مذهب المشككين

كل ما يخص علم الحكمة والفلسفة ومدارسها
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
سمير العاشقي
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 787
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مذهب المشككين

مشاركة بواسطة سمير العاشقي »

مذهب المشككين:

في تلك الفترة ذاتها نشأ مذهب آخر هو مذهب المشككين "السيتسية". ويظن أتباع هذا المذهب أنهم سلكوا سبيلاً وسطى فلا هم قائلون بما يقول به السوفسطائيون من إنكار أي واقع وراء ذهن الإنسان، ولا هم قائلون بما تقول به الفلسفة اليقينية من أنه يمكن الظفر بإدراك الأشياء كما هي في الواقع ونفس الأمر.


ويدعى أتباع هذا المذهب أن إدراك الإنسان لأمور العالم متوقف تماماً على الوضع الخاص لذهن الشخص المدرك، وإن ما يفهمه كل إنسان من أمور العالم فهو كما يقتضيه وضعه الذهني وليس كما هو في الواقع، فلعل لهذه الأشياء التي ندركها كيفية خاصة في الواقع ونحن ندركها بكيفية أخرى حسب ما يقتضيه وضعنا العقلي.

ويذكر بيرون- مؤسس هذا المذهب- عشرة أدلة لنفي القيمة اليقينية لإدراكاتنا، ومن جملتها "تأثير البيئة الزمانية والمكانية، وكيفية تركيب القوى المدركة في الشخص المدرك، فيما ندركه" ويثبت بهذا إن إدراكنا للأشياء يتوقف على سلسلة من العوامل الخارجية وعلى مجموعة من العوامل الداخلية، وبتغيير هذه العوامل تتغير تلك الإدراكات أيضاً. إذن لابد لنا أن لا ندعي أننا ندرك الأشياء كما هي عليه في الواقع وإنما لابد من القول أننا ندركها حسب ما يقتضيه تركيب القوى الإدراكية فينا، متأثرين في ذلك بالبيئة الخاصة التي تكتنفنا. أما هي الحقيقة؟ فالجواب لا نعلم.

وتزعم هذه الجماعة أن الطريق الصحيح الذي يجب على الإنسان أن يسلكه في جميع المسائل هو الامتناع عن إبداء أي رأي يقيني، ولا بد من مواجهة جميع المسائل الفلسفية والعلمية وحتى الرياضية بالاحتمال والتردد. وبهذا فقد وضعت أسس فلسفة المشككين في مقابل الفلسفة اليقينية.

وبهذا فقد انقسم الفلاسفة المؤمنون بواقعية الكون والعالم (وهم في مقابل السوفسطائيين الذين لا يعدّون ضمن الفلاسفة) منذ أقدم العصور التاريخية إلى فئتين متميزتين:

1-فئة اليقينيين: وهم الذين يقولون بإمكانية تحصيل العلم المطابق للواقع، أي أنهم يعتبرون ذهن الإنسان متمتعاً بخاصية


تجعله قادراً على إدراك الأشياء كما هي عليه في الواقع، وهم يقولون بسلسلة من القواعد المنطقية التي تصون مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر.

2-فئة المشككين: وهم المنكرون لهذه الخاصية وفي الحقيقة فهم مترددون في المعلومات البشرية.

ولكن أصحاب الفلسفة اليقينية اعتبروا- فيما بعد- شبهات المشككين نوعاً من السفسطة واعتبروا المشككين ضمن السوفسطائيين ولم يفرقوا بين "السوفسطائي" و "المشكك"، وراحوا يطلقون اسم الفيلسوف فقط على من يتصف بما يأتي:

أولاً: أن لا يعد العالم عبثاً في عبث وخيالاً باطلاً.

ثانياً: أن يعتبر الظفر بحقائق الكون ممكناً وميسراً.

عقيدة القدماء:

وهاتان الناحيتان واضحتان تماماً في التعريف الذي وضعه القدماء للفلسفة (بمعناها العام) فهم يقولون:

"الفلسفة عبارة عن العلم بأحوال أعيان الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر بقدر الطاقة البشرية".

ويحسن الالتفات إلى أن هذا القيد "بقدر الطاقة البشرية" إنما هو للإشارة إلى هذه الملاحظة وهي أن الإنسان مهما استطاع أن بوجه فكرة نحو كشف الحقائق، ولكنه من ناحية أخرى تبقى حقائق العالم غير متناهية مع أن الاستعداد الإنساني محدود، ولهذا فإن الإنسان لا يوفق إلا لاكتشاف قسم من حقائق العالم فقط ولن يتمكن من الإحاطة بالكل أبداً.


