةٍ واحدة فنَتذكَّر أننا قد جمعنا مثل هذه الكارما، وأننا على الأرجح لدينا الميول لتجميع المزيد. فعلى سبيل المثال، قد نضرب الذُّبَاب بغفلة، معتقدين أن التفكير بذلك لا يهم. إن فترة الحياة القصيرة الواردة في خرائطنا يمكن أن تُوحي لنا بالعمل على تنقية أنفسنا من هذه الميول.

إحدى النقاط المهمَّة التي نتعلَّمها من الأبراج التبتية-المنغولية إذًا هي التعامل مع الأسباب الكارمية العينية داخل أنفسنا، وليس التأكيد هنا على محاولة معرفة ما سيحدث قطعًا في تاريخ كذا وكذا في حياتنا. وتجعلنا الدراسة نتحمَّل مسئولية أكبر، عِوضًا عن تحمُّل مسئولية أقل. وإذا كان كل ما يحدث مُقدَّرًا فما نفعله الآن لن يحمل أي تأثير، ولا يمكننا أن نُؤثِّر على أي شيءٍ يحدث لنا. ومن ناحيةٍ أخرى، فعندما نرى أن احتمالات معينة بخصوص ما قد يحدث، وليس بالضرورة أنه سيحدث، فإننا نُحاسَب على الخيارات التي نُقرِّرها. فبدلاً من تضييق معرفة المعلومات التنجيمية لأفقنا؛ بحيث تبدو شخصياتنا ومجريات حياتنا وتفاعل الآخرين معنا ثابتة ولا تتغير، يقودنا فَهمنا إلى الاستنتاجات العكسية. ونحن نرى أن كل ما يحدث يَنتُجُ بشكلٍ مُستقلٍّ من الأسباب والظروف التي لا حصر لها، وأنَّ ما نفعله يُساهم في مجريات حياتنا.

قد يبدو النظام التنجيمي التبتي-المنغولي مُعقَّدًا، لكنَّ الحياة أعقد منه بصورةٍ غير محدودة، وتُؤثِّر الكثير من المتغيرات على ما يحدث أكثر ممَّا يمكن أن تمثله بضعة أجرام سماوية وعلامات ومنازل وعناصر وتريقرامات وأعداد المربع السحري. مع يقظة المتغيرات التي لا حصر لها، التي تؤثِّر على ما يحدث لنا في الحياة، تبدأ آراؤنا الثابتة المرتبِكة في العالم والحياة وفي أنفسنا وفي الآخرين في التراخي، وهذا التراخي يفتح الطريق لنكون قادرين على رؤية البطلان من حيث النشوءُ المستقلُّ. ومجريات حياتنا تخلو من الوجود بصفتها أشياءَ تنشأ مُستقلَّةً ثابتة لا تتغير، بل إنها تحدث بشكلٍ مستقلٍّ على ملايين العوامل، وتعكس المعلومات التنجيمية ومعلومات الأبراج فقط جزءًا يسيرًا من المتغيِّرات ذات التأثير. ورغم ذلك، ومن خلال كشف بعض الأحداث المُحتمَلة ذات الترجيح العالي للحدوث، فقد تُساعدنا على البقاء مُتنبِّهين للكارما والبُطلان والنشوء المستقلِّ. وعلى ضوء ذلك فإن كون المعلومات التي نحصل عليها من عِلم التنجيم التبتي-المنغولي حقيقةً كثيرًا ما تكون غير دقيقة، هو أمرٌ مُساعدٌ في الحقيقة؛ إذ إنه يُبيِّن لنا أنَّ الحياة ليست ثابتة أو غير متغيِّرة، والعديد من نضوجات الكارما مُمكنة.


الموضوع يتبع ......
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••

¤¤¤اعتذر عن عدم الرد على الرسائل الخاصة¤¤¤
قال الشيخ الرئيس بن سينا
دواؤك فيك وما تشعر *** وداؤك منك وما تبصر
وأنت الكتاب المبين الذى *** بأحرفه يظهر المضمر
وتزعمُ أنك جرمٌ صغيرٌ *** وفيكَ إنطوى العالمُ الأكبرُ

صورة
نوصي دائما بتطبيق قانون الجذب فدويهات رائعة
ونوصي بقراءة موضوع خلاصة قانون الجذب جواب سؤال مهم
وللأستئناس توقعات ومجربات صادقة بنور روح الحياة
أضف رد جديد
  • المواضيع المُتشابهه
    ردود
    مشاهدات
    آخر مشاركة

العودة إلى ”التنجيم الهندي + الصيني + الامم الاخرى“