الفلسفة الديالكتية بين الشك واليقين ( منقول )

كل ما يخص علم الحكمة والفلسفة ومدارسها
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
سمير العاشقي
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 787
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

الفلسفة الديالكتية بين الشك واليقين ( منقول )

مشاركة بواسطة سمير العاشقي »

أتدخل المادة الديالكتيكية ضمن فلسفة الشك أم فلسفة اليقين:

يزعم الماديون أن مذهبهم هو مذهب الجزم واليقين ويغضبون من نسبة الشك والسفسطة إليهم. وحتى تلك القوانين العلمية التي تضمّها العلوم الطبيعية المعتمدة على الفرضيات-والتي ليس لها من شاهد على صحتها سوى التجارب المحدودة والعلماء جميعاً (وحتى أصحاب الفرضيات أنفسهم) يتلقونها بالاحتمال واليقين الإضافي لا بالجزم واليقين الحقيقي- فإن العلماء الماديين المحدثين يدعون اليقين الحقيقي بشأنها، ويفسرون التغيير الطارئ على تلك الفرضيات- الذي يعتبر شاهداً على عدم حقيقتها- بأن هذا هو تغيير وتكامل للحقيقة.

ولكنه يحسن أن لا نغفل عن هذه الملاحظة وهي أن المعيار لكون شخص ما أو فئة ما من السوفسطائيين أو من المشككين أو من اليقينيين ليس هو ادعاه وإنما المعيار هو النظريات التي يطرحها في باب قيمة المعلومات، وإلا فإن أغلب السوفسطائيين والمشككين لا يرضون أن يقال عنهم بأنهم مشككون أو سوفسطائيون. فمثلاً جورج بركلي مع أن نظرياته مبنية على نفي وجود العالم الخارجي وعلى إنكار البديهيات ولكنه يستوحش من أن يقال له أنه سوفسطائي. وكذا كانتْ وأمثاله فمع أنهم مشككون واقعاً، والعلماء الماديون يدرجونهم ضمن المشككين، ولكنهم- هم- لا يرغبون في أن يطلق عليهم اسم "المشككين".

ومن جهة أخرى فإن مذهب الشك ليس له شكل خاص ولا صورة معينة، وإنما الفلسفة قد تجلّت بأشكال متنوعة على مر التاريخ، وكل واحد منهم قد وقع في حبائل الشك من طريق معين. ونحن نعرف أن الطريق الذي سلكه كانتْ يختلف عن طريق النسبيين "الرولاثيقيين" (Relativistes) ويختلف هذان عن طريق المشككين القدماء من أتباع بيرون، ولكن هؤلاء يجمعهم عنوان واحد وهو أنهم مشككون جميعاً.

وهكذا المادية الديالكتيكية فهي بقولها أن الفكر والإدراك ماديان وبادعائها أن الحقائق نسبية - وأشياء أخرى ستذكر في محلها- فقد وقعت في لجج الشك وهي متورطة في معمّياته.

ويعتقد الماديون أن الفكر ظاهرة مادية، وإن المعرفة والإدراك ليس شيئاً فوق العمل العصبي، وإن معرفة أي شيء تتوقف على نوعية تركيب الأعصاب والمخ للشخص المدرك. وهم يقولون لما كان الأشخاص متفاوتين في تركيب أعصابهم إذن معارفهم الحقيقية سوف تختلف أيضاً.

يقول الدكتور الآراني في كتيب "المادية الديالكتيكية" ص24:

"إن كيفية تركيب العصبية تؤثر بشكل خاص في عملية المعرفة. وهذا التأثير هو بنفسه "المعرفة"، ونحن نعلم أن الإنسان والحيوان يعملان بشكل مختلف، فمثلاً تنفر الإنسان رائحة ما ولكنها تجذب إليها حيواناً آخر. أو قد يدرك حيوان لوناً ما بشكل معين وهو في نظر حيوان آخر له حاله أخرى. أو قد يلذ لشخص ما سماع صوت خاص ولكن شخصاً آخر يراه ناشزاً. أو هناك درجة حرارية معينة تبدو أحياناً ساخنة وأحياناً أخرى باردة. وعلى أية حال فنحن نعرف تأثير التركيب العصبي في المعرفة ولكن لا ينبغي لنا أن نستنتج من هذا أنه لما كان التركيب العصبي مؤثراً في المعرفة إذن لا يمكن معرفة عين الحقيقة لأننا قد ذكرنا أن مفهوم كلمة المعرفة شامل أيضاً لهذا التأثير الخاص".

ويعتبر الدكتور الآراني معرفة الحقيقة والحقيقة المطلقة (وهي تلك الحقيقة التي لا تضفي عليها الأعصاب شكلاً خاصاً) أمراً لا معنى له، ويقول في تلك الصفحة:

"ما أعظم حماقة تلك المذاهب المخالفة لنا إذا كانت تتوقع أن تتبادل الأشياء والفكر التأثير فيما بينها- أي أن تكتسب المعرفة صورة خارجية - دون أن يكون لأحد الأطراف تأثير ما، أي أن الفكر لا يتصرف في التأثير الذي جاءه من الأشياء. وبالتالي فإن ذلك التصرف هو المعرفة بنفسها، وإذا لم يوجد أحدهما لم يوجد الآخر، والذين يلهثون وراء عين الحقيقة والحقيقة المطلقة والمفاهيم الفارغة الأخرى مثلهم في موضوع المعرفة مثل من يطلب أن تتم عملية الهضم دون أن تدخل في المعدة مادة غذائية ودون أن تؤثر المعدة على تلك المواد الغذائية".

ويقول أيضاً في صفحة (29):

"إن للمخ خاصية منذ ولادته وتلك هي التفكير، ولكن هذه الخاصية لا يمكن أن تعمل إلا عندما تصلها المادة الكافية مثل المعدة التي لها خاصية الهضم فهي لا تهضم إلا عندما تدخلها المادة الغذائية، وكذا الفكر فإنه لا يعمل إلا عندما تأثر الحواس- من بصر وسمع وغيرهما- بمؤثر ما".

خلاصة لنظرية الماديين المحدثين:

يستنبط من مجموع أقوال الماديين أن الفكر والإدراك - إجمالاً- هما من الخواص الثابتة للتركيب المادي في الأعصاب والمخ، وهذه الخاصية لا تظهر إلا عندما يرد تأثير على الأعصاب من الخارج كتأثير أمواج الضوء عليها من طريق العين وتأثير أمواج الصوت عن طريق الإذن.

وبعد أن تتكاثر على المخ التأثيرات عن طريق الحواس وتترك آثاراً مادية متعددة تظهر في المخ القدرة على التفكير فهو يقيم الدليل ويحل القضايا الرياضية ويكتشف القوانين الطبيعية ويتوصل إلى الأسس العامة الفلسفية والمنطقية، ولابد أن نعتبر القدرة على التفكير عملاً خارقاً للعادة في الطبيعة، وذلك لأن العملية الفكرية ليست شيئاً سوى سلسلة من التغييرات الكيميائية التي تحصل في المخ.