ولما كان القدماء سائرين حسب الأسلوب اليقيني، أي أنهم يفسرون الإدراك بأنه انكشاف العالم الخارجي للذهن المدرك، فلهذا يعرفون الفلسفة من حيث الغاية التي يقصد إليها الفيلسوف بقولهم:

"الفلسفة هي صيرورة الإنسان عالماً عقلياً مضاهياً للعالم العيني".

يقول الشاعر:

"كل إنسان كسب من المعرفة زاداً

فهو عالم بذاته قابع في إحدى الزوايا"

وبعد انقراض مذهب المشككين- الذي استمر طيلة ثلاثة أو أربعة قرون بعد الميلاد- فإن جميع الفلاسفة- الأوربيين والمسلمين- يسيرون حسب المنهج اليقيني، ولم يتردد أحد منهم في قيمة الإدراكات، واستمر هذا حتى دخلت أوربا في القرن السادس عشر فما بعد ووقعت فيها حوادث وتحولات في مختلف المجالات العلمية وسلط الضوء من جديد على مسألة قيمة المعلومات.

وفي هذا التحول الجديد في أوربا أعيد النظر غي علوم الفلك القديمة وفي الأقسام المختلفة من الطبيعيات ثم خطّوا بخط البطلان على مواضيع كانت تقع موقع القبول والتسليم من جميع العلماء لآلاف السنين ولم يكن يخطر على بال أحد خلافها قبل ذلك، وأصبح من المسلم في هذا العصر أنها لم تكن سوى أخطاء بشرية، وأدى هذا الأمر إلى أن تفقد العلوم اعتبارها السابق واتضح بهذا بعض العجز البشري للوصول إلى الواقع.

والوضع الذي كان في اليونان القديمة- في القرن الخامس قبل الميلاد- والذي أدى إلى أن يسلب علماء تلك البلاد اعتمادهم من


العلم وأن يتمسكوا بالسفسطة قد عاد بنفسه تقريباً في أوربا خلال هذه القرون الحديثة، وظهر في أوربا- كما نعلم- المثاليون من قبيل بركلي وشوبنهاور(Schopanhauer) وهم يظهرون آراءً تشبه آراء بروتاغوراس (Protagoras) وجور جياس (Gorgias) من السوفسطائيين في اليونان القديمة، وظهرت مذاهب ومسالك في باب قيمة المعلومات تنتهي في نتائجها إلى مذهب المشككين التابعين لبيرون من قبيل مذهب النسبيين المحدثين- الذي مر علينا شرحه- ومذهب النقد "كريتي سيسم" ومذهب المادية الديالكتيكية في باب قيمة المعلومات

8O 8O 8O
 تنبيه مهم : عليك ان تقرأ الشروط عند تقديم اي طلب جديد والا سيتم حذف موضوعك •• اقرأ الشروط ••
صورة العضو الرمزية
بشرى سارة
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 795
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة بشرى سارة »

تعرف يا اخى الفاضل سمير العاشقى ان من يفهم الفلسفة صح فان ذلك يقوى ايمانه
جميلة جدا الفلسفة اول مرة اقرأ فى الفلسفة لانى كنت فى القسم العلمى اثناء دراستى وللاسف لم ادرسها اطلاقا
وتعتبر الفلسفة نوع من انواع الحكمة والله سبحانه وتعالى يقول ( ومن اوتى الحكمة فقد اوتى خيرا كثيرا )
:arrow: جميل وهايل كل ما تكتب يا اخى المبدع سمير العاشقى
كل يوم تزداد نجاح
انت استاذ خبير يا سمير
واصل واكتب المزيد والمزيد فانا اعشق كل ما تكتب من مواضيع يا اخى الكريم سمير العاشقى
لك منى اجمل واحلى وارق تحية

صورة
صورة العضو الرمزية
سمير العاشقي
عضو متميز فعال
عضو متميز فعال
مشاركات: 787
اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
الجنس: اختار واحد

مشاركة بواسطة سمير العاشقي »

تشرفت بمرورك وتعليقك الذكي الفلسفة مثلما هو معلوم للكثيرين انها ام العلوم ادبيها وعلميها حتى ان البعض يرجعون اصل نشوء نظريات العالم ارخميدس وهي نظريات بالرياضيات البحتة كان من اجل البحث عن الله الواحد القهار واثبات وجوده من خلال لغة الارقام بعد عن عجز الاخرون بالوصول عن طريق الكلام فسلك بالبحث هذا المنحى
الموضوع يحتاج الى توضيح لكنه سيكون طويل .
على العموم الفلسفة مهمة بحياتنا جدا وانا ارى ان الانسان اي انسان مهما يكون مستوى تعليمه وتفكيره اجده يتعامل بدرجة من درجات الفلسفة وبشكل من اشكالها حتى لو انه لا يعي ذلك
مرة اخرى لكي مني خالص الاحترام والتقدير
أضف رد جديد

العودة إلى ”الحكمة والفلسفة“