الحطِّ من قيمة المرأة
مرسل: الخميس 14-5-2009 10:30 pm
الحطِّ من قيمة المرأة
ان الفقهاء الذين انهمكوا في شؤون المرأة انهماكاً غير مسبوق، إلى درجة أنه جاء وقتٌ كالعصر الحديث لم يجد فيه الفقهاء من موضوع يشغلون به المسلمين غير المرأة، وحريتها، وحجابها، ونصابها، وحيضها، وصلاتها. ونسوا ما للرجل وحريته السياسية والاجتماعية والثقافية من حقوق وواجبات. بل نسو ما تمر به الامة من كوارث اجتماعية وسياسية وثقافية علي مختلف الاصعدة.
فمن المعروف أنّ الإسلام قد أنصف المرأة نسبة لما كانت عليه قبل الإسلام
المرأة العربية والمسلمة تملك قدرات ومؤهلات خلاقة دفنها المتطرفون في أعماقها.
فالمرأة في العصر الحديث، وصلت إلى أعلى المراتب السياسية، حتى في الدول الإسلامية كرئيسة للوزراء، وإلى أعلى المراتب العلمية، كفوز شيرين عبادي المحامية الإيرانية بجائزة نوبل للسلام عام 2003، وإلى أعلى المراتب الثقافية مؤلفةً وباحثةً وأديبةً وشاعرةً وناقدة، ورغم هذه المكانة الإنسانية الرفيعة التي نالتها المرأة، فما زال الفقهاء يردّدون أحاديث تقول:
( لا يفعلن أحدكم أمراً حتى يستشير، فإن لم يجد من يشيره فليستشر امرأة ثم ليخالفها، فإنّ في خلافها البركة).
ثم هذه الأحاديث الأربعة الأخرى، التي تؤكد ذمَّ المرأة، وهو ذمٌ من الفقهاء، وليس من الإسلام:
( شاوروهن وخالفوهن)
(عوّدوا النساء " لا "، فإنها ضعيفة، إن أطعتها أهلكتك )
( طاعة النساء ندامة)
( هلكت الرجال حين أطاعت النساء)، وغيرها من الأحاديث.
فلماذا كل الاهتمام والانهماك في الحطِّ من قيمة المرأة وصب جام غضب الأحاديث النبوية عليها، وكأن الإسلام جاء خصيصاً لهذا الغرض؟!
ترى هل سنستخدم بالفعل عقولنا ونفهم دين الله وننقذ أنفسنا ونسائنا من هذا الجهل .
يقودنا استقراء نماذج من كتب التفسير والفقه إلى الانتباه إلى أنّ أغلب المفسّرين قرأوا النصّ من موقعهم الخاصّ ودافعوا عن امتيازات المجتمع الذكوري الذي صدروا عنه. فلا غرابة أن رأيناهم مثلا يحوّلون الآيات التي تشير إلى حقّ الزوج في الطلاق إلى قانون صارم أبدي لا يمكن المساس به بينما صارت الآيات الداعية إلى حقّ المرأة في أن تعامل بالعدل والإحسان، من منظورهم، مجرد توصيات متروكة لضمير الرجل. وقس على ذلك نماذج أخرى تعجّ بها كتب التفسير والفقه والحديث وغيرها ، وهي ككل عمل بشري تحوي هنات.
ولا يختلف الأمر اليوم كثيرا عمّا كان عليه القدامى فالمتشدّدون يجوّزون لأنفسهم النطق نيابة عن الله ويعمدون إلى تأويل القرآن وفق أيديولوجيا ’الإسلام السياسي’. وبيّن أنّ عسر مواجهة التأويل الذكوري للنصوص الدينية هو العامل الرئيسي الذي يثني عددا من النسوة ، في أغلب المجتمعات، عن اقتحام مجال المشاركة السياسية أو الاقتصادية أو الفكرية. ويمثّل الخطاب الديني المتشدّد الذي أنتج بشأن أهليّة المرأة للمشاركة السياسية مثلا عقبة رئيسية تحول دون نيل المرأة العربية حقّا من حقوقها الرئيسية.