ولعلّ نوع التركيب العصبي للأشخاص مختلف، وإذا كان متفاوتاً فلا بد أن تختلف احساساتهم وطرق تفكيرهم. وعلاوة على هذا لما كان كل جزء من أجزاء الطبيعة تتغير خواصه حسب وضعه وموقعه والعوامل المحيطة به إذن من الممكن أن تختلف احساسات وطرز تفكير الشخص الواحد أيضاً في البيئات المختلفة، ولهذا فلابد أن لا ننتظر من إنسان ينشأ في كرة المريخ وينفق عمره هناك أن يفكر كما نفكر نحن الذين نعيش على الكرة الأرضية، وذلك لأنه من المحتمل أن تكون أفكاره وإدراكاته بشكل آخر يتفق مع تلك البيئة، فمثلاً يحل ذلك الإنسان قضاياه الرياضية بشكل مخالف لأفكارنا فهو يستنتج من (2×2) أنها تساوي (3). وقد يكتشف القوانين الطبيعية بنحو مختلف عن اكتشافاتنا. وقد يصوغ لنفسه فلسفة أخرى ومنطقاً آخر. وهكذا ...

هذه خلاصة حديث الماديين عن الحقيقة النسبية.

وبغض النظر عن الإشكالات المتعددة الواردة على كون الفكر والإدراك ماديين- التي تعرضنا لجانب منها في المقالة الثالثة وسوف نذكر جانباً آخر منها في المقالة الخامسة- فإن بين أفكارنا مجموعة من الأفكار المطلقة التي ترفض التغيير، وكما أشير إليه في المتن فإن الماديين أنفسهم (وبدون أن يشعروا) يعدّون مجموعة من أفكارهم مطلقة وغير نسبية ولا متغيرة.

وهنا يقفز أمامنا هذا السؤال وهو: ألا ينبغي لنا القول أن ما ندركه من الكون بوساطة الحس أو التفكير (العقل) يتناسب مع التركيب العصبي فينا ويتلاءم مع ما يقتضيه وضعنا وموقفنا، وإما أنه كيف يكون واقع الأمر فلسنا ندري؟

ألا يلزم من هذه المقدمات أن لا نعتمد- حسب النظرة الواقعية- على أي فكر وأن نتلقى كل فلسفة (وحتى المادية الديالكتيكية) وجميع العلوم الطبيعية والرياضية بالشك والترديد؟

والمشككون -السابقون منهم والمحدثون- (بقطع النظر عن طرق الاستدلال) أكان لهم مقصود غير هذا؟

أهناك فرق بين نظرية كانتْ ونظرية المادية الديالكتيكية من حيث قيمة المعلومات أم لا؟

يعدّ الماديون الفيلسوف الألماني كانتْ ضمن المشككين متعللين بأنه يجعل فرقاً بين "الشيء في نفسه" (وهو واقع الشيء الخارجي) و "الشيء بالنسبة إلينا" (وهي صورة ذلك الشيء الموجود في أذهاننا)، وذلك لأن كانتْ كان يعتقد أن الذهن يملك بعض المعاني (من قبيل الزمان والمكان) بحسب الفطرة وهي غير موجودة في الخارج، وكل ما يدركه الإنسان فهو مؤطر بإطار تلك المعاني ومصبوب في قالبها، ويستنتج من ذلك أن هناك اختلافاً -دائماً- بين الشيء في نفسه والشيء بالنسبة إلينا.

ويلاحظ القارئ الكريم أن الماديين أنفسهم أيضاً يجعلون فرقاً بين الشيء في نفسه والشيء بالنسبة إلينا، مع اختلاف بينهما وهو أن كانتْ قد سلك سبيلاً تؤدي إلى أن هناك اختلافاً بين الشيء في نفسه والشيء بالنسبة إلينا دون أن يختلف الشيء بالنسبة إلينا نحن الأشخاص كل فرد على حدة، أما الماديون فهم قد سلكوا طريقاً تؤدي بهم إلى جعل الفرق بين الشيء في نفسه والشيء بالنسبة إلينا كل فرد على حدة.

والمرحوم فروغي ينقل عن كانتْ قوله:

"إن أفراد الإنسان يشاهدون الكون من وراء منظار معين وهم لا يستطيعون أن يبعدوا هذا المنظار عن أعينهم". أما الماديون فيقولون:"إن كل فرد فهو ينظر إلى العالم من خلف منظار مختص به وهو لا يستطيع أن يبعد عنه ذلك المنظار".

ويوجد بينهما فرق آخر وهو أنّ كانتْ يجعل هذا المنظار أمام عين الإنسان ليشاهد به أعراض الطبيعة، أما الماديون فإنهم يجعلونه ليدرك به أي شيء وحتى الفلسفة والرياضيات.

وينقل المرحوم فروغي عن كانتْ قوله أيضاً:

"نحن نشبه المعلوم بالمواد الغذائية التي لابد من إيصالها إلى البدن لتحل محلّ ما يتحلل منه، ولتحقيق هذا الهدف لابد من جلب الطعام من الخارج وإدخاله إلى المعدة، عندئذ فقط يجب على المعدة وأعضاء الجهاز الهضمي الأخرى أن تصب عصاراتها الهاضمة من نفسها ليتحول الطعام إلى غذاء. إذن فالطعام بمنزلة الاحساسات، والعصارات بمنزلة الزمان والمكان (يعتقد كانت أن هذين مفهومان موجودان في الذهن من قبل وليسا شيئين عينيين).

وكما ذكرنا سابقاً قول الدكتور الآراني فإن الماديين أعادوا نفس هذا التشبيه، والاختلاف الوحيد بينهما هو في نوعية هذه العصارات التي يضيفها الذهن من عنده، فهي المفاهيم القبلية للذهن حسب عقيدة كانتْ، وهي التأثير الخاص للمجموعة العصبية حسب قول الماديين.

وعلى هذا فما هو الفرق الذي يحملنا على أن نعتبر كانتْ مشككاً ومن المثاليين ونعتبر الماديين سائرين على طريق الفلسفة الواقعية؟

أهناك فرق من حيث قيمة المعلومات بين النسبية والمادية الديالكتيكية؟

لقد أشرنا من قبل إلى أن أتباع المادية الديالكتيكية يجعلون فرقاً بين نظريتهم في باب قيمة المعلومات ونظرية النسبيين، على أساس أنهم يعتبرون الحقائق النسبية ذات خاصية للتحول والتكامل، وأما سائر النسبيين (حسب ما يدعي الديالكتيكيون) فليس لهم هذه العقيدة، ولهذا السبب فهم يسمون مذهبهم بـ "مذهب اليقين" ومذهب أولئك بـ "مذهب الشك".

