@- معالي كرم الأخلاق -@

كل ما يخص علم الحكمة والفلسفة ومدارسها
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
خفايا الروح
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 1304
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: الميزان
الجنس: اختار واحد

@- معالي كرم الأخلاق -@

مشاركة بواسطة خفايا الروح »

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين. *

يقول الإمام زين العابدين سلام الله عليه في فقرة أخرى من دعاء مكارم الأخلاق: «وهب لي معالي الأخلاق واعصمني من الفخر».



:. مقدمة
لا شك أن لمعالي الأخلاق والعصمة من الفخر مراتب. وهذا يعني أن سؤال الإمام المعصوم من الله تعالى أن يهبه معالي الأخلاق لا ينافي العصمة، كما لا شك في أن كل ما لدى المعصوم سلام الله عليه حتى العصمة هو من الله سبحانه وتعالى وليس ذاتياً له بل هبة ومنحة إلهية أيضاً. ومن ثم فإن الإمام ليس بصدد تعليمنا الدعاء فحسب بل هو يتوجّه إلى الله أيضاً بهذا الدعاء ويسأله أن يهبه معالي الأخلاق، غايته أن الإمام سلام الله عليه يسأل المراتب العليا من معالي الأخلاق والعصمة من الفخر.
صحيح أن مراتب الإمام في معالي الأخلاق عالية جداً جداً، ولكن الصحيح أيضاً أن ذلك لا ينافي أن الأئمة يطلبون المزيد والمراتب الأكثر علوّاً أيضاً، وهذا مطلب معمّق وتفصيله يتطلّب بحثاً مستقلاًّ.


:. وقفات مع مفردات الفقرة
نقف الآن وقفات سريعة مع كلمات هذه الفقرة من الدعاء (هب لي معالي الأخلاق واعصمني من الفخر)، فنقول:
«هب» من الهبة وهي غير العطاء، وقد وردت مادة الهبة واشتقاقاتها في القرآن كثيراً، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿فهب لي من لدنك وليّاً﴾(1)، وقوله سبحانه ﴿ربّنا هب لنا من أزواجنا وذريّاتنا قرّة أعين﴾(2) فما هو معنى الهبة؟ يقول الفقهاء: «الهبة عقد فائدته تمليك عين بلا عوض». فقولهم «عقد» يعني أنها ليست إيقاعاً، والفرق بين العقد والإيقاع أن الأول لا يتقوّم إلا بطرفين؛ إيجاب وقبول. فالواهب يقول: وهبت، والذي تنتقل إليه الهبة يقول: قبلت، خلافاً للإيقاع فإنه لا يُشتَرط فيه القبول، وخرج بقولهم: «بلا عوض» مثل البيع فإنه تمليك بعوض، وهذا القيد إنما يُذكر على نحو الاقتضاء وليس العلية التامة، فلو قال الواهب: وهبتك كذا، وسكت دون أن يضيف عبارة: بلا عوض، فلا يقدح ذلك في العقد؛ لأن مقتضى الهبة أن يكون بلا عوض، وإلا لم يكن هبة. فذِكر هذا القيد في التعريف إذن إنما هو على نحو الاقتضاء، أي أن الهبة بطبعها تقتضي أن تكون بلا عوض.
فإذا كان هذا معنى الهبة وإليه ذهب معظم الفقهاء فإن الإمام سلام الله عليه يطلب من الله أن يهبه معالي الأخلاق وليس يعطيها له فقط؛ لأن الإعطاء أهمّ من التمليك؛ فإن الإمام سلام الله عليه عندما يقول (هب لي) فمعناه (ملّكني) يا ربّ معالي الأخلاق واجعلها ملكاً وملَكة لي.

يقال: إن مَلِكاً قال لأحد رعيّته وكان زاهداً مبتعداً عنه: لماذا لا تأتيني وأنت عبدي؟ عجب الزاهد وقال: كيف أصبحتُ عبداً لك؟ قال الملك: ألستَ من رعاياي. قال الزاهد: وكيف أكون عبداً لك وأنت عبد عبدي؟ قال الملك مستغرباً غاضباً: وكيف ذلك؟ قال: أنت عبد الهوى وأنا سيد الهوى، فأنت عبد لعبدي!
إذن يكون معنى «هب لي معالي الأخلاق»: «ملّكني إياها» أي اجعلني أملكها، لا أن تكون عارية عندي، فتكون عندي فترة الغنى مثلاً فإذا صرت فقيراً زالت، أو تكون عندي زمن الراحة أو الصحة فإذا ضقت أو مرضت زالت، كلا، بل اجعل اللهم معالي الأخلاق مملوكة لي.
انظر إلى مستوى دعاء الإمام سلام الله عليه، وهذا ما ندركه نحن على قصر باعنا وفهمنا، أما ما يقصده الإمام المعصوم وهو في مقام الطلب من الله تعالى فلا شك في أنه أعمق كثيراً مما يدركه أمثالنا.