ولا يخفى أنّ ما يميّز هذا الخطاب قدرته الفعلية على التأثير في الجمهور والهيمنة على العقول. إذ يحظى رجال الدين وشيوخ الإفتاء ودعاة الفضائيات بثقة مستهلكي خطاباتهم وإعجابهم بل تقديسهم. وبناء على ذلك فإنّهم يحرّكون الجمهور ويحوّلونه إلى ’تيّار مقاوم’ رافض اختراق المرأة المجال الذكوري، إذ يفهم هذا الأمر على أنّه تطاول على الذات الإلهية التي خصّت الرجال بفضائل منها القوامة،والدرجة، والرئاسة، والزعامة في كافة مجالات الحياة. ولئن استطاعت بعض النساء تجاوز هذا العائق النفسي فإنّ الأغلبية ترفض خوض غمار حرب التأويل.
خلال وقت قصير، كان عزل المرأة بوصية سحرية، قد أحالها إلى {حرم} مسحور، لا يحل لأحد أن يراه سوى الأقارب. وكانت أجيال اليهود قد تعلمت من الكهنة أن مجرد النظر إلى جسد المرأة خطيئة كبيرة في عين الرب. وقد استجابت المرأة لهذا الموقف "الديني"، بأن لزمت بيتها، متعمدة أن لا تخرج للناس، إلا داخل عباءة، تغطي جسدها، من الرأس إلى القدم، لكي لا يضطر يهودي ورع واحد إلى ارتكاب معصية. وهو حل باركه الكهنة بحماسة ظاهرة في جميع العصور، وما زالوا يباركونه بالحماسة نفسها حتى الآن، لكنه حل سحري بحت، ولا علاقة له بالدين.
فعزل المرأة فكرة لا تدخل لغة الدين أصلاً، إلا في مجتمع يتكلم لغة التوراة، ويؤمن شرعاً بأن الله قد لعن المرأة بالحمل والولادة، وجعل طمثها نجاسة، وأوصى بعزلها في الإصحاح الثاني عشر من سفر اللاويين. أما من دون التوراة، فإن أحداً لا يستطيع أن يفسر للمرأة دينياً، لماذا يريدها الله أن تلبس عباءة.
فالقرآن لا يساند مثل هذه الدعوة، ولا يوافق على نظرية المرأة الملعونة من أساسها. وقد أعاد صياغة التوراة لقصة الخلق، متعمداً أن يحذف منها جميع المقدمات التي وردت في الأصل العبراني لتبرير نظرية اللعنة دينياً، فأسقط قول التوراة، إن الله خلق حواء من ضلع آدم، وأسقط قولها إن المرأة قد أغوت آدم بالثمرة المحرمة، وأبطل وصية القربان، ورفض علاقة الكهنة بمفهوم الطهارة، وأعاد معاجلة موضوع الطمث بلغته الأصلية في مجال الطب الوقائي
{فاعتزلوا النساء في المحيض، ولا تقربوهن حتى يطهرن} سورة (البقرة: 222).
وبالنسبة لاستكمال الطهارة، ألغى القرآن شريعة تقديم القرابين، وأنهى بذلك وصاية الكهنة على جسد المرأة والرجل معاً. فأصبحت الطهارة هي النظافة، وتحررت الكلمة النافعة، من معناها الأجوف في قاموس السحرة، وصارت وصية عملية لالتماس الطهارة في الغسل بالماء: {وإن كنتم جنباً، فاطهروا} سورة (المائدة:6).