ونريد أن نتحقق هنا من أن هذا الفرق أهو كاف ليجعلهم فئتين بالنظر إلى قيمة المعلومات فيكون النسبيون مشككين والماديون من أصحاب الجزم واليقين؟ أم لا؟

يقول الدكتور الآراني في الكراسة المسماة بالمادية الديالكتيكية ص 49:

"لابد من التنبيه على أحد الأخطاء وهو من الممكن أن يتصور البعض- نتيجة لاستعمالنا مفهوم النسبية الذي تتصف به الحقيقة- إننا ندخل ضمن فئة "اللا إداريين" Agnosticistes) ) ولكن الواقع أنه لا بد من الفصل بين هذين الموضوعين تماماً. وحسب عقيدتنا فإن درجة أية حقيقة من كل "عقيدة علمية" مشروطة بالزمان، والأمر الذي بلا شرط هو أن أي تاريخ لأية "عقيدة علمية" فهو يناظر واقعاً ما (أي طبيعة مطلقة). فمن ناحية تكون هذه الحقيقة النسبية التي نتبناها غير مشخصة وبفضل عدم التشخص هذا لا يبقى العلم البشري جامداً وإنما يتكامل، ولكنه في نفس الوقت ومن ناحية أخرى فإنها مشخصة إلى حد ما بحيث يتخلص الفكر المنطقي من إنكار وجود الحقيقة والواقع ومن الارتماء في أحضان المثالية واللا إدرية التي تورط فيها أمثال كانتْ وهيوم (D.Hume ) ) ، ولا بد من الالتفات إلى هذا الفرق بين "المادية الديالكتيكية" و "النسبية الفلسفية"، وكما قال هيجل ( ( Hegel) فإن الديالكتيك يشمل شيئاً من العقائد النسبية والنفي والشك ولكنه ليس منحصراً فيها. أي أنه يوافق على أن الحقيقة نسبية ولكنه يبين ضمناً أن هذه النسبية تاريخية وتتأثر بمرور الزمان، فكلما تقدم الزمن فإن أجزاءاً أكثر من الروابط الواقعية الخارجية تصبح ضمن الحقائق النسبية، بينما ليس للنسبيين ولا المشككين مثل هذه العقيدة".

ونحن قد بينا سابقاً مسألة تكامل الحقيقية وذكرنا هناك أن تكامل الحقيقية بالمعني الذي يقصده الماديون ( وهو أن الحقيقة متغيرة وغير مشخصة) ليس إلا وهماً محضاً، وأما المعنى الصحيح لتكامل الحقيقة (وهو التوسع التدريجي للمعلومات- وتبدل الفرضيات في العلوم الطبيعية) فلا ربط له أبداً بما يدعيه الماديون.

ونضيف هنا أنه لو اعتبرنا الحقائق متغيرة متكاملة لبقى إشكال كوننا من المشككين على حاله، وذلك لأن هذه الحقيقة المتحولة المتكاملة- حسب عقيدة الماديين-نسبية في كل مراحلها وليست مطلقة، وتستمر هذه -باعترافهم- إلى ما لانهاية، إذن كل حقيقة نأخذها بعين الاعتبار وفي أية مرحلة فهي تبدو لنا كما يقتضيه التركيب الخاص لأذهاننا وليست كما هي في الواقع. وهذا يعني أنه لا توجد حقيقة ولا واقع. وهذا هو عين ما يقوله النسبيون وسائر المشككين.

والحقيقة أن اتباع المادية الديالكتيكية يبينون مسألة تكامل الحقيقة أو تغير المفاهيم وتكاملها التي يجعلونها أساس المنطق الديالكتيكي وأهم حصن للهجوم على المنطق القديم - يبينونها بطرق متنوعة تختلف عن بعضها ، وهم أنفسهم لا يفصلون بين هذه الطرق (ولعلهم يتعمدون أن تكون لكلامهم عدة معان واحتمالات وذلك بقصد التضليل). وما أكثر المقالات التي يقرؤها لهم وهي توقعه في الحيرة منذ الوهلة الأولى.

ولكي يطلع القارئ الكريم على القيمة الواقعية للفلسفة المادية والمنطق الديالكتيكي فإننا قد فصلنا بين تلك الطرق المختلفة التي سلكوها لإثبات تكامل المفاهيم وأجبنا كل واحد منها على حدة:

الطرق التي سلكها أتباع المادية الديالكتيكية لإثبات تكامل الحقيقة:

لا يكتفي أتباع المادية الديالكتيكية باعتبار نظرية "تكامل الحقيقة" نظرية صحيحة وإنما هم يزعمون أن أسلوب المنطق الديالكتيكي هو الأسلوب الصحيح الوحيد للتفكير وإن أهم أساس للمنطق الديالكتيكي هو أصل تكامل الحقيقة (أي التغيير التكاملي للمفاهيم).

ويقول: الماديون الديالكتيكيون أن طراز تفكير الماديين الذين جاءوا قبل ماركس وانجلز إنما هو طراز ميتافيزيقي (أي أنه خطأ واقعاً) لأنه لم يكن مبنياً على هذا الأساس.

ويسلك هؤلاء العلماء طرقاً متعددة لإثبات تكامل الحقيقة. وهذا شرح لتلك السبل:

الطريق الأول: إن الفكر ليس إلا خاصة من خواص مادة المخ، وعلى هذا فهو جزء من الطبيعة، ونحن نعلم أن أجزاء الطبيعة كلها تتغير دائماً تحت تأثير عوامل مختلفة، ولا يمكن أن تكون ساكنة ولا لحظة واحدة. إذن فالمخ بكل محتوياته (الأفكار والإدراكات) في تغير دائم ولا يمكن أن يبقى ساكناً وعلى حالة واحدة.

والطبيعة تتّجه دائماً في تغيرها نحو التكامل، إذن فالمفاهيم الذهنية أيضاً في تكامل مستمر لأنها حالّة في مادة المخ.

الجواب:لقد أوضحنا في المقالة الثالثة أن الإدراكات ليس لها الخواص العامة للمادة ومن جملتها خاصة التغيير، ومع أن المخ يتغير بجميع محتوياته عدة مرات في عمر الفرد الواحد ولكنه من المحتمل أن تبقى أفكاره ثابتة طيلة هذه المدة، وهذا بنفسه دليل على أن الأفكار ليست حالّة في المادة.

ونضيف هنا أنه على فرض كون الأفكار حالّة في مادة المخ وهي تقطع طريق التكامل كسائر أجزاء الطبيعة فهذا اللون من تكامل الأفكار لا يمكن اعتباره جزءاً من القوانين المنطقية أو الأساليب الفكرية، لأنه من البديهي كون التغيير والتبديل قانوناً جبرياً وضرورة طبيعية، وإذا كان التفكير أحد خواص المخ جزءاً من الطبيعة فإنه لابدّ أن يتغير حينئذ، وسوف تتساوى في هذه الخاصة أفكار وإدراكات كل أفراد الإنسان بل وحتى الحيوانات أيضاً، وستصبح المفاهيم الذهنية لكل الناس- المادية منها والإلهية- ذات خاصة التغيير التكاملي. ولن يتمكن الماديون من قصر هذا الطراز من التفكير على أنفسهم واعتبار هذا الأسلوب من ميزات منطقهم، لأننا نعلم أن القواعد والقوانين المنطقية إنما هي قواعد توجيهية وهي تختلف عن القوانين الفلسفية والقوانين العلمية.فالقاعدة الفلسفية والقانون العلمي يحكي عن واقع عيني خارجي، أما القانون المنطقي فهو يمنحنا أسلوباً للتفكير وطريقة للتعقل توصلنا إلى نتيجة، وبهذا فهو يشبه القانون الأخلاقي الذي لا يحكي واقعاً خارجياً وإنما هو يوجهنا نحو عمل الخير.

فعلم الأخلاق يطينا السبيل الصحيحة للعمل، والمنطق يعطينا الأسلوب الصحيح للتفكير، ولما كان هذان العلمان توجيهيين فتطبيقهما منوط بإرادة الأشخاص، فالأفراد يستطيعون أن يسيروا حسب تلك الأوامر وهم يستطيعون أن يخالفوها، ومن هنا يتفاوت الأشخاص فيما بينهم.