قلنا إن الهبة تعني التمليك بلا عوض. وهذا هو الحق في كلّ ما نطلب من الله وما يتفضّل به سبحانه علينا، فكلّ ذلك بلا عوض، ولا يستثنى من ذلك حتى المعصومون سلام الله عليهم، وإلا فما عسى أن يكون العوض الذي يقدّمه العبد لله تعالى؟ صحيح أن المعصومين استثناء في الخلق بلا إشكال وبمتواتر الأدلة، ولكنهم في الوقت نفسه عبيد لله تعالى؛ يقول الإمام المعصوم أمير المؤمنين سلام الله عليه: «كفى بي عزّاً أن أكون لك عبداً»(3) فكلّ ما عندنا وكذلك ما عند المعصومين سلام الله عليهم إنما هو من الله، فما هو العوض الذي يمكن لأحد حتى من المعصومين أن يقدّمه لله لقاء هباته وعطاياه؟ هل هي العبادة وهي بدورها من نِعم الله سبحانه وأفضاله.
إن رسول الله صلى الله عليه وآله هو سيد الأولين والآخرين، وهو أشرف المخلوقات، فلم يخلقِ الله تعالى مثل نبينا صلى الله عليه وآله بل عزم على أن لا يخلق من يضاهيه في الفضل، ومع ذلك ورد في حديث شريف أنه صلى الله عليه وآله يدخل الجنة بفضل الله لا باستحقاقه هو(4)، وإذا كان الأمر كذلك فكلّ عطايا الله تعالى للنبي صلى الله عليه وآله هبات لا عوض لها.

وهكذا الحال بالنسبة للإمام السجاد سلام الله عليه فهو معصوم وهو قمّة في كلّ مخلوقات الله عزّ وجلّ، ولكن مع ذلك ما هو الشيء الذي يمكن أن يعوّض به الله تعالى؟ إذا قام بالعبادة فبفضل الله ونعمته. صحيح أنه لا يمكن مقارنة المعصوم سلام الله عليه بنا ولكنهم عباد الله سبحانه وتعالى وعبيده!
ثمّ الهبة والعطية بمعنى واحد في الخط العام ولكن تختلف عنها في أن العطية يمكن أن تعطي لكل أحد أما الهبة فبمقتضى لزوم القبول قد ينتزع منها معنى قابلية التملك، ولذلك نحن لا نهب الماء للقطة العطشى بل نعطيه لها، وهكذا الطعام الذي نقدمه للطير مثلاً، ذلك أن الهبة بحاجة إلى قبول وهو بحاجة إلى عقل، وهذا لا يكون إلا في الإنسان.
ومن ثم يكون معنى قول الإمام سلام الله عليه: «هب لي معالي الأخلاق»: إلهي اجعلني قابلاً لقبول هبتك حتى تتحقق الهبة، وهذا لا يعني أن الإنسان لا ينبغي له أن يسعى في هذا المجال بل يقول الله تعالى: ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾(5) ولكن المقصود أن سعي الإنسان غير كافٍ ما لم يحالفه التوفيق من الله تعالى.


