هل نحن أصحاب رسالة؟

كل ما ليس له قسم خاص

المشرف: المشرفون

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
darfaf
عضو متميز
عضو متميز
مشاركات: 165
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

هل نحن أصحاب رسالة؟

مشاركة بواسطة darfaf »




الكلمة
أجمل شيء في الوجود, وأعجب كائن عرفه الإنسان,
فهذا الكون كله كان بكلمة,
وأعظم كلمة في الوجود كلمة التوحيد(لا إله إلا الله),
وأسوأ كلمة كلمةُ الكفر(كبرت كلمةً تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً)
إن أهم الأمور وأعظمها تتوقف على الكلمة
فالزواج ذلك الرباط الذي يربط بين روحين وقلبين, ويؤلف بين أسرتين أو قبيلتين,
ويجمع الرجل بامرأة لم يكن يعرفها من قبل,حتى تصير أقرب إليه من أهله وعشيرته,
هذا الزواج متوقف على كلمة.
والطلاق الذي يفرق الأسرة المتماسكة, ويمزق روابط المجتمع, ويهدم بناءً محكماً متيناً,
إنما هو بكلمة.
الحكم بإعدام شخص وإزهاق روحه .. كلمة.
والحكم بتبرئة متهم, وإطلاق سراح أسير .. كلمة.
وكل عمل يقوم به الناس مرتبط بالكلمة, أيما ارتباط.
فالبيع والشراء إيجاب وقبول, وتراض بجملة من الشروط, وذلك كله .. كلمة.
والإجارة والرهن والمصانعة والكفالة والحوالة .. كلها معاملات مبنية على الكلمة.
وإعلان الحرب أو وقفها.. وإعلان الهدنة أو الصلح وحقن الدماء .. وفض النزاعات
وحل الخصومات بين المتخاصمين .. كلمة.
فهل نعي سر الكلمة, وأهميتها وقيمتها؟
هل نحن أصحاب رسالة؟
وهل نستطيع أن نتحمل مسئولية الكلمة؟
الكلمة رسالة, وقد جاء الرسل جميعاً ليبلغوا الناس كلمة, وليقولوا لهم: قولوا:
(لا إله إلا الله).
وقد عرف الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية الكلمة, في صورها المتعددة,
وأساليبها المتنوعة, فأمر بتبليغ الكلمة, حيث قال: " بلغوا عني ولو آية" وقال:
"رحم الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فبلغها, فرب مبلغ أوعى من سامع".
وقال: "رحم الله امرأً قال خيراً فغنم أو سكت فسلم".
وكان ينصب لحسان بن ثابت منبراً في المسجد ليقف عليه فيقول الشعر في
خدمة الدعوة الإسلامية وهجاء المشركين, وقال له: "اهجهم وروح القدس معك".
هذه مقدمات نعرفها جميعاً, لكن الثمرة التي نريد أن نصل إليها هي:
هل نعي أهمية الكلمة, وضرورة قولها وكتابتها وتبليغها؟
هل نسلك لهذا التبليغ الوسائل المتاحة لنا- وما أكثرها- ونستخدم الإمكانيات
الهائلة المتوفرة بين أيدينا؟
وهل الشعر الذي نكتبه, والقصة والمقالة والطُرفة مما يدخل تحت الكلمة,
ويمكن أن يؤدي غرضاً, ويحقق هدفاً؟
وإذا كانت الإجابة نعم, فأين التوجيه الجاد الذي يجعل كل كلمة مما نقول
ونكتب لبنةً في صرح الحقيقة التي ننشد, وخطوة في الطريق التي نسلك
إلى الهدف المقصود؟
أثر الكلمة في النفس
للكلمة فعلها وأثرها في النفس, سواءٌ أكانت كلمة طيبة أم سيئة, رقيقة أم قاسية,
هادئة مترفقة أم هادرة صاخبة, وهي أيضاً تتفاوت في تأثيرها, فكثيراً ما
حركت الكلمة جيشاً, وأشعلت ثورةً, وكثيراً ما أطفأت جذوة غضبٍ وهدّأت
نفوساً ثائرة, واستلت سخيمةً واستخرجت ظغينة.
هب أنك كتبت أبياتاً مهلهلة, وعرضتها على بعض الناقدين, فواجهك أحدهم