أما القانون الفلسفي "مثل قانون الحركة" أو القانون الفيزيائي "مثل قانون الثقل" فهو مسيطر على الأفراد جميعاً وبنحو واحد.

وعلى هذا فإذا كان الروح والخواص الروحية- ومن جملتها التفكير- من الأمور المادية المتغيرة فلا بد أن تكون المفاهيم الذهنية لكل الأفراد متغيرة متحركة على الرغم منهم، ولما كان التفكير الديالكتيكي- حسب تعريف الماديين له- يعني التفكير الذي تكون فيه المفاهيم متحركة غير جامدة، إذن كل الناس سيكونون من ذوي التفكير الديالكتيكي سواء أكانوا ملتفتين إلى ذلك أم غافلين عنه، ومن المستحيل أن يوجد إنسان محزوم من التفكير الديالكتيكي، ولا يمتاز الماديون إلا في كونهم يعرفون أن كل تفكيرهم ديالكتيكي بينما لا يعلم الآخرون ذلك، وهذه المعرفة وعدمها لا يغير من طراز التفكير العام الذي سيكون حتماً تفكيراً ديالكتيكياً.

وخلاصة هذا الموضوع:

أولاً: لما كانت الحقائق غير مادية فهي لا تتغير.

ثانياً: إذا فرضنا أنها تتغير فسيصبح كل الأفراد متساوين في ذلك، ولا يمكن اعتبار هذا الطراز من التفكير أو هذا الأسلوب المنطقي خاصاً بفئة من الناس.

الطريق الثاني: إن الأشياء الخارجية (وهي أجزاء الطبيعة) التي يكون الفكر على اتصال بها يجري فيها التغيير والحركة التكاملية (أصل التغيير)، وهذه الأشياء المتغيرة المتحولة مرتبطة ببعضها ومؤثرة في بعضها (أصل التأثير المتبادل).

ونحن نستطيع أن نلاحظ الأشياء بنحوين: أحدهما وهي في حالة السكون والانفصال، والأخرى وهي في حالة التغيير والارتباط، إذن فالمفاهيم التي تنطبع في أذهاننا عن الأشياء الخارجية أيضاً يمكن أن تكون على نحوين.

وأسلم طراز للتفكير وأصحّه هو أسلوب التفكير الديالكتيكي، وهو يعني دراسة الشيء وهو حالة "الحركة التكاملية" (وليس في حالة الجمود والسكون) وفي حالة "الارتباط" بسائر أجزاء الطبيعة (وليس مستقلاً ولا منفصلاً عنها).

ومن ناحية أخرى فإن المفهوم لا يكون حقيقياً إلا عندما يناظر الواقع الخارجي، ولما كان الواقع الخارجي في حالة تكامل مستمر وكل أجزائه مرتبطة ببعضها ومؤثرة في بعضها فالمفاهيم الذهنية أيضاً- إذا أردنا أن تكون حقيقية- لابد أن تكون متحركة متغيرة مؤثرة في بعضها وإلا لم تكن حقيقية بل أصبحت خطأ وغلطاً.

وقد كان المنطق القديم جامداً استاتيكياً ( statique) أما المنطق الديالكتيكي فهو متحرك ديناميكي ( Dynamique) ، والعيب الأساسي في المنطق القديم- الذي هو أساس الميتافيزيقية- شيئان:

أحدهما أنه يتناول الأشياء وهي في حالة السكون والجمود (أصل السكون) ولهذا كانت مفاهيمه المنتزعة من الأشياء ساكة غير متحركة.

والآخر أنه يدرس الأشياء مستقلة عن بعضها (أصل الانفصال) وهو يقيم بين أي شيء وسائر الأشياء جداراً أو حائلاً، ولهذا يصبح كل مفهوم عنده مستقلاً عن سائر المفاهيم ومنفصلاً عنها، والمفاهيم فيه لا تكون مؤثرة في بعضها.

أما الذي يفكر بمنطق ديالكتيكي فمفاهيمه دائماً متحركة ومؤثرة في بعضها.

ونتيجة هذا الكلام أن المفاهيم في المنطق الجامد جامدة دائماً لا حركة فيها وهي مستقلة ومنفصلة عن بعضها فهي إذن غير حقيقية لأنها لا تناظر الواقع الخارجي، أما المفاهيم في المنطق الديالكتيكي فهي دائماً متحركة ومؤثرة في بعضها، إذن فهي حقيقية لأنها تناظر الواقع الخارجي وتطابقه.

فالحقيقة الحاصلة من أسلوب التفكير الديالكتيكي دائماً متحولة ومتكاملة.

يقول الدكتور الآراني في الصفحة (56) من كراس "المادية الديالكتيكية":

"الأصل الثاني للديالكتيك هو أصل تكامل الضدين أو قانون تحول الطبيعة. فلما كان الواقع (المادة والزمان والمكان) ملازماً للزمان فهو متغير يقيناً،وهذا التغيير والصيرورة والتكامل واقعي، وكذا تحول الطبيعة فهو واقعي أيضاً. وينعكس هذا التحول الواقعي في عقولنا فيظهر بشكل قانون تحول الطبيعة". إلى أن يقول: "إن هذا القانون يرجع إلى حركة (أو تغيير) الأشياء الواقعية، وإلى حركة الحقائق (صور الواقع) في الفكر".

ويقول في الصفحة (48): "دقّقوا في هذين المفهومين ولا يختلط عليكم أمرهما فإذا كان الحديث عن الديالكتيك في الطبيعة فالمقصود هو واقع الديالكتيك وهو التأثير المتبادل بين أجزاء الطبيعة وتحولها دون أن يكون لذلك علاقة بكيفية التفكير البشري، وإذا كان الحديث عن الأسلوب الديالكتيكي فالمقصود هو صورة من واقع الديالكتيك في مخنا والمشابه للواقع، وهذه هي طريقة استدلالنا".

الجواب:- أن كلام العلماء الماديين هذا يشمل قسمين:

القسم الأول: وهو يتضمن كون الطبيعة الخارجية في تغير وتحول وتكامل وأن السكون والثبات لا وجود لهما في الطبيعة الخارجية، وإن أجزاء هذه الطبيعة المتغيرة المتكاملة مرتبطة ببعضها وتتبادل التأثير.

وهذا القسم صحيح يؤيده الفلاسفة الإلهيون. وليس هذا الأصل أمراً جديداً، وباعتراف الماديين أنفسهم فإن أصل الحركة والتغيير قد أعلن لأول مرة على يد هرقليطوس في القرن السادس قبل الميلاد. أما أصل التأثير والارتباط بين أجزاء الطبيعة فقد أعلن لأول مرة على يد أفلاطون وأرسطو.

وقد أحدث الفيلسوف الإسلامي الكبير صدر المتألهين - منذ ما يقرب من ثلاثة قرون ونصف- تحولاً عظيماً في الفلسفة وبيّن أصل التكامل في الطبيعة بشكل رائع لم يسبق له مثيل، وأثبت -حسب المعايير الفلسفية- أن كل أجزاء الطبيعة إنما هي أشكال وألوان خاصة من الحركة، أما السكون والثبات فهو مخالف للمقتضى ذات الطبيعة، ولهذا فالماهيات متحركة دائماً ولا يمكن أن نفرض شيئاً واحداً ثابتاً فل لحظتين.

