سؤال عن معنى الوعي الكوني وسبب الاشارة للسماء للتدبر والتامل

[نور الحوراء زينب]

كل عام و انتم بخير سيدي : )

طبقت التمرين اكثر من مره لكن لم اشعر بشيء لعلي لم افهم التمرين بالضبط
كيف اركز على يدي و ما حولي و على ذاتي ...
انا عامة لا اكره الناس و اشفق و احب المستضعفين و الفقراء منهم. لكن انانيتي تمنعني من حب كل الناس حب غير مشروط
نعم احب الناس بشرط ان لا ارى منهم ما يزعجني بمجرد رؤية اي ازعاج او اذيه منهم تتبدل مشاعر الحب فوراً اذا هذا ليس حبا للناس بل حبا لنفسي
اريد ان احب الكل حتى لو افعالهم تخالف آرائي اريد ان افرق بين الانسان و فعله .. و اعتقد هذا الامر صعب

استنتجت من كلامكم ان لبلوغ الوعي الكوني لا يجب انكار الذات و جلدها و معاملتها كعدو كما تعلمنا
للتخلص من الانانيه لا يجب نسيان النفس و الانشغال بالاخرين فقط
بل هو امر يجمع الاثنين
الذات و الاخرين . هل ما فهمته صحيح؟
لكن سيدي ! ما هي الذات؟
هل هي النفس التي نؤمر دائما بمخالفتها؟
هل هي الافكار؟
ام المشاعر؟
ام الاعمال التي نقوم بها؟
ام شيء آخر ؟
و كيف اشعر بها و التفت اليها ؟

عذرا سيدي الكريم ! اسئلتي لا تنتهي و اعلم ان وقتكم ليس لي فقط . لكن متعطشه لمعرفة حقيقة نفسي و اجدكم خير معلم و نعم المرشد : )

[ابو شمس المحسن]

اقصد انه يوجد طريق للوعي الكوني وهو طريق الالتفات للذات يعني الحضور بوعي وادراك تام
هذا الطريق هو طريق اخر ليس كطريق التامل وعدم الانتباه للعالم وما حولنا
طريق الحضور الذي ليس بالمعنى الصوفي بل بالمعنى المادي
ان التفت لذاتي ولما حولي بدون ان التفت للافكار الذهنية
هنا ساشعر بعد قليل بلذة عارمة بالوجود
لا التفت للافكار ولا انتبه لها
بل التفت لذاتي بدون افكار والتفت للمخلوقات
يمكن ان اعمل ذلك عن التمرين الذي وضعته لك
دققي به بدقة ولا تفكري واجعلي ذاتك حاضرة والتفتي للمخلوقات
والوعي لا ياتي من الانكار للذات او سلخها او القسوة عليها
هذا منهج ليس بالصحيح بل هو رياضة وليس منهجا توعويا حقا
ظن بعض الاقدمين ان سلخ الذات يجعلها تسموا
وفي الواقع هذه رياضة كما يرتاض شخص على امور ما
اشياء ما لتحفيز ذاته بدرجة معينة لشئ معين
اما صاحب الوعي فليس هذا منهجه
هو يحب ذاته ويحترمها ولا يسلخها
الرياضات شئ والمنهج شئ اخر ووقع الخلط عند الاقدمين وخصوصا من الكثير من الصوفية والعرفاء
وحتى وجدت اشارات كاحاديث ظنوا انها تشير للوعي انما هي رياضة لتطويع الذات
والتطويع شئ ياتي بطرق عديدة وباسباب كثيرة
لكن الوعي عندنا شئ اخر الكمال عندنا شئ اخر لا يحتاج لسلخ ونكران الذات بشدة ولا لقسوة
ان ما في الكون يجري بانسياب والطبيعة تخرج خيراتها بانسياب والماء الذي هو مثال للنور يجري بانسياب
الحب للذات وللاخرين والرقة والانسيابية واللطف هو المنهج الحق لبلوغ الوعي الكوني
لان الوعي الحق ياتي وفق سنن الحق التي تجري بعشق وانسياب تام
اما سلخ الذات فذلك ديدن اطفال الطريق الذين ادركوا جهة وغابت عنهم جهات