:. الفرق بين معالي الأخلاق ومحاسن الأخلاق
بعد أن عرفنا معنى الهبة وأنها تمليك بلا عوض، نسأل ما هو الشيء الذي يدعو الإمام ربّه أن يملّكه إياه؟ هل هو المال أو البيت؟ أو الزوجة والأولاد؟ أم الرئاسة؟ الجواب إنه لا هذا ولا ذاك بل إن الإمام يسأل الله تعالى أن يهبه معالي الأخلاق، فما هو المقصود بهاتين الكلمتين؟ لنقف عليهما قليلاً لمعرفة معناهما اللغوي أولاً، ونبدأ بكلمة «معالي».
«المعالي» في اللغة العربية جمع معلاة على وزن مرماة، والمعلاة مصدر ميمي مع تاء التأنيث (للمبالغة)، أي أصله معلى وهو بمعنى العلو، وقد أُلحقت به كلّ هذه الاضافات والتحويرات للمبالغة والتوكيد. فالعلوّ معلوم ولكن «معلى» مصدر ميمي يفيد توكيد الصفة، لحقته تاء التأنيث كما قلنا للتوكيد أيضاً، فصارت معلاة، ثم جاءت بصيغة الجمع (معالي) زيادة في التوكيد. على أن استعمال المصدر بنفسه يفيد التوكيد كما هو معروف في كتب اللغة المفصّلة. فالخُلق يوصف بأنه عالٍ، فإن قيل «علو» فذلك مبالغة وتأكيداً، ومثاله إذا أريد وصف زيد بأنه عادل ولكن أريد التأكيد على وجود هذه الصفة فيه أو الإشارة إلى أنه يمثّل المراتب العليا من العدالة أو أنه عادل حقاً قيل: زيد عدل، فيؤتى بالمصدر بدل اسم الفاعل، وكذلك بدل اسم المفعول لغرض التأكيد. إذن استعمال المصدر هنا توكيد، ثم المصدر الميمي توكيد ثانٍ ثم لحوقه بالتاء توكيد ثالث، وصيغة الجمع توكيد رابع للأخلاق العالية. أي أن الإمام يطلب من الله من الاخلاق أعلى مراتبها. وهناك توكيد خامس استعمله الإمام سلام الله عليه، وهو صيغة الجمع المضاف لأنه كما يقال ظاهر في العموم، أي كلّ معالي الأخلاق.
وهناك تأكيد آخر وهو الفرق الموجود بين كلمتي معالي الأخلاق ومحاسن الأخلاق، فالمفهوم الموجود في كلمة معالي الأخلاق غير موجود في محاسن الأخلاق؛ ولذلك ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: «إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق»(6) أي معالي الأخلاق؛ وذلك لأن الخلق قد يكون سيئاً وقد يكون حسناً، فالجبن مثلاً خلق سيّئ والشجاعة خلق حسن، والبخل خلق سيّئ والكرم خلق حسن، والجزع خلق سيّئ والصبر خلق حسن، وهكذا.

لكن الملفت للنظر هو أن الأخلاق الحسنة تتعلق بأفعال، فالكرم مثلاً هو ندى الكفَ أي هو عطاء ممن عنده مال، وهكذا بالنسبة لبقية الأخلاق الحسنة، أما مكارم الأخلاق فهي أبعد من ذلك لأنها تعود للنفس وتربيتها وتحميلها على ملازمة الخلق الحسن؛ فإن النفس التي لا تتحلى بمكارم الأخلاق قد لا تلتزم بالخلق الحسن إذا لم يوافق شهواتها وغرائزها، لأن الخلق الحسن ينسجم مع طبيعة صاحبه أي يوافق غرائزه وشهواته عادة، أما مكارم الأخلاق فتعني الالتزام بتلك الخصال حتى عندما لا تتوافق مع الشهوات والغرائز، بل هي غالباً ما تخالفها. وخير مثال يوضّح ذلك البشاشة وعدم العبوس، فربّ شخص امتاز بهذا الخلق أي كان هذا طبعه وعادته، ربما لأن الإنسان يحبّ أن يكون محبوباً وممدوحاً في المجتمع، وهذا لا يتحقق إذا كان عبوساً فهو يتحلّى بهذه الخصلة لكي يحقّق رغبة من رغباته وهي المحبوبية، وهكذا الحال بالنسبة للشجاعة وغيرها. أما مكارم الأخلاق فتقول للفرد مثلاً: سلّم على من سبّك، وهذا أمر صعب لأنه لا يوافق رغبة الفرد وشهوته، ولذلك قد لا تجد بين كلّ ألف صائم ومصلّ وحاجّ من هو كذلك. وهذا يعني أن مكارم الأخلاق تعني تحلّي النفس بالخصال الحسنة حتى إن كانت منافية لإرادتها ومضادة لطبيعتها.
والإمام سلام الله عليه يطلب في هذا الدعاء من الله أن يمنحه معالي الأخلاق أي مكارم الأخلاق، ولذلك سمّي هذا الدعاء أيضاً بمكارم الأخلاق وليس محاسن الأخلاق.
وآخر تأكيد يتبادر للذهن هو أن الإمام سلام الله عليه قدّم كلمة المعالي فقال: (معالي الأخلاق)، ولم يقل: الأخلاق العالية، أي قدّم الوصف، على الموصوف وهذا تأكيد آخر.


