@- وأعزّني ولا تبتلِيَنّي بالكبر -@

كل ما يخص علم الحكمة والفلسفة ومدارسها
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
خفايا الروح
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 1304
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: الميزان
الجنس: اختار واحد

@- وأعزّني ولا تبتلِيَنّي بالكبر -@

مشاركة بواسطة خفايا الروح »

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين. *

يقول الإمام علي بن الحسين سلام الله عليه في دعاء مكارم الأخلاق: «وأعزّني ولا تبتلِيَنّي بالكبر».
إن العزّة والكبر هما من حالات النفس الإنسانية التي تظهر على جوارح الإنسان وعمله. وإظهار الكبر يسمى تكبّراً، كما في كتب اللغة. والكبر والتكبر مذمومان، أما العزة فمحمودة ويقابلها الذل وهو مذموم أيضاً.
والعزيز من أعزّه الله تعالى، ولذلك يقول الإمام سلام الله عليه: «وأعزّني» أي إلهي أنت امنحني العزة، وورد في بعض الأدعية: «اللهم أغنني بالافتقار إليك، ولا تفقرني بالاستغناء عنك»(1). وهذا معناه أن الغنى هو أن يرى العبد نفسه محتاجاً إلى الله تعالى، فهذا هو الغنى كلّ الغنى بل رأس الغنى باعتباره سبب كلّ غنى، فإن السبب إذا وُجد، وجد المسبَّب أيضاً. أما من يرى نفسه مستغنياً عن الله تعالى فهو الفقير حقاً فتراه يقول: إنني أتقدم بفكري، وأتفوّق بعملي وأسيّر أموري بنفسي، ولقد أوتيت ما أوتيت على علم منّي، ولا يشعر في أعماقه بالحاجة إلى الله تعالى مع أنه قد يصلي ويصوم ظاهراً، وهذه هي الذلة حقاً.
إن مسألة العزة والذلة مسألة دقيقة كبقية المسائل النفسية، فما هو ملاك العزة؟ هل يُعدّ أخذ المال من الغير عزة أم ذلة؟ نقول في الجواب: إنه قد يكون عزة وقد يكون ذلة، فليس بوسعنا أن نحكم دوماً على عمل واحد صدر في موردين بأنه مصداق للعزة أو الذلة في الموردين معاً، لمجرد كونه عملاً واحداً، بل لابد من معرفة جهة انتسابه، فإن كان لله تعالى فهو عزة، وإن كان لغير الله كان ذلة. فالعبودية لغير الله ذلة ما دونها ذلة، أما العبودية لله تعالى فهي أعظم عزّة، فإن الذليل من لم يكن عبداً لله تعالى.




:. العزة في كلام أمير المؤمنين سلام الله عليه
لقد روي عن أساطين البلاغة في التاريخ أنهم قالوا: «تكلم أمير المؤمنين سلام الله عليه بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالاً فقأن عيون البلاغة وأيتمن جواهر الحكمة وقطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهن، ثلاث منها في المناجاة، وثلاث منها في الحكمة، وثلاث منها في الأدب، فأما اللاتي في المناجاة فقال: إلهي كفى بي عزّاً أن أكون لك عبداً وكفى بي فخراً أن تكون لي ربّاً» (2) فيكون معنى قولهم هو: أن كل الكلام الفصيح الذي تفوّه به الألوف من الفصحاء عبر التاريخ لو تُخيّل في صورة وكانت عارية من هذه الكلمات التي قالها الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه، فستظلّ تلك الصورة عمياء.
إن الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه هو صاحب كلمات نهج البلاغة، وإن أهل البيت سلام الله عليهم هم أمراء الكلام، بل أمراء كل فضيلة وكمال وجمال وجلال ومنه الكلام الجميل والفصيح، ولكن هذه الكلمات بلغت أهمية في البلاغة والفصاحة استحقّت ذلك التوصيف الذي ورد في كتب الأدب والتاريخ.
فإذا كانت العزة تعني ترفّع النفس عن الأشياء الدانية، فإن عبودية الله تعالى لهي أعلى درجات العزة، لأنها عبودية لمن يملك كل شيء في الوجود، وهي - أي عبودية الله - تعني الارتباط بالمطلق.


