السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لقد دعت جميع الرسائل الدينية، القديمة والحديثة، الإنسان إلى التقوى والتطور
الروحي. عندما نقول التطور الروحي يعني ذلك أن يتجه العقل الفردي أو الإدراك الفردي
في اتجاه مراتب الروح- أن الوجود المادي يرتكز على ثلاثية :-
الفاعل والفعل والمفعول به. وهذا الدور الثلاثي يطبق على الإنسان أيضاً. عندما يقوم
الإنسان بعملٍ ما، يكون هو الفاعل، وينفذ الفعل بواسطة أدوات الفعل وهي الحواس
الخمس و التحسس العقلي الذي يحرك الحواس، أما الغرض الذي ينجزه الإنسان هو المفعول
به. ومن أجل أن يتطوّر الإنسان، عليه أن يدرك حقيقة الوجود في ثلاثية وجوده الذاتي.
على الإنسان أن يدرك الله في ذاته الخاصة وأن يدرك الله بواسطة حواسه الخاصة ويدرك
الله في الغرض الذي يفعله هو. هذا هو التطور الروحاني الكامل الذي يؤدي إلى التوحيد
الحقيق بالله.
من أجل أن يدرك الإنسان حقيقة الوجود عليه أن يوجه عقله إلى مصدر الوجود. ومصدر
الوجود هو واحد، في حقل الله الواحد. والطريق إليه في كل الاتجاهات، فالله موجود في
كل شيء، ولكن الطريق الأقصر والطريق الآمن إليه هو في الطريق الداخلي. بدلاً من أن
يبدأ العقل في الطريق الخارجي مروراً بالحواس وملذات الحواس، ويتوه في متاهات
المادة الخارجية المتعددة والمتنوعة، يستطيع أن يبدأ في الطريق الداخلي، وهي ليست
سوى خطوة واحدة إلى الداخل. على العقل أن يعقل ذاته، فيدرك النفس، وبإدراكه للنفس
يطلّ على الروح المقيم في هيكل الجسد. عندئذ يخضع العقل ويستسلم، ويصبح المنفذ
المطيع لما تمليه عليه النفس. وبصحوة العقل على الروح يكون الإنسان قد أدرك الله في
ذاته، وأدرك كيف أنه هو ليس سوى انعكاساً للروح الإلهية، وأنه قد وجد من أجلها
ويعمل من أجلها. وبهذه الخطوة الأولى يبدأ الإنسان في الخروج من دوامة ثلاثية
الوجود المادي.
عندما يثبت الإنسان في داخل ذاته ويختبر العقل حالة الصحوة والثبات، يصبح حصيناً
ومنيعاً في رحلته الخارجية. يتصل الإنسان بالعالم الخارجي من خلال وسائل التحسس أو
الإدراك الحواس، ومن أجل أن يدرك لإنسان الله في الخارج عليه أن يطوّر مقدرته
الإدراكية، وبعدما استسلم العقل للذات الداخلية، يبدأ القلب في النبض ليتحسس عاطفة
الوجود، وبالعشق يرى الإنسان الله ينبع من كل مادة الوجود فيذوب قلبه بالعشق
الإلهي، ويرى الله ينبع في كل مخلوقاته، فيمجّد الدنيا إكراماً وإجلالاً لله المحرك
لكل شيء في العالم المادي. وبذلك يكون الإنسان قد تجاوز الخطوة الثانية للخروج من
دوامة ثلاثية الوجود المادي.
في المرحلة الثانية للتطور الروحاني يدرك الإنسان الله على أنه متغلغل ومحرّك لكل
المخلوقات، وبعد أن تطور عقله بشكل كامل عندما أدرك الذات الداخلية، وتطور قلبه
وإدراكه بشكل كامل عندما أدرك الله المحرك لكل المخلوقات، لا يبقى أمامه إلا أن
يدرك أن الله هو لا يحرك الوجود المادي فقط، بل هو الذات الكلية لكل الوجود المادي.
فيدرك الإنسان أن ذاته الداخلية هي روح الله الموجودة في كل المخلوقات، فتتراجع
المادة إلى خلفية فكره ويرى روح الله في ذاته وروح الله في عمله وروح الله في ما
يدركه، ويصبح كل شيء هو الله الذي يعمل من أجل الله، فيتوحد الوجود ويتوحد الإنسان
بالله. هذا هو التوحيد في الله الذي تدعو إليه جميع العلوم الدينية القديمة
والحديثة.
العقل يدرك(الله) بدئا من الداخل ام الخارج؟ايهما أسلم وانفع !
-
- عضو متميز فعال
- مشاركات: 5140
- اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
- البرج: الجوزاء
- الجنس: انثى
العقل يدرك(الله) بدئا من الداخل ام الخارج؟ايهما أسلم وانفع !
- سمفونية السمو
- عضو متميز فعال
- مشاركات: 226
- اشترك في: الأربعاء 8-5-2013 7:16 am
- البرج: الجدي
- الجنس: انثى
العقل يدرك(الله) بدئا من الداخل ام الخارج؟ايهما أسلم وان
بارك الله فيك غاليتي
تبارك النور القدوس الذي انبثقت به الحياة
-
- عضو متميز فعال
- مشاركات: 5140
- اشترك في: الأحد 16-7-2006 8:05 pm
- البرج: الجوزاء
- الجنس: انثى
العقل يدرك(الله) بدئا من الداخل ام الخارج؟ايهما أسلم وان
اهلا وسهلا بك اختي العزيزة
-
- المواضيع المُتشابهه
- ردود
- مشاهدات
- آخر مشاركة
-
- 2 ردود
- 627 مشاهدات
-
آخر مشاركة بواسطة ابو شمس المحسن
-
- 0 ردود
- 2065 مشاهدات
-
آخر مشاركة بواسطة اية