:. فاطمة الزهراء سلام الله عليها وصيانة الإسلام
لقد امتازت السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها بمزايا اختصت بها دون غيرها من البشر. وهذا لا يعني أفضليّتها على أبيها وبعلها، لأن الاختصاص بشيء هو غير الأفضلية، فمما لا شك فيه أن أباها رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل منها، وبعلها أمير المؤمنين سلام الله عليه إمامها، وتأتي هي صلوات الله عليها في المرتبة الثالثة من بين ما خلق الله تعالى.
ولكن للزهراء سلام الله عليها اختصاصات كما للرسول صلى الله عليه وآله اختصاصات ولأمير المؤمنين سلام الله عليه اختصاصات. فمما اختص به الرسول صلى الله عليه وآله دون غيره هو ذكره والسلام عليه في الصلاة عند التشهّد – وقبل نهاية الصلاة بالسلام - حيث نقول: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» مع أن الصلاة لله – وكما نقرأ في الدعاء: لأن الصلاة والركوع والسجود لا تكون إلا لك(7) - ولذلك عُدّ كلّ حديث في الصلاة مع غير الله تعالى مبطلاً للصلاة، ومن ثم فالصلاة كما قالوا(8): قرآن وذكر ودعاء، أي هي كلام الله وذكره تعالى والطلب منه.

الاستثناء الوحيد الموجود في الصلاة هو جواز مخاطبة الرسول صلى الله عليه وآله والتكلّم معه، وهذا من اختصاصات رسول الله صلى الله عليه وآله. ولأمير المؤمنين سلام الله عليه اختصاصات لسنا بصددها الآن، إنما نريد أن ذكر بعض اختصاصات فاطمة الزهراء سلام الله عليها ومنها ما يستفاد من كلمات الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه أنه باستشهادها انحرف المسلمون وباستشهادها أيضاً استقام الإسلام.
وقبل بيان هذه النقطة أذكّركم بالحديث المرويّ عن النبي صلى الله عليه وآله: «يا عليّ ما عرف الله إلا أنا وأنت، ولا عرفني إلا الله وأنت، ولا عرفك إلا الله وأنا »(9) وأقول: إن فاطمة سلام الله عليها مشمولة أيضاً بمفهوم هذا الحديث، فهي موجودة بالحصر الإضافي، أي المنفصل وإن لم تُذكر بالحصر المتصل. وهذا النوع من الحصر غير عزيز في القرآن والروايات والأحكام الشرعية، ومثاله قوله تعالى: ﴿قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرّماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون مَيتة أو...﴾(10) ، فهل هذا ينفي وجود أطعمة محرّمة أخرى؟ كلا بالطبع، لأنها ذُكرت في مواضع أخرى، وهذا ما يسمى بالحصر الإضافي وهو أسلوب يراد منه لفتة بلاغية ما، وإنني أستفيد من مجمل كلمات أمير المؤمنين سلام الله عليه أن فاطمة الزهراء سلام الله عليها مشمولة بهذا الحديث وإن لم يُصرَّح باسمها فيه.

والبحث بحاجة إلى إثباته بالروايات وهي برأيي مستفيضة رأيت العديد منها على تتبعي المتواضع في الكتب الأربعة (الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار) والكتب الحديثية الأخرى ولكني أذكر مثالاً واحداً فقط، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي سلام الله عليه في عدة موارد وهو إمام فاطمة سلام الله عليها: «انفذ لما أمرتْك به فاطمة»(11) أوَ لا يعني هذا أن فاطمة ليست بخارجة عن مستوى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله «يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت».
وثمة كلمات أخرى لأمير المؤمنين سلام الله عليه مع فاطمة سلام الله عليها في قصة المظالم التي وردت عليها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله يظهر منها: أن أمير المؤمنين سلام الله عليه (وهو الذي ينطبق عليه منطوق الحصر في الحديث المتقدم) أبدى استعداده لكلّ ما تقوله فاطمة سلام الله عليها (ما يعني أنها ينطبق عليها مفهوم الحصر في ذلك الحديث).
إذن فاطمة الزهراء سلام الله عليها هي مع النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين سلام الله عليه في هذا المستوى من معرفة الله عزّ وجلّ، وإن كان النبي أفضلهم، لأن أمير المؤمنين هو من أتباع النبي ومن المسلمين له والمؤمنين به، وهو بدوره أفضل من فاطمة سلام الله عليها لأنه إمامها، ولكن ذلك لا يمنع أن يكونوا جميعاً في هذا المستوى من معرفة الله تعالى، ومن ثم فإن أطراف الحديث المتقدم يكونون أربعة حسب الأدلة المذكورة - وطرفها الرابع فاطمة الزهراء سلام الله عليها.