بأن هذه الأبيات ركيكة التركيب سقيمة المعنى غير مستقيمة الوزن, ما موقفك
تجاهه؟ علماً بأنه لم يعدُ قول الحقيقة, ولم يجانب الصواب؟
وهب أن ناقداً آخر قال لك: إنها محاولة طيبة, وأبيات تحمل أفكاراً جيدةً غير
أنها تحتاج إلى بعض التعديل والتقويم.
ما موقفك تجاه كل من الناقدين, وما أثر كلام كل منهم في نفسك؟
لا شك أن الأثر مختلف, وأنك ستجدك مائلاً إلى حب الناقد المترفق واحترامه,
واستشعار الكراهية للناقد الذي صارحك بما في شعرك دون التواء.
لأمرٍ ما خاطب الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله:
"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك .."
ولأمرٍ ما قال الله سبحانه لموسى وهارون عليهما الصلاة والسلام:
" اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى".
هب أن شخصاً شتمك أو استهزأ بك, ما موقفك تجاهه, وكيف ستتصرف معه؟
وإذا مدحك شخص لموقف أو عمل عملته, كم سيكون أثر كلمة المديح في نفسك,
وكيف ستكون نظرتك إلى هذا الذي مدحك؟
إن الكلمة تفعل ما لا يفعله شيء آخر. وإن الروح المعنوية تقوى أو تضعف,
وترتفع أو تنخفض تبعاً للكلمة, ومن الكلام ما يكون قاتلاً كالرصاص, مع أنه
هادئ كالنسيم, ومن الكلام ما يكون بلا أثر ولا قيمة, مع أن صوته أعلى من هزيم الرعد.
منابر الكلمة
للكلمة منابر عديدة, قديمة جديدة, وقديماً قال نوح عليه الصلاة والسلام:
"رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً, فلم يزدهم دعائي إلا فراراً, .. ثم إني دعوتهم
جهاراً ثم إني أعلنت لهم وأسرت لهم إسراراً"
نعم لقد استخدم جميع الوسائل والإمكانيات, وقال كلمته من على جميع المنابر
المتاحة آنذاك, واستمر على ذلك ألف سنة إلا خمسين عاماً, ليس له همٌّ إلا أن
يبلغ الكلمة, ويقولها ويدعو بها. ويا له من جهد عظيم, ووقت طويل,
مع أن الثمرة العاجلة:"وما آمن معه إلا قليل". ولكن لما كان الهدف إرضاء الله
سبحانه, وتبليغ رسالته, سهل البذل والعطاء, وهانت التضحية بالوقت والمال والنفس.
في حوزتنا منابر كثيرة جداً: ليست قاصرةً على منبر المسجد وقاعة الدرس.
الكتاب المفيد منبر, والمقالة الهادفة كذلك, وقرص الكمبيوتر بما يحويه من معلومات,
وشريط (الكاسيت) و(الفيديو), والمجلة والجريدة وشبكة المعلومات(الإنترنت) بما فيها
من المواقع, والقنوات الفضائية, ودور الإذاعة, وكلمة الأب في بيته إذ يربي أبناءه
على الخلق الفاضل, والسيرة الطيبة, وسمتُ الأم في بيتها وهي ترعى أبناءها
وتربي فيهم معاني العزة والكرامة.
ألم يكن صلاح الدين الأيوبي طفلاً في حجر امرأةٍ عظيمة؟ ألم يكن من قبله
عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد, وطارق بن زياد .. ومئات بل ألوف الأبطال
الذين صنعوا التاريخ,ودونوه بأحرف من النور؟
إن الكلمة كائن عظيم عجيب, وإن أحسنّا قولها وأداءها وعرضها على الناس
آتت أكُلها وفعلت فعلها, وصنعت عجباً من العجب.
معذرة لم أقل كل شيء, ولم أكن أقصد الإطالة غير أنها طالت رغبة في استيفاء
بعض حق(الكلمة), وعسى أن يكون بين الإخوة الأحبة من يفيض في هذا الموضوع,
ويوفيه حقه, فللكلمة حق وأي حق, وإنها لرسالة ومسئولية.
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••
أضف رد جديد

العودة إلى ”مواضيع عامة ومتنوعة“