اما بخصوص الناس فاكيد يقع مشاكل لنا معهم وسوء فهم واختلاف
لكن لو دققتي لوجدت ان ذلك ينفعك اكثر مما يضرك ان طلبتي الوعي
لانها صور كونية موجودة وعليك استخدام الفن المعرفي في التخلص منها او قبولها
فكل شئ عبارة عن وعي وان خالف مشاعرنا ويمكن التعامل معه
بالتالي لا يقول احد انه يمكن ان ننسجم انسجاما تاما مع كل شئ لانه هناك الشئ وضده
وحتى لاوتسو العظيم وكل الانبياء الذين جاؤا بشرائع لم يمكنهم ان يبلغوا رتبة الانسجام التام
لكن هناك شئ لابد ان يفهم انت ان كنت كالام
شبيهة بالام الكلية المطلقة كالطبيعة
لا يمكنك ان تكرهي ابنائك حتى المسيئين منهم
لانك ستجدي ان المسيئ انما اساء لنفسه اولا وانه مقهور مجبور من حيث لا يشعر
ان الجهل والمنهج الخاطئ يقهر ويجبر الانسان من حيث لا يعلم
اما صاحب الوعي فيكون عاقلا مختارا بقدر فهمه ووعيه
ثم ان اصحاب الوعي لا يكرهون انسانا ما
انما يكرهون افعاله وما تعلق به من اثار بسبب هذه الافعال
انظري مثلا للحسين عليه السلام بكى عندما نظر لقاتليه فلما سئل قال انما في الجنان لقانا وهولاء بقتلنا سيعذبون
بسبب قتلنا سيدخلون النار
هنا الوعي العظيم
لذلك نحن نقول كيف نندب الحسين وهو منعم وكيف نبكيه وهو في جنان ورضوان
هو ينظر الينا من جهته ويقول انكم في غفلة لا تشعرون
انت لو كان لك ابن وتنظرين اليه من جهتك في جنان ورضوان منعمة وسيلتحق بك الان
لن تبكيه لان معرفتك ويقينك وما انت فيه يمنعك من البكاء والحزن
بل يكون البكاء والحزن عين الجهل كيف تبكينه وستلتقي به بفرح ورضوان في جنة ونعيم واحسان
اذن الامر راجع لكيفية نظرنا للاشياء
اعلم انك محبة للخير راغبة فيه طالبة الاستزادة منه
ولذلك فتق الله عين بصيرتك فرايتي بالنور نوره وهذا شئ عظيم

اما ما هي الذات
فالذات ليس البدن وان كان البدن شئ جميل في عالمنا المادي
الذات هي الروح المنطبعة فيها الاثار المتعلقة فيها الاعمال
والروح فاعلة وقابلة في النفس والبدن
انت تعملي عملا كسبيا تكتسبينه ولكن اثر العمل ينطبع في روحك فيكون ذاتك التي هي روح منطبعة فيها الاثار
تاخذين الماء فترمينه على الارض
هذا عمل
واثره هو ان الارض تتبلل
اذن هكذا الروح تتاثر بالاثر الذي جاء عن العمل
وكل اثر يدوم بقدر حاله وطبيعته
لذلك امرنا ان نتخلى عن كل رذيلة ونتحلى بكل فضيلة
وعند موتك ستكون هذه الروح المتعلقة بها هذه الاثار وفق حالها
فمن ثقلت به اثاره ارييد له التنقية بالتالي سلخ الاثار امر صعب وهو العذاب الواقع
لذلك الله لا يعذب خلقه انما يعذبون انفسهم وهم غافلون جاهلون
اذن مثقال ذرة من خير هي لك ومثقال ذرة من شر هي عليك
وهنا نعرف سر التوبة النصوح ونعرف سر انما الحسد ياكل الحسنات كما تاكل النار الحطب
هذه الصورة والخلاصة هي حقيقة الثواب والعقاب
وكل ما خالف ذلك فانما وضع لردع الناس وفق ازمنتهم ومداركهم في حينها
ويمكن ان نلتفت فنجد ان هناك شئ من جهة صدرنا مقوم لهذا البدن
البدن ممتلئ بشئ هذا الشئ يمكن ان نحسه وكانه هالة في صدرنا واسعة
ربما يحس به البعض ليس كهالة صغيرة بل كروح
ومن التفت لذلك شعر بذاته نوعا ما
يمكن ان نحس ذاتنا وهيئتها من جهة الصدر واذا التفت الانسان لذلك بصفاء سيشعر بذلك

هذه خالص خلاصة ما اردتي واهلا بك

[نور الحوراء زينب]