:. العز والدخول تحت القدرة
لقد روي عن الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه أيضاً أنّه قال: «كلّ عزيز داخل تحت القدرة فذليل»(3). فمن كان محكوماً لقدرة ما فقد شمله الذلّ لها وإن كان يتظاهر بالعزة، وما العزة التي يتسمى بها إلا قشرة ظاهرية ولكنه في الحقيقة ذليل لأنه أسير شهواته، لا فرق في ذلك بين شهوة المال أو البطن أو الفرج أو حب الظهور أو غيرها من الشهوات.
أما الذي لا يرى القدرة إلا قدرة الله تعالى فهذا له العزة بعينها، وهكذا ما يرتبط بالله تعالى كأهل البيت سلام الله عليهم، لأنه يقود إلى عبودية الله تعالى، بل هكذا أيضاً من يقوم بتلبية حاجات مادية كالأكل والسكن، ولكن كان منطلقه إلهياً- سواءً كان ذلك من باب الوجوب أي استجابة لأمر إلهي يعاقِب الله على تركه، أو الاستحباب أي الاستجابة لأمر يحبّه الله مطلقاً- فهي العزة أيضاً، أما الاستجابة للشيطان والنفس الأمّارة بالسوء فلا يمكن أن تكون عزة أبداً، لأنها ليست ترفّعاً بل هي انحطاط وذلة!
إذن، الهدف والمنطلق هو الذي يمنح العمل هويته، ولذلك ورد في الحديث الشريف: «إنما الأعمال بالنيات»(4). وفي الحديث القدسي: «من تواضع لله رفعه»(5). وفي حديث قدسي أيضاً: «من تواضع لغنيّ طلباً لما عنده ذهب ثلثا دينه»(6).
أما إذا تواضع المرء لغنيّ لغرض أن يوجّهه ويرشده لأمور الخير فهذا ليس مصداقاً للذلة بل هو عزة أيضاً، وقد يجب إذا كان من باب مقدمات الوجود، كما عبّر عن ذلك الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم.


:. أبوذر مثالاً على عزة النفس
روي أنه أرسل عثمان بن عفان مع عبد له كيساً من الدراهم إلى أبي ذر وقال له: إن قبِل هذا فأنت حرّ. فأتى الغلام بالكيس إلى أبي ذر وألحّ عليه في قبوله فلم يقبل، فقال له: اقبله فإنّ فيه عتقي. فقال أبوذر: نعم، ولكن فيه رقّي.(7)


:. هيهات منا الذلة
لقد تعرض الإمام الحسين سلام الله عليه وأهل بيته وأقرباؤه وأصحابه إلى أنواع الأذى البدني والنفسي، وتعرضوا للسب والشتم و... ومع ذلك يقول الإمام الحسين سلام الله عليه : «قد ركز (أي يزيد) بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة»(8). وهذا معناه أن كل ما تعرض له الإمام سلام الله عليه وأصحابه لم يكن ذلّة بل كان عزّة.
رُبَّ موقف واحد من الإمام الحسين سلام الله عليه لم يستغرق منه حتى ساعة كان سيرضي يزيداً ويحول دون كل تلك المصائب والمحن التي حلّت بالإمام الحسين وآله وأصحابه. فلو بايع الإمام سلام الله عليه عامِل يزيد على المدينة باعتباره نائب يزيد، لما تعرض للقتل ولا جرى على أهل بيته ما جرى ولأغدق عليه يزيد من الأموال والأمور الدنيوية الكثير الكثير، ولكن الإمام سلام الله عليه كان يرى أن هذه البيعة ذلة، فتحمّل هو وأهل بيته وأصحابه ما تحمّلوا ولم يرضوا بالذل.