وقد توصّل علماء أوربا في القرون الحديثة- ولا سيما في القرن التاسع عشر- إلى القوانين الخاصة للتكامل في النباتات والموجودات الحية الأخرى وذلك عن طريق المحاولات التجربية والتجسس العلمي، وبيّن "لامارك" و "دارون" فرضية التكامل التدريجي في الموجودات الحية وصاغاها في قوانين محددة.

وعلى الإجمال فإن الدراسات الفلسفية من ناحية والمحاولات العلمية من ناحية أخرى في موضوع الحركة قد منحت الإنسان هذه النتيجة في كيفية دراسة الأشياء وكشف حقيقتها. وتتلخص هذه النتيجة في أنه لا ينبغي دراسة الأشياء وهي ساكنة جامدة. أي إذا كانت لدينا صورة لحادثة طبيعية في حالة خاصة فلا ينبغي لنا أن نتصور ذلك كافياً بالنسبة إلى تلك الحادثة دائماً، لأن ذلك الشيء أو تلك الحادثة الطبيعية تتغير وتتكامل على امتداد الزمن، وتصورنا السابق صحيح ولكنه بالنسبة إلى تلك الحادثة الطبيعية وفي تلك الحال فقط؛ وأما بالنسبة إلى الحالات الأخرى فنحن بحاجة إلى تصورات منفصلة، ومن هذه الجهة فإن المصداق لكل تصور من تصوراتنا الذهنية المتعددة إنما هو إحدى الحالات المتعاقبة لتلك الحادثة. وفي مقام التشبيه نستطيع أن نشبّه جهاز الإدراك بجهاز التصوير الذي يلتقط صور متعددة لطفل يتكامل تدريجياً، فمن الواضح أن كل صورة منطبعة على صفحة الورق تحكي الطفل في لحظة معينة من الزمن وفي مرحلة محددة من مراحل التكامل، وهي- بالنسبة إلى تلك الحال- صادقة دائماً ومنطبقة عليها، ولكنها ليست منطبقة على حالات الطفل الأخرى التي تغيرت، وإذا أردنا أن نبين حالات الطفل الأخرى فنحن بحاجة إلى صور متعددة أخرى.

وكما قلنا سابقاً فإن هذا القسم من التكامل- المتعلق بتكامل الواقع- هو مورد تأييد الفلاسفة الإلهيين- السابقين منهم واللاحقين- ونتيجته دراسة الطبيعة بنحو خاص شرحناه قبل قليل.

القسم الثاني: وليس هذا القسم إلا نتيجة خاصة قد استنبطها أتباع المادية الديالكتيكية - وفق سليقتهم- من القسم الأول المتعلق بكيفية دراسة الطبيعة. ويتضمن هذا القسم إن المفاهيم التي يملكها الإنسان عن الطبيعة لا تكون حقيقية ولا منطبقة على الواقع إلا عندما تناظر الطبيعة الواقعية، ولما كانت الواقعيات الطبيعية في تغير وتكامل مستمرين- حسب أصل التغيير- وهي تتبادل التأثير -حسب أصل التأثير المتبادل- فإنه إذا أردنا أن تكون التصورات الذهنية حقيقية ومطابقة للواقع فلابد أن تكون لها نفس تلك الخواص، أي لابد أن تكون متحولة متكاملة ومؤثرة في بعضها.

وينسب أصحاب المادية الديالكتيكية هذا القسم أيضاً إلى العالم اليوناني القديم هراقليطوس.

وبعد أن ينقل الدكتور الآراني في الصفحة (49) من الكراسة المذكورة سابقاً الجملة المعروفة عن هرقليطوس: "لا يمكن الدخول في نهر واحد مرتين" يقول الآراني: "لقد التفت هرقليطوس إلى تأثير مفهوم الجريان في مفهوم النهر".

ولكن الحقيقة أن الحكماء اليونانيين القدامى وحكماء المرحلة الإسلامية وحكماء أوربا الحديثة لا يوافقون الماديين الديالكتيكيين في هذا الموضوع. ومن بين علماء أوربا الحديثة يذكر هيجل فقط باعتباره معتقداً بهذا الأمر (عاش هيجل في النصف الثاني من القرن الثامن عشر والنصف الأول من القرن التاسع عشر)، ومن بين علماء المرحلة الإسلامية يذكر المحقق جلال الدين الدواني ( في القرن العاشر الهجري) الذي كانت له عقيدة خاصة في باب العلم وهي تؤدي إلى هذه النتيجة.

وفي هذه النقطة يكمن الخطأ الأساسي للمادية الديالكتيكية.

ويظن هؤلاء السادة أن المفهوم لا يكون حقيقياً ولا مطابقاً للواقع إلا إذا كانت له خاصة مصداقه، ولما كانت المصاديق الخارجية متصفة بخاصة التكامل والتأثير المتبادل، إذن لا بد أن تتصف المفاهيم الذهنية بهاتين الخاصتين أيضاً، وإلا لم تكن مطابقة للواقع، وفاتهم أننا إذا اشترطنا أن يتصف المفهوم بخواص مصداقه فلا بد أن يتصف بكل خواصه، وحينئذ لا يصبح هذا مفهوم للشيء الخارجي وإنما يكون بنفسه واقعاً منفصلاً وفي عرض ذلك الشيء الخارجي وسائر واقعيات الطبيعة.

ومن له إلمام بالفلسفة والمنطق القديمين- اللذين يتهمهما هؤلاء بالجمود والتحجر- يعلم أن هناك شبهة معروفة تذكر في "موضوع الوجود الذهني" الذي هو من أكثر المسائل تعقيداً وغموضاً، والأساس واحد في تلك الشبهة وفي هذا الخطأ الذي تورّط فيه الماديون الديالكتيكيون في موضوع الحقيقة. وتتلخص هذه الشبهة فيما يأتي: إذا وجدت ماهية المعلوم بعينها في الذهن. أي إذا كان المفهوم الذهني حقيقياً ومطابقاً للواقع فلابد عندئذ أن تصبح التصورات الذهنية مصداقاً لماهية المعلوم، ولابد عندئذ أن تكون للتصورات خواص وآثار سائر المصاديق. مثلاً إذا تصورنا جوهراً من الجواهر أو كمّاً من الكميات أو كيفاً من الكيفيات الجسمانية فلابد أن يكون تصورنا بذاته مصداقاً "للجوهر" أو "للكم" أو "للكيف" الجسماني، وحينئذ لابد أن تكون لتصورنا-هذا- خواص وآثار هذه المصاديق، والحال أننا نعلم أن تصوراتنا ذات كيفيات نفسانية وهي مصاديق لمقولة الكيف وهي تتمتع بآثار الكيف النفساني.

وأجاب الفلاسفة عن هذه الشبهة بأجوبة متعددة، وأفضل جواب هو ما أجاب به صدر المتألهين وقد أصبح مورد قبول الفلاسفة المتأخرين عنه.