مهم إن نفهم بأنه وللأسف عادتنا وتقاليدنا همشت المرأة علي مسرح عالمنا الإسلامي والعربي ودين الله ليس له دخل في هذا الموضوع
الحياة مسرح كبير تتناوب الأجيال رجال ونساء على خشبته. كل إنسان له دوره مرآة ورجل على هذا المسرح بدون استثناء
وللحديث بقية
ان الفقهاء الذين انهمكوا في شؤون المرأة انهماكاً غير مسبوق، إلى درجة أنه جاء وقتٌ كالعصر الحديث لم يجد فيه الفقهاء من موضوع يشغلون به المسلمين غير المرأة، وحريتها، وحجابها، ونصابها، وحيضها، وصلاتها. ونسوا ما للرجل وحريته السياسية والاجتماعية والثقافية من حقوق وواجبات. بل نسو ما تمر به الامة من كوارث اجتماعية وسياسية وثقافية علي مختلف الاصعدة.
فمن المعروف أنّ الإسلام قد أنصف المرأة نسبة لما كانت عليه قبل الإسلام
المرأة العربية والمسلمة تملك قدرات ومؤهلات خلاقة دفنها المتطرفون في أعماقها.
فالمرأة في العصر الحديث، وصلت إلى أعلى المراتب السياسية، حتى في الدول الإسلامية كرئيسة للوزراء، وإلى أعلى المراتب العلمية، كفوز شيرين عبادي المحامية الإيرانية بجائزة نوبل للسلام عام 2003، وإلى أعلى المراتب الثقافية مؤلفةً وباحثةً وأديبةً وشاعرةً وناقدة، ورغم هذه المكانة الإنسانية الرفيعة التي نالتها المرأة، فما زال الفقهاء يردّدون أحاديث تقول:
( لا يفعلن أحدكم أمراً حتى يستشير، فإن لم يجد من يشيره فليستشر امرأة ثم ليخالفها، فإنّ في خلافها البركة).
ثم هذه الأحاديث الأربعة الأخرى، التي تؤكد ذمَّ المرأة، وهو ذمٌ من الفقهاء، وليس من الإسلام:
( شاوروهن وخالفوهن)
(عوّدوا النساء " لا "، فإنها ضعيفة، إن أطعتها أهلكتك )
( طاعة النساء ندامة)
( هلكت الرجال حين أطاعت النساء)، وغيرها من الأحاديث.
فلماذا كل الاهتمام والانهماك في الحطِّ من قيمة المرأة وصب جام غضب الأحاديث النبوية عليها، وكأن الإسلام جاء خصيصاً لهذا الغرض؟!
ترى هل سنستخدم بالفعل عقولنا ونفهم دين الله وننقذ أنفسنا ونسائنا من هذا الجهل .
يقودنا استقراء نماذج من كتب التفسير والفقه إلى الانتباه إلى أنّ أغلب المفسّرين قرأوا النصّ من موقعهم الخاصّ ودافعوا عن امتيازات المجتمع الذكوري الذي صدروا عنه. فلا غرابة أن رأيناهم مثلا يحوّلون الآيات التي تشير إلى حقّ الزوج في الطلاق إلى قانون صارم أبدي لا يمكن المساس به بينما صارت الآيات الداعية إلى حقّ المرأة في أن تعامل بالعدل والإحسان، من منظورهم، مجرد توصيات متروكة لضمير الرجل. وقس على ذلك نماذج أخرى تعجّ بها كتب التفسير والفقه والحديث وغيرها ، وهي ككل عمل بشري تحوي هنات.
ولا يختلف الأمر اليوم كثيرا عمّا كان عليه القدامى فالمتشدّدون يجوّزون لأنفسهم النطق نيابة عن الله ويعمدون إلى تأويل القرآن وفق أيديولوجيا ’الإسلام السياسي’. وبيّن أنّ عسر مواجهة التأويل الذكوري للنصوص الدينية هو العامل الرئيسي الذي يثني عددا من النسوة ، في أغلب المجتمعات، عن اقتحام مجال المشاركة السياسية أو الاقتصادية أو الفكرية. ويمثّل الخطاب الديني المتشدّد الذي أنتج بشأن أهليّة المرأة للمشاركة السياسية مثلا عقبة رئيسية تحول دون نيل المرأة العربية حقّا من حقوقها الرئيسية.