لقد رضي الإمام سلام الله عليه أن يعلو بدنه الشريف شخص دنيء مثل شمر ولم ير ذلك ذلاً، بل كان يراه عين العز مادام في طاعة الله تعالى، خلافاً للرضوخ ليزيد، فكان الإمام سلام الله عليه يراه ذلة، والذلة بعيدة بنفسها عن أهل البيت سلام الله عليهم، ولذلك قال الإمام سلام الله عليه «هيهات منا الذلة» أي هي بعيدة عنا فلا تصلنا.
ومن يكن قريباً من أهل البيت سلام الله عليهم وتوجّهاتهم يدرك أن مواقفهم كلها عزيزة لأنها في طاعة الله تعالى أبداً، وفي السياق نفسه يفهم المؤمن موقف الإمام الحسن سلام الله عليه وأنه كان يمثّل العزة مع أنه أغمد سيفه ولم يخرج كما خرج أخوه الإمام الحسين سلام الله عليه، ويعرف المؤمن خطأ من خاطب الإمام الحسن سلام الله عليه بقوله:«يا مذلّ المؤمنين»(9).
إننا لا نستطيع أن نحكم دائماً على عمل واحد صدر في موقفين بأنه عزة في الموقفين أو ذلة فيهما. لقد كان موقف الإمام الحسن سلام الله عليه تمهيداً لنهضة الإمام الحسين سلام الله عليه، فكان صلح الإمام الحسن سلام الله عليه عزة كما كانت ثورة الإمام الحسين سلام الله عليه ونهضته عزة، لأن منطلقهما كان واحداً وإن اختلفا ظاهراً.


:. أمثلة على المفهوم الخاطئ للعزة
أعرف شخصاً كان من أهل العلم في بداية شبابه، ولكنه ترك طلب العلم واتّجه إلى عمل آخر، لأنه كان من أقرباء مرجع التقليد في زمانه. ولم يكن على خلاف معه، بل كان من مقلديه ومن المعتقدين بأعلميته وعدالته! وكان يدرس عنده، ولكنه كان يقول -كما نقل لي بعض أبنائه-: إن عزة النفس تمنعني من استلام الراتب الشهري من هذا المرجع، فكيف يكون هو المعيل لي وهو ابن عمي؟!
لقد غيّر الرجل طريقه في الحياة وكان من الممكن أن يصبح مجتهداً في يوم ما أو مرجعاً يهدي الألوف، أو على الأقلّ خطيباً أو مدرّساً أو مبلّغاً (داعية) أو رجل دين على مستوى قرية يهتدي بواسطته العشرات من الناس، وكان ذلك أفضل بكثير من أي كسب أو تجارة أخرى، وإن كان الكاسب حبيب الله أيضاً ولكن العالم أفضل من الكاسب لاشك، لأن الكسب إن كان من حلال كان عبادة، ونوم العالم أفضل من عبادة غيره؛ روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: «... يا علي نوم العالم أفضل من عبادة العابد الجاهل...»(10).

أرأيت كيف أن الابتعاد عن فكر أهل البيت سلام الله عليهم وعدم الفهم الصحيح لمعنى العزة والذلة - وفق مدرستهم سلام الله عليهم- قد يُخسر الإنسان الكثير إن لم يخسره آخرته كلها؟!
إن العزة ليست في ترفع الإنسان عن أقربائه وعشيرته، بل هي العبودية لله تعالى ومعرفة ما هي الواجبات وما هي المستحبات والعمل بهما، وما هي المحرمات وما هي المكروهات والابتعاد عنهما؛ لأن الذلة في الإتيان بما يُسخط الله تعالى.
والعزة ـ بعد ذلك ـ كالطاقة إن لم تؤطرها بالإطار الصحيح تنقلب وبالاً عليك، فإنك لو أطّرت الطاقة الكهربية بالإطار الصحيح ووظفتها بالشكل الصحيح استفدت منها نوراً وبرداً في الصيف ودفئاً في الشتاء، أما إذا لم تضعها في إطارها فقد تقتلك.
وآفة العزة الكبر لأن فيها ميلاً واقتضاءً قوياً لذلك ما لم تُضبَط، ولذلك عقّب الإمام زين العابدين سلام الله عليه في دعائه بقوله: « ولا تبتلِيَنّي بالكبر ».