والداي وهباني الحياة الماديه و جعل الله لهم حقوق على عاتقي الى يوم الدين
فكيف بـ من وهب روحي الحياة و احياها و رباها بكلماته النورانيه؟
سيدي المحسن كم انا ممتنه لكم و اي جناح ذل تخفضها نفسي لكم و كم حق لكم برقبتي . جزاكم الله عني خير الجزاء

كنت اقرأ ردكم و لا استطيع الجلوس من البهجه . واقعا ً قمت من مكاني كم مره و عدت لاكمل جوابكم
كنت اظن ان تبارك الله احسن الخالقين و لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم انما تشير الى دقة خلق جسد الانسان و اعضائه و ما يكتشفه علم الطب يوما بعد يوم
لكن الان اتضح لي عظمة روح الانسان و ما يمكن ان تصل له .. الى مالانهاية ! حقاً انه احسن تقويم
فهمت من كلامكم الكثير و وجدت اخيرا الجواب لسؤالي و اعتقد بدأت افهم ما هو الوعي و ما هي الذات

في بداية ردكم تساءلت اذا كان للانسان هذه القدره ان يصل الى هذه المرتبه و يسامح و يغفر و يحتوي الجميع و هو انسان فكيف اذن الله يعذب و يؤدب و يعاقب على اقل ذنب و عندما اكملت قراءة كلماتكم النورانيه وجدت جوابي ايضا

قلتم ان مولانا الحسين كان يبكي لقاتليه و قال انما في الجنان لقانا و هؤلاء بقتلنا سيعذبون
هل الاصل ان كلنا مكاننا في الجنه ؟ كل من خلقه الله في البدايه جعل له مكانا في نعيمه و لكن طيلة حياته بسبب اعماله يبتعد عن هذا المكان و بالتالي بعده عن الجنه هو العذاب و هو النار؟ و يستحق العقاب بما كسبت روحه من خلال اعماله؟
و ليس كما يقولون ان لنا مكان في الجنه و النار و نحن نختار اين نذهب
يعني الجنه هي طاقه نورانيه لا يتوافق معها الا من كان شبيها لها و من لم يشبهها طبيعي ان لا يستحق الدخول و يذهب لمكان يشبه طاقته و هذا المكان هو النار و العذاب و مالا تتحمله النفس . لكن لماذا روح ملوثه لا تتحمل ما يشبهها و تتالم به؟ في الدنيا نجد الاشرار مثلا يتلذذون بالقتل و التعذيب لا يحسون بألم بل العكس تماماً . اذن لماذا تتألم الروح بالنار التي هي على شاكلتها؟ ام ان الروح لا تتغير و تبقى طاهره نقيه لانها من نفخة الله لكن تنزعج من الاثار التي لصقت بها لذلك تتألم؟ و تشعر بانسجام مع الجنه و نعيمها لذلك ترتاح و تتكامل هناك؟ ( موضوع شائك بديت ادوخ #"6^# )

اذا كان الامر هو مجرد فتره زمنيه تحتاجها الروح لتتطهر من العذاب و تتخلص من اثاره هل الجميع في النهايه سيذهب لمكانه المعدود له مسبقاً في الجنه ولا يوجد احد يخلد في النار الى ابد الابدين؟

و ماذا عن البسطاء الذين يعملون السوء بجهاله و يموتون من غير لا يعرفو الحقيقه أو يتوبو توبة نصوح هل يعذبون ايضا ام رحمة الله تشملهم و تطهر ارواحهم من أثار ذنوبهم من غير عذاب؟

سؤال آخر اذا سمحتم . الروح تتاثر بالاعمال التي نقوم بها من غير رضى و حب؟ يعني حاليا اعلم ان روحي مثقله باعمال قمت بها و تركت اثارا سيئه . اذا اجبرت نفسي على القيام بالخير لمده من الزمن تزول تلك الاثار و يحل محلها اثار طيبه؟ ام العمل يجب ان يكون ذو نيه طيبه مسبقه حتى يؤثر؟

اشعر اني رجعت طفله تسأل الكثير و تزعج من حولها بأسلتها الدائمه لماذا و لماذا و ما هذا و ذاك ...
فتحتم لي باب عن الف باب و جعلتموني اتذوق لذة لم اتذوقها من قبل
سيدي اشكركم من اعماق قلبي و ادعو الله ان يبارك لكم في علمكم و يثيبكم على عطائكم : )

[السور الاعظم]

