![اضغط على الصورة لتراها بحجمها الطبيعي تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها](http://download.mrkzy.com/u/1013_dac32ea237931.jpg)
العقل المجنون لا يستطيع التوقف عن التفكير ، إذن فهو لا يستطيع التأمل ، فالتأمل هو حالة الوعي اللاتفكيري وفقدان الإنفعال والإحساس وعدم التفكير بشيء ، التأمل هو الوعي واليقظة والحذر ، ولكن بدون تفكير ، التأمل هو الوعي النقي ، والوصول إليه يتم حين لا يكون هناك انشغال بالتفكير ، هو الفترة التي تفصل بين خروج فكرة ودخول فكرة أخرى على شاشة العقل ، وهي لا تتعدى الثواني حيث تكون شاشة العقل بيضاء خلالها
على المرء أن لا يخشى الأفكار المتلاحقة ومن عدم التنبه لها ، عدم الخوف من تزاحم الأفكار ، ولكن الخوف من عدم الإنتباه لهذه الأفكار مباشرة ، فالأفكار تأتي كضيف وأنت المضيف ، الغبار الغريب هو الأفكار الزائفة ، وأنت هو الفراغ المضيف في حقيقتك وهو أنت الذي لا يأتي ولا يرحل مع هذه المستجدات ، فأنت الباقي والأبدي والأفكار ترحل ، أنت باقي ووعيك كما هو ، لن تتمكن من معرفة كم من العمر قد بلغت لأنه لا يوجد عمر ، لا وقت في داخلك ، فأنت ما زلت تماماً كما كنت أيام طفولتك ، أنت بذاتك الداخلية كما أنت ، فأنت السماء والغيوم هي الأفكار ، ولا تتغير السماء بسبب الغيوم ، حيث تبقى كما هي السماء
أنت تتأثر بحركة الضيوف ، فالضيف تتأثر به وتعتاد عليه ويجعلك تحزن لفراقه ويعتصر قلبك لذلك ، وكل ما عليك معرفته أنهم ضيوف فقط ، وهكذا هي الأفكار ،
المتنور لا يفعل شيئاً غير عادي ، يفعل كل شيء بشكل عادي بوعي ويقظة ويعرف أن كل شيء يفعله ليس هو ، فهو مجرد شاهد يرى كل شيء ، ويبقى محافظاً على هدوءه الذي هو التأمل ، ويكون حذراً أن لا يصبح هو والضيوف الأفكار واحداً ، فالأفكار تأتي وتذهب ـ أنت هو الباقي والثابت والغير قابل للتغيير ، وهنا يكمن سر السمو ، وحتى تكتشفه وتكونه وتكون فيه ، ما عليك سوى التأمل ، فهو الطريقة أو المنهج هو الهدف ، هو تقنية الفصل بينك وبين الضيف ، هو الإرتقاء بالمضيف ليصبح المحور والمركز .. كل ليلة هناك من يعانق المتنور أثناء نومه ، داخل الذات تتجمع كل اسرار الوجود ، وأنت مركز اللقاء وأنت المفترق ، أنت تجمع بين الجانب المادي والروحي الاستنساكي ، وأنت من يختار ، فإن اخترت أفكار التركيز على الوعي ، فأنت هو الله ، تغير بسيط لكنه يأتي بنتائج ليست بسيطة
أنظر إلى المستقبل واعلم أن الإنسان عندما يقرر أن يتغير فإنه سيتغير ، والمهم أن يتخذ القرار بالتغير ـ إن أتاني مؤمن فقد لا أستقبله ، لكن إن أتاني كافر فسأستقبله على الفور ، لأنه معترف بما فيه وهناك إمكانية لتغييره ، سر الحياة يكمن في أن لا تعتبر أنك دائماً على حق ، تقبل الناس على ما هم وكل منهم يجني نتيجة عمله ، كن متسامحاً متقد الذهن ومحباً ولا تجعل نفسك قاضياً تحكم البشر ، كن انساناً عادياً لتكون المضيف الحق
العطاء يسمح للانسان أن يكون هو نفسه ، لا يحدد لك مسار حياتك ، يعطيك الطاقة لكي تصرف وتهب بدون شروط ، أن تساعد معناها أن تقدم بدون اشتراطات لكي تبقي المستقبل للمساعدة كما هو ـ حين أقول أن العالم كافر أقولها بسبب كثرة الواعظين الذين يسعون بأفكارهم تغيير الآخرين بناء على أفكار مسبقة ، الفكرة المسبقة ليست هي الأهم ، الانسان هو الأهم ، الأهم هو الكائن الفرد في ذاته ، فالكائن البشري هو الحقيقة . انس الانسانية وفكر بالكائن البشري ، الحقيقة المحسوس والملموس ، الذي له قلب ينبض بالحياة ، إننا نستسهل التضحية بالكائن البشري من أجل الآنسانية ، من أجل عقيدة ما سياسية أو دينية ، أنت هنا لتساعده وليس لأن تضحي به لأي سبب ، إياك أن تضحي به لأي سبب ، فكل شيء وجد من أجل الإنسان ، حتى الله وجد من أجله ، أما الإنسان لم يوجد من أجل الله ، ضحي بكل شيء من أجل الإنسان ، ولا تضحي بالانسان من أجل أي شيء ، إعطي من ذاتك ودع الآخرين يتجهون نحو مصيرهم ، وتذكر دائماً أن ليس لأي كائن فرد نظير لا في الماضي ولا المستقبل ، فالوجود لا يتكرر أبداً ، إنه الإبداع
وجود إنسان وسيم شيء رائع ، أما إذا كان الكل مثله ، فهذا يفقده روعته ، لا تحاول أن تجعل أحداً نبياً أو رسولاً أو قديساً بعينه ، دعه يكون هو نفسه ، كل إنسان يحمل في داخله زهرة لإحتمالية القوة المطلقة ، أو لامكانية الخلود ، ساعد واعطي طاقة الحب وتقبل واعطي الفرح ولا تجعل أحداً يعتقد أنه محرم أو مجرم ، ولا تقدم أفكاراً هو يدينها ، فكل الذين يحاولون تغيير شخص ما يقدمون له الاحساس بالذنب ، هذا الاحساس هو سجن رهيب
بمقدورك أن تكون أنت أنت ، وما عدى ذلك زيف ، فالتجميل هو أقنعة مزيفة لا تلامس القلب ، من يريد تغيير العالم وفقاً لمفاهيمه هو ، وهنا الخطأ الفادح الذي هو التبعية ، الحب الحقيقي هو أن تحب الآخرين كما هم ، ساعد الآخرين ليكونوا على طبيعتهم أحراراً وليكونوا أنفسهم وإياك أن تضغط على أحد
هناك خطأ يجري في الحياة والعالم ـ أين يكمن وما الذي نفعله اتجاهه ؟؟
تذكر أنك إذا اعتنيت بإنسان لمجرد الإعتناء ، ولأنه بحاجة للرعاية والاهتمام ، تذكر أن هذاالانسان سيحبك إلى الأبد ، وإن كان ذلك لهدف ما فلن تكون ردة الفعل سوى خيبة الأمل التي تتحول إلى حقد عليك ، فالحب هدية مجانية ، وعندما يصبح هدية مدفوعة الثمن لا يعود حباً
Nizar Shadid