:. العزة فرض على المؤمن، ولكن
ثم إن العزة فرض على المؤمن، كما في روايات مستفيضة بل متواترة ومنها الرواية الشريفة التالية: قال أبو عبد الله الصادق سلام الله عليه: «إن الله عزّ وجلّ فوّض إلى المؤمن أموره كُلّها ولم يفوّض إليه أن يُذلّ نفسه ألم تسمع لقول الله عزوجل: ﴿ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين﴾ فالمؤمن ينبغي أن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلاً. يُعزّه الله بالإيمان والإسلام»(11).
فالمؤمن لا يذلّ نفسه مثلاً من أجل أكلة يشتهيها، بل يصرف نفسه عنها، فان لم يمكنه الحصول على ما اشتهى اليوم أجّله لغد، وإن لم يمكنه أبداً طوى عنه كشحاً ولم يهتمّ له كثيراً. فماذا يحدث لو لم يأكل بعض ما اشتهته نفسه؟
والمؤمن إن لم يستطع أن يسافر اليوم سافر غداً، بل قد لا يسافر إن كان في ذلك ذلة، أو كان الأمر متوقفاً على طاعة شهواته، فمن كان خاضعاً لهواه أو لقوة أخرى من أجل بلوغ شيء ما، كانت عزته داخلة تحت القدرة وينبغي له أن ينتشل نفسه من هذه الحالة.
وهكذا حال من يتجاوز الحدود التي فرضها الله تعالى، يظنّ نفسه عزيزاً لكنه الذليل ولا يعلم، فتراه مثلاً يفتخر بأنه ضرب فلاناً لأنه قال له كذا وكذا، مع أن الإنسان لا يحقّ له أن يضرب شخصاً لمجرد أنه تكلّم عليه، ولكن لهيب النفس أشدّ من لهيب الشمس!! وإذا كانت الزيادة في لهيب الشمس قد تودي بحياة بعض الناس، فقد يموت شخص وهو في الخمسين بسبب الحالة، وكان مقدّراً له أن يعيش سبعين لولا إصابته بلهيب الشمس، فإن اللهيب المنبعث من النفس البشرية قد تؤدي إلى إتلاف ملايين السنوات من عمر الإنسان في الآخرة!


:. حاجة العقل لنور الوحي
ما أبعد دين الله عن عقول الرجال! حقاً ما أعظم هذه الكلمة؟! إن العقل مخلوق محدود، وخالقه هو الذي يعلم ما خلق وكيف خلق، وهو سبحانه العالم بأن هذا العقل محتاج إلى الاستمداد من الله تعالى، والاستنارة بمن بعثهم الله سبحانه- سواء بعثة مباشرة كالأنبياء سلام الله عليهم أو بعثة غير مباشرة وهم الأئمة المعصومون سلام الله عليهم ـ ومن هنا نرى الإمام زين العابدين سلام الله عليه في هذا الدعاء وفي غيره من الأدعية يعلّمنا ويدعو بنفسه طالباً من الله تعالى أن يعزّه، وهذا هو قمّة العزة، لأن الشعور بالافتقار إلى الله تعالى هو قمّة الاستغناء وليس أن يكون الشخص رئيساً قوياً مطاعاً أو تاجراً ناجحاً أو مدرّساً مشهوراً أو خطيباً مفوّهاً، وإنما أن يشعر المرء من أعماقه بأنه محتاج إلى الله تعالى. فإن لم يشعر الإنسان بذلك فهو لا يعدو أن يكون ذليل المنصب أو المال أو العلم أو الأدب أو المكانة الاجتماعية، لأنه لا يعدو أن يكون داخلاً تحت قدرة إحدى هذه الأمور أو غيرها.


:. ولا تبتلِيَنّي بالكبر
ثم يقول الإمام سلام الله عليه: «ولا تبتليني بالكبر» أي إلهي أنت إذ استجبت دعائي وأعطيتني العزة، فالآن لا تبتليني بالكبر. والابتلاء قد يكون بمعنى الاختبار والامتحان، وقد يكون بمعنى البلاء والبلية، والأمر سيان لأن أحد المعنيين سبب والآخر مسبب.
هناك حالات كثيرة يتصور الإنسان أنه يتصرّف فيها بدافع العزة مع أنه كِبر في الحقيقة. (توضيحاً لذلك نذكر فيما يلي مثالاً آخر كما ذكرنا سابقاً مثله):
كنا مجموعة من الطلبة ندرس عند أحد الأساتذة، فدار في أحد الأيام نقاش علمي بين الأستاذ وأحد التلاميذ – توفّيا كلاهما رحمهما الله- واشتدّ النقاش، فاحتدّ الأستاذ وغضب، فتفوه بكلمة غير مناسبة بحقّ التلميذ. وإذا بالأخير يطوي كتابه ويقول: ما دمتُ هكذا في نظرك فإني سأودّع الدراسة إلى الأبد.