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

ان شاءالله الشيخ يوضحلك حالماتتوفر عنده الفرصة
العمل الطيب وان كان ظاهرا طيب فالاوجب ان يكون نابع من نية طيبة حتى يكون التاثير واقعا فعلا وليس ظاهرا -لكن احيانا شخص مافي عنده نية بالعمل الطيب وهدفه رياء مثلا ولكن من يقع هذا العمل وتترتب عليه اثار طيبة مفرحة ممكن هذا الشخص يتاثر بنتيجة فعله ويتحول رياءه الى فرحة حقيقية فيندم والله رحمن رحيم مؤكد يتقبل منه ندمه وعمله -اذن الباطن اذا كان طيب يتطابق مع الظاهر ويحدث تغيير بمحو الاثار السيئة والتغيير ممكن يكون آني او بعد حين حسب باطن الانسان ومايفكر به

اما فيما يتعلق بالبسطاء فهناك سؤال لي مشابه في هذا القسم ضمن موضوع حوار رمضاني مع الشيخ المحسن اقرائيه من بدايته لنهايته فيه شرح لسؤالك هذا وايضا شرح اخر عن النور والانسان الخ ضمن الاسئلة الواردة في نفس الموضوع اعتقد تتوضح الصورة عندك اكثر
اهلا وسهلا

[ابو شمس المحسن]

اهلا بك وحفظك الله
وشكرا للاخت الفاضلة السور الاعظم على التنويه والتلويح والتنبيه
اختي الكريمة نور الحوراء زينب
ساجيب باختصار كوني قد شرحت وبينت الكثير من هذه النقاط كما نبهت الفاضلة السور الاعظم


هل العذاب باقيا ابدا ؟
الجواب لا
وكما قلت انا سابقا ان الانسان اذا تكونت حقيقته الاخروية ذات شوائب لا يمكن ان يلج النور الكامل الا اذا انسلخت عنه الشوائب
وهذا يولد الم وعذاب فاذا طهر وتنقى امكنه ان يحيى وفق طبقته التي يستحقها.


اما التلذلذ بالقتل وغيره
فهذه ليست لذة نورانية لان اللذة لا يشترط ان تكون خيرة ونورانية
مثلا بعض الناس تتلذلذ بالالم وفي نفس الوقت تتالم به
وهذا ما يسمى الشطوط الذي يعني في الاخير شيطنة
أيضاً المدمنين هناك الم ولذة
القضية ليست في اللذة انما في الخير والشر
ثم ان العذاب والنار هذه اسماء تطلق ويظنها البعض انها نار
انما عبر بلفظ النار كون الانسان يخشى النار لكن من قال انها نار
فالذين ياكلون اموال الناس بالباطل ياكلون في بطونهم نارا
لكن هذا تعبير تقريبي لصورة العذاب وليس بيانا لحقيقته


اما البسطاء فلا يعذبون
في الاسلام قال النبي
وجدت اغلب سكان الجنة من البهل
العقاب والحساب يكون وفق مدارك الانسان وقواه العقلية
الا في حالة ان الشخص مجرم واوصل نفسه لحد الجنون الاجرامي الذي فيه يفقد العقل
لان المقدمات لها نتائج والنتيجة حدثت بمقدمة

اما الاعمال من غير رضى وحب ؟
فلربما خانك السؤال هنا
هل تقصدي انك تعملين اشياء بدون رغبة وحب
كدعاء وغيره
جوابي الافضل ان لا تعملي هذه الامور بدون رغبة
الافضل الاقتصار على الواجبات فقط عند عدم الرغبة
اما البر بالناس او الاعمال التي بها اعمار للارض
يعني غير العبادة فاعمليها لانك مطالبة باعمال الخير
الله حكيم عليم لا يكلف جزافا ولا يحب عبطا
اذا عشت حالة الحب مع الله فهذه تكفي
اما الذنوب السابقة فهي تغفر بالتوبة النصوح
مثال الزرع يبقى حيا ويتكاثر بسقيه
والذنوب تتكاثر بدوامها وصنع المشابه لها
لكن لو قطعتي الماء عنها لو قطعتي ما فيه حياتها اذن ستموت
هكذا هي التوبة لو تبت توبة نصوح سيغفر لك

واخيرا اقول كما قالت الاخت السور الاعظم

[نور الحوراء زينب]

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الرائعه السور الاعظم شكرا لاجابتك و اشارتك بقراءة موضوع الحوار الرمضاني سأقرأه بالحال : )

سيدي المحسن اشكر سعة صدركم و اجاباتكم الوافيه

وفقكم الله جميعا