ونحن نشير إلى أصل نظرية هذا الفيلسوف الكبير ونحذف مقدماتها وأدلتها، لأن تفصيل ذلك يحتاج إلى مقدمات وشرح اصطلاحات، وهو تطويل لا يناسب هذه المقالة. ونحن نهدف إلى الإشارة إلى أحد أخطاء المادية الديالكتيكية فنقول:

إن المفاهيم هي عين ماهية المعلوم (وذلك بالحمل الأولي الذاتي) من ناحية، ولكنها من ناحية أخرى ليست عينها، أي أنها ليست مصداق ماهية المعلوم (بالحمل الشايع الصناعي)، ولهذا لا تكون لها خواص وآثار المعلوم، ومن هذه الجهة فإذا تصورنا شيئاً ذا كمية أو ذا كيفية أو ذا حركة ففي نفس الوقت الذي يطابق فيه تصورنا الخارج فإنه ليس له آثار وخواص ذلك الشيء الخارجي، أي أن تصورنا أو مفهومنا لن يكون ذا كمية ولا كيفية ولا حركة.

وبهذه الإشارة المختصرة عرف قراؤنا المطلعون على الفلسفة جذور هذا الخطأ وعرفوا لحمة وسدى هذا المنطق "الديناميكي!!" الذي طالما هاجم المنطق القديم الجامد "الإستاتيكي"، وتبين لهم أن جذور هذا المنطق المتحرك ليس إلا خطأ كبيراً نسجوه طيلة قرون عديدة.

الطريق الثالث:

إن السبيل الوحيدة لمعرفة الشيء معرفة حقيقية هي عبارة عن فضح علاقات ذلك الشيء بسائر الأشياء. وقد وقع المنطق القديم في الخطأ عندما تخيل أن طريقة المعرفة هي في تعيين "الحدّ والرسم" وفي بيان "الجنس والفصل". أما في المنطق الديالكتيكي فطريقة المعرفة الحقيقية لأي شيء تنحصر في "تعيين علاقات ذلك الشيء بسائر الأشياء" (أعم من كونها أشياء ماضية أو معاصرة)، وهذا يعني أننا نكتشف تاريخه الماضي ووضعه الحاضر في الوقت الذي هو واقع تحت تأثير الأجزاء المجاورة له (المزامنة له)، ولما كانت للشيء علاقات لا نهاية لها بسائر الأمور، إذن فالمعرفة الحقيقية تطوي مراحل تدريجية وهي تخطو نحو الأكمل كلما اكتشفت علاقات أكثر. وكل واحدة من هذه المراحل تعتبر حقيقية بالنسبة إلى المرحلة السابقة عليها، ولكنها مخطئة بالنسبة إلى المرحلة التي تأتي بعدها.

فالحقيقة إذن ليس لها معنى إلا بمعنى الشيء "كثير المطابقة"، والخطأ بمعنى الشيء "كثير المغايرة". إذن فالحقيقة- التي تعني المعرفة الحقيقية- دائماً متحولة ومتكاملة.

الجواب:سوف نبين في المقالة الخامسة طريقة المعرفة الحقيقية، ونستعرض خلال ذلك أقوال الماديين في هذا الشأن. ولا نتعرض في هذا المجال إلا لما يخص موضوعنا فنقول: لنفرض أن طريقة المعرفة الحقيقية تعني تحديد علاقات أي شيء بسائر الأشياء، ولنفرض أيضاً أن علاقات أي شيء بسائر الأشياء لا نهاية لها فإن ذلك لا يثبت لنا ما يدعيه الماديون الديالكتيكيون، لأن ما يدعيه الماديون الديالكتيكيون يتلخص في أن الحقيقة تبقى دائماً غير معيّنة وهي تتصف بالتغيير التكاملي. والحال أن الكلام الماضي ينتج أن المعرفة الحقيقية عبارة عن اكتشاف مجموعة العلاقات اللانهائية لشيء ما بسائر الأشياء. ومن الواضح أن كل اكتشاف لعلاقة ما هو بنفسه حقيقة تستقرّ في أذهاننا، واكتشاف علاقة أخرى هو حقيقة أخرى، لا أنّ الاكتشاف الأول قد تغيّر وتكامل. وبعبارة أوضح فإن المعرفة تعني الاطلاع على الحالات المتعددة للشيء الواحد، ومن الواضح أنه من الممكن أن يكون اطلاع شخص على شيء ما محدوداً ثم تضاف إليه معارف أخرى فتتسع معلوماته حول ذلك الشيء.

ونحن قد بينا سابقاً أن التوسع التدريجي في المعلومات لا علاقة له أبداً بموضوع تكامل الحقيقة وتغيرها.

الطريق الرابع:-

إن نظرة إجمالية إلى تاريخ العلوم ستثبت لنا أن العلوم في حالة تحول وتكامل، ولا يوجد علم واحد باقياً على حالة واحدة وإنما هو يتكامل تدريجياً. ونحن نعلم أن القوانين العلمية التي تعتمد عليها الإنسانية اليوم تختلف عن القوانين العلمية التي كانت موجودة قبل ألف عام والمنطق الشائع هذا اليوم غير ذلك المنطق الذي كان قبل ألف عام. وفلسفة هذا اليوم تختلف عن فلسفة ما قبل ألف عام.

ألم تكن فلسفة ومنطق وعلوم ما قبل ألف عام حقيقية؟

بلى ولكن منطق وفلسفة وعلوم هذا اليوم قد ارتفعت درجة حقيقيتها فأصبحت أكثر تكاملاً. إذن فالعلوم التي لا شك في كونها حقيقية إنما هي متكاملة ومتحولة.

وقد أجبنا على هذه المغالطة في مقدمة هذه المقالة وقلنا أن للفلسفة والمنطق وسائر العلوم لونين من التكامل، وكلاهما لا علاقة له أصلاً بتكامل الحقيقة وتغيرها الذي يدعيه الماديون. ولسنا بحاجة هنا إلى تكرار ما قلناه.

ويحدث الماديون ضجيجاً في مسألة تكامل المفاهيم الحقيقية التي أدرك القارئ مدى سخفها فيقولون أن تكامل المفاهيم هو عامل الرقي والتوسع في العلوم، ولكنه قد اتضح لحد الآن- وحسب ما قالوه- أنه لا علاقة إطلاقاً لرقي العلوم وتكاملها بالفرض الموهوم للماديين في باب تكامل الحقيقة، بل أساس الرقي والتكامل في العلوم إنما هو شيء آخر تعرّضنا له في مقدمة هذه المقالة.

اجتماع الصحيح والغلط، الحقيقة والخطأ:

لقد نبّهنا أكثر من مرة على أن المثاليين والسفسطائيين ينكرون قيمة المعلومات كلّية، ويزعمون أن كل الإدراكات والعلوم البشرية هباء من حيث كشفها عن الواقع، وهي مخطئة في هذا المجال، وهم يذكرون بعض الأخطاء الواقعة في بعض الموارد المسلمة (نظير الأمثلة المذكورة في متن المقالة) دليلاً على أن الإدراكات غير حقيقية في سائر الموارد، وبعبارة أخرى فهم ينكرون حصول العلم الحقيقي (المطابق للواقع).