وبالفعل ترك هذا الرجل الدراسة بسبب كلمة غير مناسبة صدرت من أستاذه بحقّه. فهل هذا التصرف يعبّر عن عزة أم كبر؟ لا شك أنه من الكبر، وإلا فكيف يمكن لمن يعتقد بأهمية الدراسة وطلب العلم وأفضليته على سائر الأعمال أن يتصرف هكذا ويتخذ قراراً بهذه الخطورة، فيغيّر مسيرة حياته بسبب حدّة أو كلمة غليظة؟!
فكلنا معرَّضون لمواقف مشابهة، وعلينا أن نأخذ مفاهيم العزة من أهل البيت سلام الله عليهم لئلا تضيع حياتنا الآخرة بسبب موقف تافه والعياذ بالله .
لقد كان بلعم بن باعورا عالماً بلغ مرحلة من العلم بحيث قال عنه الله تعالى: ﴿... الذي آتيناه آياتنا﴾(12) والجمع المضاف (آياتنا) ظاهر في العموم كما يقول علماء اللغة والنحو والفقه والأصول...
ولكن الله تعالى يقول عنه في الآية نفسها ﴿فانسلخ منها﴾ وهذا تشبيه عظيم فإن الآيات كانت بالنسبة له كالقشرة أو الجلد والإهاب، أرأيت كيف يُسلخ الحيوان من جلده؟!
ثم يقول الله تعالى عنه بعد ذلك: ﴿فأتبعه الشيطان﴾. وهذا معناه أن بلعم بن باعورا هو الذي بدأ الانحراف ثم زاده الشيطان في ذلك.

فإذا كانت هذه عاقبة ابن باعورا رغم علمه، بسبب كبره أو ما اعتبره خطأً عزة وليست بها، فكيف سيكون حالنا إن زللنا نحن لا سمح الله؟!
فما دمنا ندرس وندرّس ونخطب ونؤلّف ونعظ، والناس يستمعون إلينا ويتعلمون منا، وقد يمدحوننا، فنحن معرضون لهذا الابتلاء، وكما في الحديث الشريف: «... فإن المفتي على شفير جهنم»(13). فأقلّ غفلة يمكن أن تودي بنا لا سمح الله وينتهي كل شيء.
وهذا لا يعني ترك طلب العلم والتبليغ، فإنهما من الواجبات الكفائية، ولكن الأمر يتطلب وعياً عميقاً وتوكلاً على الله سبحانه، وهو بحاجة أيضاً إلى الدعاء والاستعانة بالله تعالى قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم (14) ليجعلنا الله قادرين على التمييز بين ما هو لله وما هو للنفس أو لغير الله عموماً، فنأخذ بالأول (أي بما هو لله تعالى) ونذر الثاني (ما هو لغيره).
علينا أن نفرّق بين العز والكبر، فنسأل من الله أن يمنحنا الأول ويجنّبنا الثاني.
نسأل الله تعالى ببركة الإمام زين العابدين وببركة أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أن يوفّقنا ويستجيب لنا هاتين الدعوتين أيضاً.
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.


منقوووووووول من منتدى آخر :wink:
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••

صورة العضو الرمزية
أطلس ألعالم.
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 280
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة أطلس ألعالم. »

بسم الله الرحمن الرحيم

بارك الله فيك على ما نقلت , وقلما نجد في هذا الزمان من تنطبق عليه هذه الصور وكما يقال (لو خليت قلبت ) اللهم اني اعوذ بك من ان تبتليني بالكبر واعزني بعزتك ياعزيز .

وسنظل نردد هيهات من الذله ... كما رددها سيد شباب اهل الجنه .

اسئل الله لك التوفيق ودمتم بحفظه وأمنه وجعلك الله مم يلهج بذكره اثابك الله أخي وسدد خطاك .

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
صورة العضو الرمزية
خفايا الروح
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 1304
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: الميزان
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة خفايا الروح »

شرفني مرورك الكريم اخي العزيز اطلس العالم
ونسأل الله لنا الهدايه وان يسلك بنا طريق الحكماء وكل الطيبين
شكرا لك ولمرورك الجميل :wink:

أضف رد جديد

العودة إلى ”الحكمة والفلسفة“