:. من خصائص سيدتنا الزهراء سلام الله عليها
أما بشأن ما اختصت به الزهراء سلام الله عليها فسأذكر كلمات عن الإمام علي سلام الله عليه موجودة في نهج البلاغة والكافي ومصادر أخرى بتعابير وأسانيد مختلفة ولكن مستفيضة ولعلها متواترة إجمالاً من حيث العلم بصدور بعضها قطعاً عن الإمام علي سلام الله عليه؛ وهو من عرفت من كونه في مستوى رسول الله صلى الله عليه وآله في معرفة الله. وهذه الكلمات لم يتفوه بها أمير المؤمنين حتى في حق رسول الله صلى الله عليه وآله ولكنه سلام الله عليه قالها في حق فاطمة سلام الله عليها - وهذا لا يعني تفضيله لها عليه حاشا، ولكن يعني خصيصة لها دون غيرها كما ذكرنا – : لقد قال الإمام سلام الله عليه عند استشهاد فاطمة سلام الله عليها: «أما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهّد»(12) وهذا الوصف من الحزن لم نجده عند الإمام بحقّ أيّ أحد حتى عند فقده رسول الله صلى الله عليه وآله وهو أشرف الأولين والآخرين، وهذه خطب الإمام وكلماته في نهج البلاغة وغيره يمكن للباحث أن يستعرضها ويتأكد من ذلك.

السرمد في اللغة: الذي لا ينتهي، ولا شك أن الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه لما رأى عظم الانحراف الذي حصل بعد شهادة الزهراء سلام الله عليها والحكومات التي ستحكم باسم الإسلام، أطلق هذه الكلمة. لقد وضع استشهاد الزهراء سلام الله عليها نهاية لحقبة لو كان حكم فيها علي سلام الله عليه لأكل الناس من فوقهم ومن تحت أرجلهم! لقد خسر الناس عدل عليّ سلام الله عليه وعقله وإيمانه!

أما المسهّد فهو الذي لا يقدر على النوم ليلاً، ولكن الفرق بين السهاد والأرق أن الثاني يكون بسبب شيء يشغل البال، أما المسهّد فهو الذي لا ينام بسبب الألم الشديد والمرارة. وهذا يعني أن الإمام سلام الله عليه عاش بعد الزهراء سلام الله عليها حياة مرّة جداً لم يهنأ خلالها بنوم! وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على مقام فاطمة الزهراء سلام الله عليها.
ولكن استشهاد الزهراء سلام الله عليها صار سبباً لاستقامة الإسلام أيضاً، فإن صلاتنا وصيامنا وعباداتنا وديننا اليوم رهينة استشهاد الزهراء سلام الله عليها، ولقد أوضح لها أمير المؤمنين سلام الله عليه أنها إذا كنت تريد أن يبقى دين أبيها فعليها بالصبر. لقد كانت فاطمة سلام الله عليها عالمة بأن القوم سيقتلونها، ولكنها ضحّت بنفسها عندما جاءت ووقفت خلف الباب!
ولولا استشهاد فاطمة سلام الله عليها لذهبت كل متاعب أبيها صلى الله عليه وآله أدرياج الرياح! ولما بقي له اسم كما حصل مع كثير من أنبياء الله.
فمن فاطمة سلام الله عليها نتعلّم أيضاً معالي الأخلاق، ونسأل الله سبحانه وتعالى ببركة أهل البيت، ببركة فاطمة الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها * أجمعين أن يوفّقنا لذلك،
وصلّى الله على محمد وآله الطاهرين.

منقووووووووول :wink:
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••

الوجيه بن محمد
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 363
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: السنبلة
الجنس: ذكر

مشاركة بواسطة الوجيه بن محمد »

اخي عذاب حتى وان نقلت لاتنقل الا الجيد رقيك في النقل لمعاني جميله ان دل يدل على اتساع دائة فكرك حفظك الله من كل مكروه وسواء لك مني اجمل التحيات واطيب تقدير

صورة العضو الرمزية
خفايا الروح
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 1304
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: الميزان
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة خفايا الروح »

اخي العزيز الوجيه بن محمد
شرفني تواجدك الجميل
واشكرك جزيل الشكر للاطراء الجميل
دمت ودام قلمك لنا ان شاء الله :wink:

صورة العضو الرمزية
mo1o
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 322
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة mo1o »

صورة
مشكور ياA01 الله يطيل في عمرك ويعطيك الصحه والعافيه

تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
صورة العضو الرمزية
خفايا الروح
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 1304
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
البرج: الميزان
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة خفايا الروح »

تسلم يالحبيب على المرور الجميل :wink:

أضف رد جديد

العودة إلى ”الحكمة والفلسفة“