أما الفلاسفة فهم يقبلون مجموعة من الإدراكات على أساس أنها حقائق مسلمة (بديهيات) ويقولون أنه يمكن كسب العلم الحقيقي (المطابق للواقع) إذا استطعنا أن نجعل الفكر يسير بشكل صحيح، وبهذا أيضاً يمكن إبعاد الفكر عن الخطأ (في الجملة ). ووقوع الخطأ في الجملة لا يصلح لأن يكون دليلاً على أن جميع المعلومات مخطئة.

ولكن المادية الديالكتيكية بدأت أخيراً بنغمة جديدة تدّعي فيها أنه لا اختلاف أبداً بين الصحيح والغلط ، ولا بين الحقيقة والخطأ وإنما يمكن لهذين أن يجتمعا ويتحدا. فمن الممكن أن يكون شيء واحد صحيحاً وغلطاً في نفس الوقت، وحقيقة وخطأ في الوقت نفسه، وصدقاً وكذباً أيضاً كذلك.

وبطلان هذه الدعوى إذا لم يكن أوضح من بطلان دعوى السفسطائيين فهو ليس أخفى منه، وذلك لأن هذا الادعاء مبني بصورة مباشرة على إنكار أصل "عدم التناقض"، وهذا الأصل (بمفهومه الفلسفي) من أكثر البديهيات ضرورة، وهو أكثر بديهية من "وجود العالم الخارجي" الذي ينكره المثاليون، وسوف نتعرض فيما بعد لكل الشبهات الطفولية التي أوردها الماديون على هذا الأصل. ومن الواضَح- حتى لطفلٍ لم يجتز المرحلة الابتدائية- إن كل حكم أو قضية أو جملة فهي إما أن تكون صادقة أو كاذبة، صحيحة أو غلطاً، ولا يوجد فرض ثالث. وحتى أصحاب هذا المسلك الذين يدعون أن الشيء الواحد صحيح وخطأ في نفس الوقت يضطرون أحياناً ليخرجوا على ادعائهم هذا ويقولوا أن الفرضية الفلانية فيها جزء آخر مخطئ.

وننقل هنا في البدء كلام الماديين في هذا المجال وهو حديث لا يترك القارئ دون ابتسامة، ونشير بعد ذلك إلى السبب في ظهور هذه النظرية عندهم:

يقول جورج بوليستر في كتابه "الأسس الأولية للفلسفة" ضمن بيانه للقانون الثالث من الديالكتيك (وهو قانون التضاد):

"إن الصحيح صحيح والغلط غلط من وجهة النظر الميتافيزيقية، والحال أنه ما أكثر ما حدث أن نقول: "المطر ينزل" ولما ينته كلامنا والمطر يتوقف عن النزول فجملتنا تلك كانت صحيحة في بدء الكلام وبعد ذلك وقبل أن ننتهي من الكلام تبدلت إلى الخطأ، وتوضح لنا العلوم نماذج عديدة من هذا القبيل، فالقوانين التي كانت تعرف بعنوان أنها حقيقية لأعوام مديدة قد تحولت إلى خطأ في وقت واحد بفضل التقدم العلمي".

ويقول الدكتور الآراني في الصفحة (52) في تذييله لموضوع "أصل نفوذ الضدين":

"إن الفكر غير المتمرس لا يستطيع أن يدرك بسهولة كيف تتحد الحركة والسكون، الوجود والعدم، الجسمي والروحي، الغلط والصحيح، وغيرها، ولكن شيئاً من التمرين والالتفات إلى الأشخاص الذين يميلون إلى أتباع الديالكتيك كاف ليرفع هذا الإشكال. فمثلاً أنتم تعلمون أن السكون هو عبارة عن حركة مقدار سرعتها صفر، أي أنه حالة خاصة من الحركة. وكل شيء هو في حالة الصيرورة ولما كان في حالة الصيرورة فهو إذن ذلك الشيء، ولما لم يصر بعد فهو ليس بذلك الشيء، أي أنه بفضل الدقة في "تحول وتكامل وصيرورة" الأشياء يمكن الجمع بين الوجود والعدم في مكان واحد. وكذا نستطيع القضاء على التضاد بين الروحي والجسمي بهذا النحو وهو أن تقول: إن الخواص الروحية هي فئة معينة من خواص المادة. وقد بيّنا في موضوع الحقيقة النسبية كيفية الجمع بين الصحيح والغلط وقلنا: مثلاً أن ميكانيك نيوتن هي صحيحة وغلط في نفس الوقت، صحيحة لأننا قد حصلنا منها نتائج عملية صحيحة ليست صحتها موضع شك، وغلط لأن سرعة الجهاز لم تؤخذ بعين الاعتبار في القوانين".

ويقول في الصفحة (27) في موضوع الحقيقة النسبية:

"في الحياة العادية يفرض الصحيح والغلط متضادين تماماً ويجعل أحدهما في مقابل الآخر فيقال أن الشيء الواحد إما أن يكون صحيحاً أو غلطاً وليس لهما شق ثالث، والحال أن المذهب الديالكتيكي يقول أنه في كل مرحلة من مراحل المعرفة يكون أحد الأجزاء صحيحاً والآخر غلطاً".

ويقول في الصفحة (28):

"كنا نقول في القرن الماضي أن الذرة هي الجزء الذي لا يتجزأ، وهي آخر حد لتجزئة المادة. وهذا الادعاء صحيح وغلط، صحيح لأنه قد بنيت على أساسه أعمدة الصناعة الكيميائية العظيمة فكيف يمكن القول بأن هذا الفرض غلط، ولكنه في نفس الوقت الذي يكون فيه حقيقة فهو غلط أيضاً لأنه توجد في ذلك الشيء المسمى بالذرة أجزاء أخرى هي الإلكترون والبوزيترون والنيوترون وغيرها".

وهذه الأقوال فاقدة للقيمة والاعتبار إلى الحد الذي لا يحسن الالتفات إليها، وحقاً أنه لمن المخجل. بعد مرور آلاف السنين من العذاب وبعد تلك الجهود الضخمة التي أنفقتها البشرية في سبيل العلم والفلسفة فحققت انتصارات رائعة في هذا المضمار بحيث أوصلتنا إلى هذا الأفق الرفيع ثم تظهر جماعة باسم العلم والفلسفة تخلط بين الرطب واليابس بهذا النحو وتقول- بمنتهى الوقاحة- عن خيالاتها الفجّة هذه بأنها أرفع الأفكار الفلسفية.

وهذه الأقوال لا أساس لها إلى الحد الذي نلاحظهم -هم أنفسهم-أحياناً يقولون أن جزءاً من هذه الفرضيات صحيح والجزء الآخر غلط، كما لو أنهم قد تخيلوا أن الناس ينكرون إمكانية أن يكون أحد الأجزاء صحيحاً وجزء آخر غلطاً- لا يتلاءم مع الأمثلة التي يذكرونها. ففي المثال الذي ذكره جورج بوليستر (المطر ينزل)، أي جزء منه صحيح وأي جزء غلط؟ وفي مثال الذرة الذي كان شائعاً في القرن التاسع عشر وهو أن الذرة غير قابلة للتجزئة، أيّ جزء منه صحيح وأي جزء غلط؟

الطريق المسدود أو ملاحظة مهمة مفيدة:

لعل القارئ الكريم يسأل نفسه: ما هو الشيء الذي حمل أتباع المادية الديالكتيكية على إعلان نظريات في باب الحقيقة والخطأ من قبيل نظرية تغيّر وتكامل المفاهيم ونظرية اجتماع الصحيح والغلط وأمثالهما، والحال أن بطلان هذه النظريات واضح بأدنى تأمل.