ولا يخفى أنّ ما يميّز هذا الخطاب قدرته الفعلية على التأثير في الجمهور والهيمنة على العقول. إذ يحظى رجال الدين وشيوخ الإفتاء ودعاة الفضائيات بثقة مستهلكي خطاباتهم وإعجابهم بل تقديسهم. وبناء على ذلك فإنّهم يحرّكون الجمهور ويحوّلونه إلى ’تيّار مقاوم’ رافض اختراق المرأة المجال الذكوري، إذ يفهم هذا الأمر على أنّه تطاول على الذات الإلهية التي خصّت الرجال بفضائل منها القوامة،والدرجة، والرئاسة، والزعامة في كافة مجالات الحياة. ولئن استطاعت بعض النساء تجاوز هذا العائق النفسي فإنّ الأغلبية ترفض خوض غمار حرب التأويل.
خلال وقت قصير، كان عزل المرأة بوصية سحرية، قد أحالها إلى {حرم} مسحور، لا يحل لأحد أن يراه سوى الأقارب. وكانت أجيال اليهود قد تعلمت من الكهنة أن مجرد النظر إلى جسد المرأة خطيئة كبيرة في عين الرب. وقد استجابت المرأة لهذا الموقف "الديني"، بأن لزمت بيتها، متعمدة أن لا تخرج للناس، إلا داخل عباءة، تغطي جسدها، من الرأس إلى القدم، لكي لا يضطر يهودي ورع واحد إلى ارتكاب معصية. وهو حل باركه الكهنة بحماسة ظاهرة في جميع العصور، وما زالوا يباركونه بالحماسة نفسها حتى الآن، لكنه حل سحري بحت، ولا علاقة له بالدين.
فعزل المرأة فكرة لا تدخل لغة الدين أصلاً، إلا في مجتمع يتكلم لغة التوراة، ويؤمن شرعاً بأن الله قد لعن المرأة بالحمل والولادة، وجعل طمثها نجاسة، وأوصى بعزلها في الإصحاح الثاني عشر من سفر اللاويين. أما من دون التوراة، فإن أحداً لا يستطيع أن يفسر للمرأة دينياً، لماذا يريدها الله أن تلبس عباءة.
فالقرآن لا يساند مثل هذه الدعوة، ولا يوافق على نظرية المرأة الملعونة من أساسها. وقد أعاد صياغة التوراة لقصة الخلق، متعمداً أن يحذف منها جميع المقدمات التي وردت في الأصل العبراني لتبرير نظرية اللعنة دينياً، فأسقط قول التوراة، إن الله خلق حواء من ضلع آدم، وأسقط قولها إن المرأة قد أغوت آدم بالثمرة المحرمة، وأبطل وصية القربان، ورفض علاقة الكهنة بمفهوم الطهارة، وأعاد معاجلة موضوع الطمث بلغته الأصلية في مجال الطب الوقائي
{فاعتزلوا النساء في المحيض، ولا تقربوهن حتى يطهرن} سورة (البقرة: 222).
وبالنسبة لاستكمال الطهارة، ألغى القرآن شريعة تقديم القرابين، وأنهى بذلك وصاية الكهنة على جسد المرأة والرجل معاً. فأصبحت الطهارة هي النظافة، وتحررت الكلمة النافعة، من معناها الأجوف في قاموس السحرة، وصارت وصية عملية لالتماس الطهارة في الغسل بالماء: {وإن كنتم جنباً، فاطهروا} سورة (المائدة:6).
مهم إن نفهم بأنه وللأسف عادتنا وتقاليدنا همشت المرأة علي مسرح عالمنا الإسلامي والعربي ودين الله ليس له دخل في هذا الموضوع
الحياة مسرح كبير تتناوب الأجيال رجال ونساء على خشبته. كل إنسان له دوره مرآة ورجل على هذا المسرح بدون استثناء
وللحديث بقية