ولكنه ينبغي لنا أن نعلم أن المادية الديالكتيكية قد أصبحت في وضع- بالنظر إلى أسسها الأولية- بحيث إذا لم تقبل هاتين النظريتين (وهما أن المفاهيم متغيرة وأن الصحيح والغلط يمكن أن يجتمعا) فإنها ستواجه طريقاً مسدوداً لا يمكن الخروج منه، وذلك لأن الأساس الأول لهذه الفلسفة هو أصالة المادة على الإطلاق (المادية) ونفي ما وراء الطبيعة تماماً.

والأصل الثاني لهذه الفلسفة هو اليقين (الدجماتية) فلكي تستنتج هذه الفلسفة من بحوثها نتيجة يقينية قطعية لنفي ما وراء الطبيعة فقد قامت - في مورد هذا الأصل- باقتفاء أثر الفلسفة النظرية العقلية، وهذا مخالف لنظام الفلسفة الحسيّة التي تتوقف عن إظهار الجزم واليقين المطلق، فرفعت الديالكتيكية شعار الجزم واليقين.

أما الأصل الثالث لهذه الفلسفة فهو أصالة الحس والتجربة (الأميرية). فالمادية الديالكتيكية تنكر المنطق العقلي الذي يعتمد عليه الفلاسفة العقليون، وهي لا تستطيع أن تقبل عقائد الفلاسفة العقليين في باب الروح وكيفية ظهور العلم والإدراكات (البديهيات العقلية الأولية) التي يقول عنها الفلاسفة العقليون أن لها قيمة يقينية ثابتة وأنه لا يمكن أن تكون هناك مواضيع يقينية إلا إذا كانت معتمدة على البديهيات العقلية الأولية، وتزعم الديالكتيكية أن المنطق الوحيد القابل للاعتماد عليه هو المنطق التجربي.

وتقتفي المادية الديالكتيكية في هذا الأصل (على عكس مما فعلت في الأصل الثاني) أثر الفلاسفة الحسيين مع تفاوت بينهما يتلخص في أن الفلاسفة الحسيين يتخذون الجانب الإيجابي من الحس والتجربة فقط دليلاً، وليس الجانب السلبي، ولهذا فهم يعتبرون مسائل ما وراء الطبيعة - التي هي وراء الحس والتجربة- أمراً خارجاً عن موضوع دراساتهم، أما المادية الديالكتيكية فهي تعتمد على الحس من حيث الجانب الإيجابي والجانب السلبي وتقول كل ما هو محسوس فهو صادق وكل ما هو غير محسوس فهو كاذب، ولهذا فإن معيارها ومقياسها لنفي وإثبات أي شيء (وحتى ما وراء الطبيعة) هو العلوم الطبيعية الحديثة المعتمدة على الحس والتجربة.

وتعتبر هذه الأسس الثلاثة (أصالة المادة- أصالة اليقين - أصالة الحس) هي الأصول الأولية للمادة الديالكتيكية.

ومجرد اعتراف المادية الديالكتيكية بهذه الأصول الثلاثة "مجتمعة" فإنها تقع في حيرة عظيمة وتلاقي طريقاً مسدوداً، لأنه:

إذا قبلت "البديهيات العقلية" كالفلسفة العقلية واتخذت لنفسها طابعاً ميتافيزيقياً فإنه علاوة على أن هذا يتنافى مع نظرياتها الخاصة في باب الروح والخواص الروحية، فهو يفقدها الأصل الثالث من أصولها (وهو أصالة الحس)، وفي النتيجة فإنها لا تستطيع حينئذ أن تنكر أدلة الإلهيين الفلسفية والنظرية بعذر أنه " لا يوجد في العلوم الحسية ما يؤيد هذه الأقوال".

وإذا اعتمدت على مساءل العلوم الحسية مثل المذاهب الحسية وقالت بنفس القيمة التي ينسبها كل العلماء - ومن جملتهم الحسيون - إلى العلوم الحسية (وهي القيمة الاحتمالية والظنية) فإنها تكون قد فقدت الأصل الثاني (وهو أصل الجزم واليقين)، وتصبح النتيجة أنها لا تستطيع أن تبدي رأياً قاطعاً يقينياً في المسائل الفلسفية، فهي مثلاً لا تستطيع أن تفتي - يقيناً - أنه لا يوجد شيء غير المادة وخواصها (المادة = الوجود ).

وإذا أرادت أن تنسب القيمة التي يضيفها الفلاسفة العقليون والميتافيزيقيون على البديهيات العقلية (وهي القيمة اليقينية التي ترفض

التخلف) -إذا أرادت أن تنسب هذه القيمة إلى الفرضيات ومسائل العلوم الحسية فماذا تصنع حينئذ بتجديد النظر واكتشاف الخلاف في هذه المجالات؟

وخُيّل إليها أنه يمكن التخلص من هذا الطريق المسدود وذلك بأن تضفي القيمة اليقينية على المواضيع التجربية وفرضيات العلوم الطبيعية، وأن تفسر تجديد النظر واكتشاف الأخطاء عن طريق "تغير الحقيقة" و "إمكان اجتماع الصحيح والغلط" وذلك بأن تقول لا منافاة بين الحقيقة والخطأ، بين الصحيح والغلط، بين الصدق والكذب. فالقانون العلمي الذي أفرزه القرن الماضي صحيح، والقانون العلمي لهذا القرن - المخالف للقانون الأول - صحيح أيضاً، لأن الحقيقة تتغير كل يوم، ولهذا يكون قولهم في القرن الماضي أن الذرة بسيطة لا تقبل التجزئة صحيحاً، ويكون قولنا اليوم أن الذرة ليست بسيطة وإنما هي مركبة من أجزاء كثيرة صحيحاً أيضاً، وكل واحد من هذين حقيقة قد تغيرت وتكاملت.

والآن اسألوا أنفسكم فلو كنتم مكان أصحاب المادية الديالكتيكية أكان الحظ يسعفكم بطريق آخر للفرار من هذا الإشكال؟

وأيضاً هناك طريقة لعلماء المادية للخلاص غير هذه السفسطة (عفواً غير هذا التحقيق العميق)؟

ومن المؤكد أن هناك مجموعة من الأخطاء الفلسفية الأخرى قد توّرط فيها هؤلاء السادة وأدّت بهم إلى صياغة فرضية تكامل الحقيقة وفرضية إمكان اجتماع الحقيقة والخطأ، ولكننا لا نشك في أن الورطة في هذا الطريق المسدود والبحث عن سبيل للفرار منه لهما دخل كبير في هذا المضمار.


8O 8O 8O 8O
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••
صورة العضو الرمزية
بشرى سارة
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 795
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة بشرى سارة »

احييك على هذا الموضوع المميز جدا يا اخى الفاضل سمير العاشقى وعلى شرحك لفلسفة الشك واليقين وتحليلك الرائع
ما شاء الله عليك
اتمنى المزيد من مواضيعك الشيقة التى ابحث عنها دائما فى شبكتنا الجميلة
الله يسعدك وينصرك ويوفقك دائما
تخياتى وسلامى

صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”الحكمة والفلسفة“